ائتوني بمثله فيكم وسأعلن انضمامي إليكم
د. حمود الأهنومي
مَن هو؟ إنه سيــدي القـائد العَلَم..
كلما استمعتُ لمحاضراته وخُطَبِه المعلَنة وغير المعلنة أسألُ نفسي:
– هل هذا الرجلُ واعظٌ مفوَّه؟
فأقول: لا..؛ لأَنَّه أكثرُ من واعظ، وهو رجل قول وعمل، ويقود مشروعا مناهضا لأقوى دولة متغطرسة.
– هل هو فيلسوف بين يديه المعلومات المتدفقة التي يستخلص منها آراءه الكلية وتقييمه الشامل؟
فأقول: لا.. فالفلاسفة كانوا يخيطون رؤاهم ويبنون فلسفاتهم في بيئات هادئة بعيدًا عن الواقع وصخب أحداثه، وهذا الرجل في خضم الضوضاء وبين غبار الحروب لم ينفك عنها.
– هل هو مفكر؟
فأجيب: لا.. فكثيرٌ ممن يسمونهم (مفكرِّين) انتهى بهم الأمرُ في شققٍ متنائية ومكاتبَ خافتة، لم تحَرِّك شيئاً وراء بابها، إلا ببعض الكتب والمؤلفات التي لم تهتدِ إلى الواقع في ورد ولا صدر.
– هل هو مفسر؟
فأقول: لا..؛ لأَنَّ المفسرين يضعون تفاسيرَهم في كتبهم وينتهي جهدهم هناك، لكن جهد هذا الرجل يفسر النص القرآني في قالب عملي واضح، في قيمة، أَو سلوك، أَو مشروع، أَو موقف، أَو اتّجاه.
– هل هو مؤرخ؟
فأقول: لا..؛ لأَنَّ المؤرخين يضعون خلاصاتِ دراساتهم وأبحاثهم أمام صُنَّاع القرار، والأحداث، وهذا الرجلُ هو من يضعُ خلاصاتِه التاريخيةَ في جدول الأعمال، وحيثيات القرارات، وفي مقدمات الأحداث الكبرى.
– هل هو فقيه؟
فأقول: لا.. فالفقيهُ مَن يستنبطُ الأحكام الشرعية ليجيب عن فتوى، أَو ليصدر حكمًا شرعيًّا في قضيةٍ من القضايا، لكن هذا الرجل يعمل هذا، ليس فقط في مجال الفقه، بل في كُـلِّ شؤون الحياة ومجالاتها.
– هل هو سياسي؟
فأقول: لا..؛ لأَنَّه أكثرُ من ذلك، ويمارِسُ السياسةَ على أصولها الشرعية، وبحسب تعريفها في الإسلام، وليس على أَسَاس التعريف الوصولي الانتهازي بأنها (فنُّ الوصول إلى السلطة)، وشاهد الحال والمقال يقول: بأنه من أعظم ساسة العصر الحديث.
– هل هو قائدٌ عسكري محنك؟
فأقول: لا.. فالقادة العسكريون مستغرَقون في معاركِهم وخططهم وجبهاتهم، لكن هذا الرجل يقودُ الأُمَّــةَ عسكريًّا، وعنده من الطاقة ما يمكِّنُه من قيادة الأُمَّــة في مجالات أُخرى لا تقلُّ أهميّةً عن الجانب العسكري، وكَثيراً ما ينبهر العسكريون بآرائه وخططه الفذة.
– هل هو أمني؟
فأقول: لا.. بل هو أمني وزيادة، وقد شهد له الأمنيون أنهم إذَا ما تحَرّكوا بحسب توجيهاته فَـإنَّهم يجدون فيها النجاح العظيم والسداد العجيب.
– هل هو.. هل هو؟
لا لا.. إنه أكثرُ من ذلك.
– إذن أي رجل هو؟
إنه كُـلُّ ذلك، وأكثر من ذلك.
إنه قائدٌ ربَّانيٌّ ينطلِقُ من هدي القرآن، ويتحَرَّكُ بحركة القرآن في جميع جهوده ومحاضراته ونشاطاته، فكان العالِمَ الموسوعي، والمفكرَ العميقَ، والمنظِّرَ المُصيبَ، والمؤرخَ الحصيفَ، والعسكري الفذ، والأمني الحازم، والعالِمَ المجاهدَ، والمفسِّرَ العملي، والهاديَ للأُمَّـة إلى سبيل رشدها، وطريقِ مجدها، ومرشدَها إلى مسالك قوتها وطرق حضارتها.
إنه قائدُ الأُمَّــة الذي هيّأه اللهُ لهذه المرحلة والتي يقودُها بكل نجاح بتوفيق الله وعونه وسداده.
وأنتم يا مرتزِقةَ الجن كونوا ظهيراً لبعضِكم ثم أعطوني محاضرةً واحدةً لدنبوعكم [بتُقُدُّمه وتُطُوُّره]، أَو حتى زندانيكم بإعجازه وأعجازه، أَو مَن شئتم منكم، فيها من الهدى القرآني ما في محاضرات قائدنا، وسأُعلِنُ أنني معكم.
دعوا زندانيكم يخرج إلى العلَنِ ليلقيَ محاضرةً قرآنيةً على هذا الشكل.
لا يستطيعُ، ولا يجرؤ، وفي كُـلِّ ذلك دليلٌ على إفلاسكم.
قلتُ لكم: محاضرة فقط، ولم أقل لكم بعضاً من صفات قائدنا، ولا مجموعها.
إذن فأين يُتاه بكم أيها الزائعون؟
(فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ).