المتحدث باسم اللجنة العليا للمنظومة العدلية العقيد نجيب العنسي في حوار مع صحيفة “المسيرة”:
النظام السابق تعمد أن يجعل مسألة بيع وشراء العقارات بشكل فوضوي حتى يسهل على رموزه نهب أراضي وممتلكات المواطنين
الكثير من رجال الأمن سقطوا شهداء أثناء تدخلهم لفض نزاعات الأراضي
الناس لمسوا مخرجات اللجنة العدلية وأدركوا أنها ليست مسألة إجراءات أَو شكاوى ترمى في الأدراج
من الآن فصاعداً ليس بالإمْكَان استمرار تحرير الوثائق العقارية من قبل أشخاص غير متخصصين
هناك فوضى وتلاعب كبير في تزوير الوثائق العقارية منذ ٥٠ عاماً وسنحيل الأمناء المتورطين إلى العدالة
المسيرة _ حاوره محمد الكامل
أكّـد المتحدثُ باسم اللجنة العليا للمنظومة العدلية، العقيد نجيب العنسي، تشكيلَ لجان متخصصة لمتابعة قضايا تزوير الوثائق ونهب أراضي الناس وفتح باب الشكاوى ضد أي أمين شرعي أَو غير شرعي وإحالة مَن ثبت تورطُهم للإجراءات القانونية.
وقال العنسي في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة”: إن هناك فوضى وتلاعباً كبيراً في تزويرِ الوثائقِ العقاريةِ على مدى الخمسين سنة الماضية، منوِّهًا إلى وجودِ إجراءات كثيرة اتُّخذت لرفع وتيرة التنسيق بين المنظومة العدلية وباقي القطاعات لتصحيح المسار والارتقاء بشكل كامل.
الى نص الحوار:
– بدايةً نُرَحِّبُ بكم في صحيفة المسيرة.. لو تحدثونا عن أسبابِ تشكيل اللجنة العدلية العليا، وما طبيعةُ مهامِّها؟
في الواقع، لقد جاء إنشاءُ اللجنة العليا للمنظومة العدلية؛ نظراً لتراكم المشاكل المتعلقة بالعقارات والأراضي، وهي مشاكلُ ليست وليدةَ اللحظة، وإنما هي منذ فترة طويلة، فالنظامُ السابقُ تعمَّد أن يجعلَ مسألةَ بيع وشراء العقارات والتوثيق بشكلٍ فوضوي حتى يسهُلَ على رموز ذلك النظام نهبُ الأراضي وممتلكات الناس، فتراكمت مشاكلُ الأراضي، حَيثُ نهبت الأراضي الخَاصَّة من جانب، وكذلك أراضي الدولة مثل أراضي الأوقاف أَو أراضي ومساحات الدولة.
وبالرغم من أن مشاكلَ الأراضي هي مشاكل مدنية، أي ليست من مهام الشرطة، فالشرطة تتدخل في القضايا الجنائية وهو ما حصل في قضايا الأراضي، فمع ازدياد مشاكل الأراضي وحدوث الصراعات المسلحة فيها بشكل كبير، تحولت إلى قضايا جنائية، وهو ما ينهك الجانب الأمني أَيْـضاً فتضطر الجوانب الأمنية للتدخل، حَيثُ سقط الكثير من الشهداء في الجانب الأمني أثناء تدخلهم لفصل النزاعات، كما أن مشاكلَ الأراضي كانت تمثل عبئاً على القضاء، حَيثُ يتأخر الفصل في هذه القضايا وتتراكم لسنوات، فيصبح هذا النوع من القضايا معضلة، لكن عندما تم تشخيص المشكلة وجد أن سببها كان في توثيق المحرّرات العقارية وَتحرير وثائق بيع وشراء العقارات، ووجد أنه كُـلّ من شاء يحرّر وثائق يحرّر، حَيثُ وجدنا مدرسين وأمناء غير شرعيين وقضاة ومحامين، كُـلّ واحد يحرّر وثائق بيع وشراء الأراضي بدون وجه حق أَو باختصاص وبدون اختصاص.
