يمنُنا لا يحمل هُـوِيَّتين..!!
دينا الرميمة
يقولُ الآباء والأجدادُ حول جمعة رجب أنها كانت تعد بمثابة عيد ثالث يضاف إلى قائمة أعيادهم الدينية (عيد الفطر وعيد الأضحى)، فكانوا فيها يحتفلون وَيلبسون الجديد ويزورون الأرحام وتقام فيه مجالس الذكر والتسبيح.
باعتبار أن هذا اليوم مَنّ الله فيه على أهل اليمن بأفضل نِعمة وهي نعمة الإسلام حين دخلوا في دينه على يد مبعوث النبي إليهم الإمام “علي عليه السلام” فاستجابوا لدعوة النبي الكريم الذي لم يجد ما يمنحه لهم من شدة فرحه بإسلامهم إلا أن خر ساجداً ثم قال (أتاكم أهل اليمن أرق قلوباً وألين أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية)، فكانت تلك منحة عظيمة لأهل اليمن أن توَّجـهم بالهُـوِيَّة الإيمانية والتي بالفعل حملها اليمنيون كأفضل ما يجب، وكان لهم دورُهم البارزُ في تأسيس الدولة الإسلامية ابتداءً من مبايعة الأوس والخزرج للنبي في بيعتَي العقبة الأولى والثانية ومن ثم احتضانهم للرسالة في المدينة المنورة، أضف إلى إسلام اليمن بالكامل في وقت كان نبي الإسلام بأشد الحاجة إلى مناصرين فاشتد عضدُ الإسلام بهم وكانوا مع النبي في كُـلّ معاركة ضد الكفر حتى اتسعت رقعة الإسلام في كُـلّ أصقاع الأرض.
وظل اليمنيون يحيون ذكرى إسلامهم كموروث ديني وعقائدي حتى جاءت فترة من الزمن لوحظ فيها غيابُ إحياء هذه المناسبة وغيرها من المناسبات الدينية، وهذا بلا شك لم يكن محظ صدفة أَو سهو منهم إنما كان أمرا مخطّطا له من قبل الوهَّـابية التي بدّعت وجرّمت كُـلّ من يحيي المناسبات الدينية!!
واستطاعوا أن يلوثوا عقولنا ببعض زيفهم وبمكرهم وكدنا أن نضل الطريق السوي ونفقد هُـوِيَّتنا الإيمانية تحت تأثير ثقافاتهم التي غزت مناهجنا وواقعنا المحيط بنا.
لكن سرعان ما تدارك اليمنيون ذلك بفضل من الله وبفضل أعلام الهدى من آل البيت وعلى رأسهم السيد “حسين سلام ربي عليه”، حَيثُ كان له الدور البارز في استنقاذ هُـوِيَّتنا الإيمانية بل لإنقاذنا نحن من بين براثن الهُـوِيَّات الدخيلة على مجتمعنا الإسلامي ومن خطر العلمانية، ومن ثم جاء دور “السيد عبدالملك الحوثي” الذي جسد الهُـوِيَّة الإيمانية بكل معانيها ولا يزال في كُـلّ محاضراته وَخطاباته مذكراً بها مجدّدًا وممحصاً لها من الشوائب التي رانت على قلوبنا، وبفيض من كلماته التي تجدد الروح الإيمانية في خوالج صدورنا، وقد تجسد ذلك فينا من خلال واقعنا الذي نعيشه طيلة ست سنوات من العدوان على اليمن كيف انطلقت الروح الجهادية بين أوساط اليمنيين دفاعاً عن دينهم وعرضهم وعن أرضهم بكل تضحية وإباء وثقة بما عند الله من نعيم لا ينفد وبالرغم مما دخل به العدوّ من قوة حشد لها من كُـلّ بقاع الأرض سلاحاً وجنداً إلا أن اليمنيين كانوا لها بالمرصاد بقوة إيمانهم وخارت قوى العدوّ وهذا حشده راكع تحت أقدامهم.
وها هو يلفظ أنفاسه الأخيرة وقريباً سيعود أدراجَه حاملاً معه كُـلّ خيباته وفشله في الأرض اليمنية التي لا تحمل هُـوِيَّتين ولا تقبل إلا أن تكون يمانية إيمانية.