مرتزقةُ الدقائق الأخيرة..!!
حلمي الكمالي
كتب التحالفُ السعودي الأمريكي نهايتَه منذ الوهلة الأولى لهذه الحرب، ولاحقاً أقر على مدى السنوات الست الماضية بعجزه الدائم على تسلُّقِ تبة صغيرة في شِعاب الجوف أَو الحفاظ على مِترس إسمنتي لجنوده في جبال عسير.
هذا الفشل الواضح على استحياء ظهر مؤخّراً عندما أدرك العدوّ قرب نهايته وسحب آخر دبابة من تداوين إلى منفذ الوديعة وترك مرتزِقته يذوقون أهوال الفواجع والموت من فوهة بندقية أبطال الجيش واللجان على أسوار مدينة مأرب قبل أن يبقى صامتاً أمام الضربات الصاروخية الموجعة التي يتلَّقاها علناً في العمق ويُوجعها سراً بشكل شبه يومي في الأسابيع الماضية.
بقرةُ التحالف الأرعن تجهّز لحزم حقائبها للرحيل خائبة بعد سبع سنوات عجاف، تاركةً كُـلَّ ما حملت من روث ومرتزِقة وأحقاد، بالإضافة إلى كتل غباء بشرية بأحجام متفاوتة وأسماء مختلفة!
ولأن مأربَ هي آخر مشهد لغرف عمليات العدوّ ومركز المال والثروة التي تجثم عليها جميع القوى العدوانية والاستعمارية جمع العدوّ تناقضاته ودفع بأبواقه دفعةً واحدةً للخَلاص من عبئها؛ لتخرج كما تخرج الجرذان من جحورها تلقف الأكاذيب وتقذف العيبَ كعادتها لكن بشراهة مقيتة هذه المرة.
حشدت صنعاء قواتها وأخلاقها ونادت من على أسوار مأرب باسم اليمن والإيمَان، ومضت في تحريرِ الأرض من الغزاة لم تستهدف بريئاً ولم تحرق شجراً حتى أن ترسانةَ العدوّ الإعلامية عجزت عن عرض صورة واحدةٍ لآلاف الشائعات التي تطلقها بين اللحظة والأُخرى، بينما حشدت أبواقُ العدوّ رصيدَ الخزي والعار والهوان والحقد، مستهدفة كُـلّ قيم ومبادئ المجتمع اليمني، تارة تتهجم على القبيلة اليمنية، وتارة تشوه تاريخ البلد السعيد، وفي كُـلّ مرة تعوي بها الأبواق تسيء لكل اليمن.
لا يمارس كُـلّ هذا القبح إلا من استلذ العبودية واعترته المذلة.. ولكن ما أكبرَ اليمن وما أقزمَ العملاء!
في المشهد العام.. لا يشكِّلُ عملاءُ تحالف العدوان أيَّ ثقل حقيقي لمجمل المعادلة السياسية والعسكرية القائمة حتى في أجندات العدوّ غير أنهم أرقامٌ عابرة في إحصاءات الهلكى وطوابير الحوالات البنكية.
إلا أنهم يكرّسون خطيئةً كبرى تعبث بتوازُنِ الكُرة الأرضية بين الحين والآخر؛ لما تمارسه من عبودية مطلقة لعدوٍّ أرعنَ يقذفُ كُـلَّ صنُوف الإذلال على رؤوسها.
خلال الحرب، نهب العدوُّ أموالَ اليمنيين وثرواتهم، وفي الطريق لمغادرته سلب عقول مرتزِقته لتصبح منتهية الصلاحية وغير صالحة للاستعمال.
صدأ فكري يسرحُ بالمرتزِقة إلى أبعد من ذلك.. تمعنوا في التالي:
مشاركة واشنطن وتل أبيب في العدوان على اليمن لم يعد خفياً على أحدٍ، وقد أقرت أمريكا رسميًّا بمشاركتها في العدوان على اليمنِ عندما أعلنت وقف الدعم العسكري واللوجستي للتحالف قبل أَيَّـام.
الأوساطُ الأمريكيةُ نفسُها تقرُّ بذلك، حَيثُ اعترف سياسي أمريكي مشهور -لا أتذكر اسمه- في مداخلة مع قناة الحدث السعودية مؤخراً، أن أمريكا استخدمت كُـلّ الطرق والوسائل بما فيها العسكرية لإرضاخ “الحوثيين” لكنها فشلت!
تخيَّلوا أنه بالرغم من ذلك، يأتي المرتزِقة المستجدون ممن تقذف بهم آلة الزيف السعودية قبل وداعها الأخير لندب عثرتها على أن واشنطن لا تشاركُ في هذا العدوان وأنها إذَا ما أرادت ستمنع دخول قوات الجيش واللجان مدينة مأرب، متناسين كُـلّ الأحداث السابقة وكل شيء بشكل يستدعي السخرية!
والحقيقة أن مستوطنات التحالف التي يرابطون خلفها، يتجول فيها الأمريكيون والإسرائيليون بحرية أكثر من شعوبها..
ولكن العبد الواقف داخل جماجم هذه الأرجوزات ليس هيناً وحسب بل غبي بما فيه الكفاية.
ضلال وغباء أبواق الرجعية الآفلة التي تغتسل بالنفط وتشرب الدم الناقع من بلاط الأمراء لم تلوث الحياة وحسب بل نخرت الأسماع!
يقول الله عز وجل في كتابه العزيز:
(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ، أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) سورة الأعراف_ الآية (179) صدق الله العظيم.
قبل أَيَّـام قال شاهد عيان في إحدى الجبهات على أسوار مدينة مأرب: إن أبطال الجيش واللجان الشعبيّة غيّروا قوانين حركة الجاذبية هناك، إذ شوهدت أشلاء عربات ومجنزرات العدوّ بحملها تتطاير في الهواء ولا تعود إلا ذراتٍ مبعثرة.
على طول الخارطة في معارك مأرب الأخيرة.. اختفت كتائبُ وألويةٌ تم إعدادٌها لسنوات طويلة بلمح البصر!
هذه الفظاعة بلا شك النهاية المتوقعة للخونة والعملاء ولا نهاية مستحقة لهم غيرها بتلك السواد.
هذه الأرض الطيبة لن تتسعَ إلا لمن يستحقُّها ويدافعُ عنها ضد الغزاة والمحتلّين وليست هذه فرضية من مكائد الحرب والسياسة بل هذه سنن الله في أرضه وسنن التاريخ.
كيف ستغفر الأرض لمن كان يزغرد لمغتصبيها ويقبل كُـلَّ صاروخ تطلقه على رؤوس الأبرياء ويرقص على نحيب الأُمهات والأطفال.. ولا يزال يفعلُ ذلك حتى لحظات العدوّ الأخيرة؟!
على أية حال، لا تسقط الدول ولا تُهزم الحقائق بأقوال المهرجين.. الواقع اليوم تصنعُه البندقيةُ اليمنية وأقدامُ الحُفاة ومن خلفهم كُـلِّ يمني حر، وهي تمضي في تحرير كافةِ التراب الوطني المقدس وتدوس رايةَ العمالة والارتزاق التي تتشبث بوضعها المخزي بجلبابِ العدوّ حتى مغادرته!