– ماذا عن المهام وطبيعتها.. ما هي مهام اللجنة العليا للمنظومة العدلية، وكيف تعاملت مع كُـلّ هذه الفوضى الحاصلة التي أشرتم إليها؟
نعم فقد أنشئت هذه اللجنة لوضع حَــدٍّ لهذه المشاكل، مشاكل العقارات تحديداً، وبالنسبة للمهام كانت أول مهمة هي حصر الذين يحق لهم تحرير الوثائق العقارية، حَيثُ صدرت أوامر من يباشر بتحرير الوثائق العقارية بدون صفة قانونية مع الإشارة إلى أن هناك مجموعة كبيرة جِـدًّا من المزورين ومن ينتحل صفات الأمناء غير الشرعيين، إلى جانب هناك أَيْـضاً البعض لديه صفة أمين شرعي ومصرح له من وزارة العدل ولكنه استغل هذه الصفة في تزوير الوثائق العقارية ونهب أراضي الناس.
ولذلك ومن هذا المنطلق فتحنا أبواب الشكاوى للناس في هذا الخصوص ومن قدم شكوى ضد أمين شرعي أَو منتحل الأمين الشرعي تصدر التوجيهات بضبطِ كُـلِّ هؤلاء ووضع حَــدٍّ لعبثهم، ومن ثم ما هو موجود في القضاء من قضايا تستمر، هي لا تنافي عملَ اللجنة، هي فقط جاءت لإيقاف عبث وفوضى تحرير بيع وشراء العقارات.
– تحدثتم عن فتح أبواب الشكاوى.. ممكن توضح لنا أكثر حو ل آلية الشكوى وتنظيمها؟
نعم، أولاً حُدّدت لجانٌ لاستقبال الشكاوى في أمانة العاصمة وفي محافظات صنعاء وإب والحديدة وعمران وذمار، حَيثُ استقبلت الشكاوى من أصحابها ويُطلب منهم أن يقدموا وثائقهم التي تثبت صحة شكواهم، كأن يقدم البصيرة أَو الوثيقة التي تثبت ملكيته لهذه الأرض وضد من يوجه هذه الشكوى، وَإذَا وُجهت ضد أمين شرعي آخر كان يطلب من الأمين الشرعي تقديم الوثيقة التي لديه ويتم عرض الوثيقتين للبحث الجنائي، لبيانِ أيٍّ منهما الحقيقي وأيهما المزور، وبعد ثبوت مجموعة كبيرة من الوثائق أنها مزورة يتم ضبط من قام بالتزوير وإحالته للإجراء القانوني، وبعد ذلك يتم إعادة الأراضي لأصحابها؟
– أعلنت اللجنة المشتركة الخَاصَّة بالأمناء والمزورين مؤخّراً أنها ستقوم بإعادة بعض الأراضي لأهلها والتي استُحوذ عليها بالتزوير والنهب والاحتيال.. حدثونا عن أبرز الأراضي التي تم إعادتها إلى أصحابها.. وَكيف كان شعور المواطنين؟
فعلاً، بعد استقبالِ الشكاوى والنظر إليها وإحالة الوثائق للأدلة الجنائية لمعرفة ما كان منها مزوراً وحقيقياً استطعنا تشخيص ومعرفة مَن هم، وَالذين يجب البتُّ في شكاواهم ويتم البد فيها بشكل سريع.
أما بالنسبة للأراضي فأبرز ما تمت إعادته من أراضٍ لمواطنين فهي مجموعة في حدود 5 أَو 6 في أمانة العاصمة ومساحات كبيرة وفي ذمار وفي إب، وقريباً ستتم إعادة أراضٍ في مناطقَ أُخرى كدفعة قادمة، وفعلاً الناس لمسوا مخرجات هذه اللجنة بأن المسألة ليست مسألة إجراءات أو شكاوى ترمى في الأدراج ولا يلتفت إليها، بل هناك إجراءات تنفيذية، حَيثُ وجدوا بأن اللجنة تقوم بعمل جاد فعلاً وتعيد الحقوق إلى أصحابها، وهذا عكس انطباعات جيدة لدى المواطنين ليس فقط أصحاب الشكاوى بل المواطنين بشكل عام.
