تنمية القدرات الزراعية
محمد صالح حاتم
الشعبُ اليمني شعبٌ عظيم وعريق، بنى أعظمَ الحضارات وشيد القصور والسدود، وله صولاتٌ وجولات في كُـلّ ميادين الحياه، بل إن أغلى ثروة يمتلكها اليمن هي الثروة البشرية.
الإنسانُ اليمني هو أصل البشرية ويمتلك من الخبرات والقدرات الكثير والكثير في كُـلّ المجالات، ومنها المجال الزراعي، والذي ارتبطت بهُـوِيَّته وتاريخه وحضارته، بل لقد أصبح لدى الإنسان اليمني موروث زراعي كبير، فالآباءُ والأجداد يمتلكون خبراتٍ ومعارفَ في الزراعة كبيرة جِـدًّا، وهي ما جعلت من اليمن البلدة الطيبة والعربية السعيدة، بفضل الخبرات والقدرات التي كان يمتلكونها، ولكن خلال العقود الماضية سعى أعداؤنا وعن طريق عملائهم إلى طمس الهُـوِيَّة الزراعية، عن طريق تدجين عقول الأبناء وإبعادهم عن الزراعة، وغزو العقول بثقافة الحداثة والتطور، وأن التقدم يعني ترك الأرض والاعتماد على الاستيراد، وقد ساعد في ذلك سياسةُ الحكومات بإهمال القطاع الزراعي وتهميشه، وإهمال الريف وانعدام الخدمات فيه، وهو ما ساعد على انتشار ظاهره الهجرة من الريف إلى المدينة وترك الأراضي الزراعية، فصلبت وجرفتها السيول، بل إن المزارع اليمني فقد الثقة في أرضه وفي الثروة الحيوانية المحلية، ورسم في مخيلته أن الأرضَ اليمنية لا يمكن أن تنتج قمحاً أَو شعيراً أَو ذرة، وأن البقرة اليمنية لا يمكن أن تعطي حليباً وسمناً والشاه وغيرها، وأن ما هو مستورد أفضل وأرخص وأسهل، حتى وصل بنا الحال إلى أن نستورد ما نسبته ٩٢ % من احتياجاتنا اليومية وبمبلغ يفوق خمسه مليارات دولار سنوياً يدفعها كُـلّ مواطن يمني يوميًّا لصاحب البقالة وتجمع وتسلّم للمزارع الصيني والتايلاندي والأمريكي والحبشي الهندي، رغم أن أرضنا تنتج كُـلّ شيء وبجودة تفوق كلما يتم استيراده من الخارج.
وما ينقصنا اليوم ليس الإمْكَانيات المادية فقط، رغم أنها أحد الأسباب في حدوث نهضة زراعية حقيقية، بل إن هناك سبباً آخر هو إعادة الثقة لدى المزارع اليمني بأرضه وثروته الحيوانية، فالمطلوبُ هو توعيةُ وإرشاد المزارع، وتعريفه بالطرق الصحيحة في الزراعة وكيفية الاعتناء بالمحاصيل، وإعادة إحياء الموروث الزراعي اليمني القديم، وبناء قدرات لدى المزارعين والشباب من خلال عقد دورات وورش عمل يستفيد منها الشباب والمزارعون في مجال الاستصلاح الزراعي وترشيد استخدام المياه في الري، وحماية المحاصيل الزراعية من الأمراض والآفات الزراعية، وكيفية انتقاء وانتخاب البذور وعملية الحصاد وتخزينها، والطرق الصحيحة في تربية المواشي، وإعادة بناء المدرجات الزراعية وغيرها الكثير من القدرات التي يمتلكُها الإنسان اليمني.
فالنهوض بالقطاع الزراعي مسؤوليةٌ تشاركيةٌ بين المجتمع الزراعي والدولة والقطاع الخاص.