حتى يتمَّ إنقاذُ مأرب
جمال عامر
تزدادُ حدةُ المواجهات ضراوةً في مأرب في ظل اقتراب قوات صنعاء من تخومِ عاصمتها، ومع إيماني بأن أي دم يمني يُراقُ يعد خسارةً وطنية فادحة إلَّا أنه مع ذلك يتم القفزُ على حقائق وأسباب ودواعي صنعاء في إيصال الحرب إلى مرحلة الحسم، والذي يعد من أهمها:
– أن مأرب لم يسمحْ لها التحالُفُ السعودي الإماراتي أن تكونَ أرضاً يمنيةً محايدة ومعافاةً تخلق وترعى فرصَ السلام.
– وبدلاً عن ذلك، تم إقحام كثير من أهلها بالترغيب والترهيب ليصبحوا بنادقَ حرب وبلادهم محطة إعداد وانطلاق لقوات أجنبية لتدميرِ عاصمة اليمن التأريخية وإسقاطها.
– بعد أن تبنّت الرياضُ سياسةَ “فَرِّقْ تَسُدْ”؛ بغرض إحكام سيطرتها على المحافظة، من خلال إذكاء الصراعات الحزبية والثارات القبلية وخلق الشكوك بين المشايخ والوجاهات من جهة، وبين القيادات العسكرية، ما جعل المحافظة بكاملها أشبهَ بصندوق بارود قابل للانفجار في حال تبدت عواملُ استقرار مترافقة مع بوادر تمرد له طابع وطني.
– رفض النظام السعودي بعد أن استحسنها مشايخُ مأرب بنودَ مبادرة قدمتها صنعاءُ لتجنيب نقل المواجهات إلى محافظتهم، مع أن مطالبها ذات طابع حقوقي مشروع، تتمثل بتأمين المسافرين عبرها، وعدم الاعتداء على من هم من ساكنيها، وَأن لا تكون من ضمن آليات الحصار الاقتصادي السعودي على اليمنيين.
– ولذا فَـإنَّه من بديهيات العقل والمنطق أن لا ينتظر أبناء صنعاء وبقية المحافظات جحافلَ الغزو حتى تدُقَّ أبوابَهم لتلحق بأمثالها المحتلّة عدن والمهرة وسقطرى وغيرها -وهذا التوصيف ليس لي وإنما لمن هم أدوات للتحالف وقاتلوا تحت لوائه-.
وكنتيجةٍ لما سبق فَـإنَّ دعواتِ المبعوث الأممي والأمريكي أَو حتى التهديدات الدولية لمنع دخول مأرب ستظلُّ فاقدةً للمعنى وللجدية ما لم يتم تضمينُ حلولٍ واقعية للأسباب التي لأجلها تم الاضطرارُ لاتِّخاذ قرار نقلِ المواجَهةِ والتي يُفترَضُ أن تبدأَ من توجُّـه المجتمع الدولي لتبني قرارات تقضي بإخراج القوات القادمة من خارج حدود اليمن ومن خارج محافظة مأرب وتسليمها لأبنائها جميعاً، وفق آلية يتم الاتّفاقُ عليها ومساعدتهم في اختيار سُلطتهم المحلية البعيدة عن أية هيمنة داخلية أَو خارجية لتصبح تجربةً ونموذجاً لحُكمٍ محلي محايد يعملُ كمساعدٍ على تقريب وجهات نظر الأطراف؛ لتحقيق السلام الشامل.