– تعتبر مشاكل الأراضي من أبرز المشاكل التي تؤرق الأجهزة الأمنية.. إلى أي مدى خفت وتيرة هذه الإشكاليات مع إنشاء اللجنة؟
تشكيل اللجنة كان حَـلًّا جيدًا؛ نظراً لكثرة مشاكل الأراضي كما قلنا وهي مشاكل مستديمة، وقد جاءت توجيهات القيادة الثورية بوضع حَــدٍّ لها وَالمجلس السياسي تكفل بوضع حَــدٍّ لها، وكان الأُستاذ محمد علي الحوثي هو رئيس اللجنة العدلية المشكّلة من وزارتي العدل والداخلية بعضوية من وزارة الأوقاف، ولكن وزارة الأوقاف أصبحت طرفاً مشتكياً؛ نظراً لأَنَّه نُهبت أراضيها، وهي كذلك هذه الإجراءات التي اتخذتها هذه اللجنة ووضعت حداً لهذه المشاكل، يعني من الآن فصاعداً ليس بالإمْكَان استمرار تحرير الوثائق العقارية من قبل أشخاص غير مختصين، وبالتالي خفت المشكلة الآن وَالأجهزة الأمنية تتعامل فقط مع القضايا السابقة ولم تعد تستقبل مشاكلَ، بِمعنى لن تتراكم المشاكل أَو القضايا من جديد.
– مرحلة تصحيح أَو ما يمكن تسميته غربلة الأمناء.. إلى أين وصلتم في هذا؟
من خلالِ لقاءات اللجنة مع وزارة العدل وتحديداً قطاعات التوجيه في وزارة العدل فتحت السجلات وتم تحديد مَن هم المختصون بتحرير الوثائق العقارية، أَيْـضاً رفعت وزارة العدل كشفاً كاملاً بمن يجب ضبطهم ممن يباشرون تحرير العقارات وليست لهم صفة أَو انتهت تراخيصهم، قدّمنا لكم نسخةً منه، ومن ثَم أعلنت وزارة العدل أنه على من يريد أن يعمل في مجال تحرير الوثائق العقارية يتقدم ويسجّل لدى وزارة العدل. وَإذَا وجدت فيه الشروطَ المطلوبةَ يُمنح التصريح، وتم منعُ أي شخص أَو أية جهة، حَيثُ كان القضاة يقومون بتحرير البصائر والوثائق والآن أصبح ممنوعاً إلَّا لمن هم فقط مسجلين كأمناء شرعيين في وزارة العدل.
– ما الإجراءاتُ التي سيتخذها الأمناء الجدد في ما يتعلق ببيع وشراء الأراضي.. وكيف ستتعاملون مع بقية الأُمناء غير المعتمدين؟
الأمناءُ غيرُ الشرعيين تم ضبطُهم، وأُخذت منهم الأختامُ والسجلات، ومن ثبت أنه قد تلاعب وأسهم في ضياع حقوق الناس تمت إحالته للقضاء مباشرةً واتِّخاذ كُـلّ الإجراءات القانونية بحقه، ومَن لم يثبت أنه زوّر وثائق وكان له يد في ضياع حقوق الناس وأخذ أراضيهم وعقاراتهم أخذ عليه التعهدات اللازمة والضمانات بعدم مباشرة تحرير الوثائق العقارية ومن ثَم يُفرَجُ عنه.
– ما هي إجراءاتُكم في قضايا الأراضي الخَاصَّة بالوقف؟
تم حصرُ أملاك الوقف، وكان لوزارة الأوقاف عضوٌ في اللجنة، وقدمت وثائقها عن أراضي الوقف والأراضي التي تعرّضت للنهب وهي كثيرة، ولك أن تتخيل أن هذه الأراضي تُنهب منذ خمسين سنة، وقد أصبحت بعضُها بناياتٍ وتمت استعادة عددٍ كبير منها، وما زالت اللجنة تعملُ على استعادة بعضِ أراضي الأوقاف.
– ما هي المعوقاتُ والمشاكلُ التي تواجهونها في هذا الجانب؟ وكيف تتم عمليةُ التنسيق والتعاون بين اللجان العدلية والسلطة القضائية والأجهزة الأمنية؟
هناك تعاونٌ من كُـلّ الجهات المطلوبة، وأبرز تعاون هو من المواطنين، ونرجو أن يكونَ لديهم وعيٌ بأهميّة عمل اللجنة العدلية العليا بأنها تثبّت قواعد مستديمة سيُبنى عليها، وتضمن عدم ضياع حقوق الناس وعدم استمرار نهب الأراضي. وهذا هو العنصرُ الأهمُّ في عمل اللجنة.
