المجتمع ودعمُ الصناعات العسكرية
منصور البكالي
المجاهدون في الحربِ الأولى باعوا ذهبَ وحُلِيَّ نسائهم وما يملكون من المواشي والسيارات لشراءِ السلاحِ والذخائر، فهل نحنُ بمستواهم لنبيعَ ذهبَ نسواننا وسياراتنا وما نملِكُ وندخِّرُ لدعم الصناعات الحربية التي هي مصدرُ عزنا وفخرنا؟!
يجب أن نستشعرَ المسؤوليةَ وَأن يحملَ كُـلُّ فردٍ منا هَمَّ أُمَّـة إن أردنا الفوزَ والفلاحَ والنصرَ المبين.
ولنا أن نتخيلَ لو تمكّن الغزاة والمحتلّون من دخول صنعاء وغيرها من المحافظات هل سيفيدنا ذلك المال أَو الذهب؟ هل سيرفعُ عنا الهزيمةَ ويجنبنا طغيانَ وجرمَ وظلم الغزاة؟!
لا ولا لن تجديَ كُـلُّ تجاراتنا وعقاراتنا وأرصدتنا نفعاً، بل ستكونُ مصدراً لشهية الغزاة ليحتلوا بيوتنا وينتهكوا حرمتنا..
أي واللهِ هذا ما حدث في العراق وغيرها وما يحدث في المحافظات والمناطق اليمنية المحتلّة اليوم.
العدوّ لا يخاف ولا يحترم الشعوب الثرية بل يخافُ الشعوبَ التي تملك قدراتٍ عسكريةً وأسلحةَ ردع استراتيجية.
وهذا ما نسعى لأن يمتلكه شعبُنا اليمني العظيم.
فما هو المانع من أن نساهم في امتلاك سلاح ردع استراتيجي يحفظ لنا كرامتَنا وحريتَنا وسيادتنا واستقلالنا؟
ما هو المانع من أن نحدّد يوماً وطنياً لدعم الصناعات العسكرية؟ لماذا لا ندعو المواطنين لوقف بعض من أموالهم وعقاراتهم لصالح الصناعات الحربية والعسكرية؟ ولماذا لا يناقش مجلس النواب وقفَ ممتلكات وعقارات الخونة والعملاء لصالح الصناعات الحربية؟!
ولهذا نؤكّـدُ على أن الشعوبَ والمجتمعات هي من تصنعُ المعجزات حين تتحَرّك بوعي وبصيرة وجهاد، ولنا من الثورة الإيرانية خيرُ دليل حين ثأرت على النظام المرتهِن للهيمنة الأمريكية، فالتفَّ الشعبُ حول القيادة وواجهوا الحصارَ والحرب منذ 1979م وإلى اليوم، ومع كُـلِّ ذلك تمكّن الشعبُ الإيراني من امتلاكِ كُـلّ وسائل القوة وعلى مختلف المستويات، وبات يُضرَبُ له ألفَ حساب.
وما تصاعد القلق الصهيوني والأمريكي وأدواتهم في المنطقة من الشعب الإيراني العظيم وقيادته الثورية إلا بسَببِ أنه استطاع أن يمتلكَ قدراتٍ عسكريةً وحربية بخبرات وأيادٍ وطنية.
وإذا ما صدقنا في الالتفاف حول قيادتنا الاستثنائية ودعم صناعاتنا العسكرية التي صارت اليوم مصدرَ رعب حقيقي للكيان الصهيوني المحتلّ، برغم الإمْكَانيات الشحيحة والفترة الزمنية الوجيزة لن يكونَ في قاموسنا شيءٌ اسمُه مستحيلٌ بل كُـلُّ شيء سيكون ممكناً.
وفي الأخير شعبُنا اليمني العظيم الذي ضحّى بماله وأبنائه لن يتردّدَ في التضحية بالقليل من ممتلكاته ليحفظَ بها كرامتَه وسيادتَه وحريتَه، فالأُمُّ التي ودعت فلذةَ كبدها وسيّرت في ذكرى استشهاده قافلةً لرفد الجهات هي مدرسةٌ في الصمود والتضحية والتحدي، والأبُ الذي احتضن ابنَه الشهيد على صدره وهو يقول: يا الله تقبل وإن كان هذا يرضيك فخُذْ حتى ترضى، فأرسل بعدَه إخوانَه صوبَ الجبهات وتحَرّك معهم، وكان نموذجاً في التضحية والعطاء، ويعتبر مدرسةً أُخرى عززت الصمودَ والثباتَ وزادت أبناء شعبنا اليمني وعياً وبصيرة وحبًّا للشهادة في سبيل الله.
وأمام هذه المشاهدِ لا يمكننا إلا أن نقول: إن دعم الصناعات العسكرية مسؤوليةُ الجميع، ونحن على ثقة عالية جِـدًّا بأن شعبنا لن يتردّد في ذلك، وسنشهد في قادم الأيّام قوافلَ ماليةً خَاصَّةً بذلك.
وإنشاءُ الهيئة العامة للأوقاف فرصةٌ لوقفِ بعض من أموالنا وعقاراتنا لصالح الصناعات الحربية، والبحث العلمي والتعليم الجامعي.
فبناءُ الأوطان وحمايتُها ونهضتُها العلميةُ مسؤوليةُ الجميع، وسيعيشُ أبناءُ شعبنا اليمني ثمرةَ أموالهم الموقوفة لهذا الجانب البالغ الأهميّة نصراً وعزةً وفخراً وحريةً واستقلالاً.