أما بالنسبة للجهات الرسمية فهنالك تعاوُنٌ وتنسيقٌ من جميع الجهات في وزارة العدل والقضاء والنيابة العامة ووزارة الداخلية وهي الجهات التي تتكون منها اللجنة العدلية العليا.
– كيف يمكن برأيكم الرفع من كفاءة العمل القضائي والارتقاء بأداء منظومة الأجهزة العدلية وضمان سرعة إنجاز قضايا المواطنين؟
إجراءات كثيرة اتُّخذت لرفع وتيرة التنسيق بين المنظومة العدلية التي هي وزارة الداخلية ووزارةُ العدل، وهنالك لجان مستمرة ولقاءات بين النيابة العامة ووزارة الداخلية لتحديد المشكلات ووضع الحلول لها، وقد أصبح التنسيق ممتازاً جداً، حَيثُ يتم تلافي كُـلّ المشاكل التي بين النيابة والداخلية ومختصي الضبط القضائي وقد تم تجاوزها، والنائبُ العام يعمل مع وزير الداخلية ووزير العدل دائماً باستمرار، هم في لقاءات لأجل وضع الحلول وتحسين أداء المنظومة العدلية.. المنظومة العدلية هي الداخلية والنيابة والقضاء وهي نفسها جهات عضوية اللجنة العدلية العليا، كما أشرت سابقًا.
– فيما يتعلق بأمناء السر.. إلى أين وصلتم في هذا؟
بالنسبة لأمناءِ السِّرِّ في المحاكم والكتاب، إذَا كانت هناك إشكالية داخل وزارة العدل والنيابة فهم يسعون لحلها. فهذا أمرٌ خاص بوزارة العدل وليس باللجنة، فاللجنة العدلية لها مهامٌّ محدّدة وهي مشكلة الأراضي ومشكلة تزوير الوثائق العقارية.
– كيف تنظرون كلجنة عدلية إلى مسألة إصلاح القضاء.. ما الطريقةُ الأنسب لذلك؟
ذكرنا أن هناك إجراءاتٍ يقوم بها وزير العدل والنائب العام لإصلاح القضاء. ونشير هنا إلى أنه تم إقالة الكثير من القضاة، كما أن التفتيش القضائي يعمل باستمرار على ملاحقة من يسيء للقضاء والنيابة العامة. ونعمل جاهدين لضبط المنظومة العدلية وتوحيد الجهود، واليوم أكملنا الاجتماع قبل ما التقي بك بنصف ساعة، وبالتالي أعتبر هذا سبقاً خاصاً لكم “صحيفة المسيرة”، اليوم نزلت لجانٌ لتصحيح المسار والارتقاء بشكل وعمل القضاء والمنظومة العدلية بشكل كامل بعمل ورشاتِ تأهيله وتوعوية قانونية وأمنية للجانب الأمني والقضائي في ست محافظات، منها محافظات إب وتعز والبيضاء والتي ستمر إلى المحافظات المجاورة كامل.
– فيما يتعلَّقُ بقضية اختطاف رئيس نيابة عمران، هل تم القبضُ على المختطفين الذين اعتدوا على السلطة القضائية؟
هم مجموعةٌ لم تعجبهم إجراءات النيابة، فقاموا بالاعتداء على وكيل النيابة. وَتم ضبطُهم وكانت خلافات شخصية.
– كلمة أخيرة؟
أُوَجِّهُ شُكري لكم ولرجال الأمن والقضاء على جهودهم الكبيرة، كما أُوَجِّهُ شُكري لأعضاء اللجنة العدلية وأعضاء النيابة والقضاة المتعاونين الذين أنجزوا في مجالِ أعمال اللجنة.
وهذا إنجاز يكتُبُه الله عنده، ويشهد به الناس، كما أدعو وسائلَ الإعلام لإبراز نجاحاتِ اللجنة العدلية؛ لأَنَّ هذا النجاحَ أغاظ العدوَّ، ما جعله يحوِّلُ عملَه إلى شائعات وافتراءات.