” الأنا الأعلى” وأثرُه على واقع الأُمَّــة
منتصر الجلي
ما أسوأ الإنسان حين يخرج عن منطق الإنسانية والفطرة والحقيقة، وما أسوأه وهو يخطو على طريق الشيطان شعر بذلك أم لم يشعر، وقد جعل الله في البشرية فطرة الحقيقة وصبغها بالدين والتوجّـه الذي يصنعه الدين عبر التوجيهات الربانية والإرشاد الحكيم في كتبه وآياته.
ولكن من المخجل أن تطرأ عيوب شوها ذات سُفوح عوجاء بذرتها الحضارة العمياء اليوم والتشبع بنظريات “الأنا الأعلى” الذي سخط بكل جميل ومبدأ لدى الإنسان خُصُوصاً في عصر وحال الواقع، لم تترك الثقافة المكتسبة أية سماحة للإنسان بل جعلته يعيش متاهة الأقاويل المنخرطة في غموض الهوى، عبر وسائل العالم المسموعة والمقروءة والمرئية والتقنين حول النظرية الوضعية للإنسان المُخاطب بالتكليف القرآني في كتاب الله.
الممعن في عالم العلم ونبوغ المعرفة التي لم تقيّد بالمسؤولية الحقة والتفهم الصحيح لمعاني التكليف للإنسان العربي على وجه الأخص جعله على حالة من التيه الذي غير مدرك ماهيات المعرفة التي يحملها وما مصيرها وما الدلالات التي يمكن من خلالها يحكم بنفاذ ذلك العلم للحقيقة العظيمة التي أرادها الخالق العظيم.
إن فصل الروح وعرفانها الإلهي عن ضوابط الطريق واستقامة المصير والتوجّـه يؤدي للتأرجح الداخلي للشخص بين المفاهيم الميتافيزقية للعلوم المتناثرة على حسب قوالبها المختلفة التي قدمت فيها.
إن الأنا الأعلى والأنانيةَ العلمية جعلت من المستشرف للمستقبل العلمي العربي في واقع دولنا العربية والمسلمة في بُعد عن الواقع الصحيح الذي يعيشه المواطن العربي في أية دولة كان متحولاً من إنسان فردي إلى نوازع وأهواء متباينة حسب جغرافية العقل للحاكم العربي.
إذ تجد التبرير والتأويل والفتوى والتصحيح والتأييدُ لكُلِّ ما يصدرُ عن بلاط الحاكم سواءٌ أكان جمهورياً أَو ملكياً بعد أن غابت الحكومة العادلة التي أرادها الله.
إن التفنن والتبعية والخوض المدمج في قالب السلطان من ذوي الألسن والإعلام والساسة والدين وشرائح الفكر جعلت مردامَ الباطل يسود على الحق في كوكبنا العربي الإسلامي.
فالشهرة والمال والأخذ والرد أصبح ديدن العقول بعض العربية في أغلب الدول إلا من استنار بنور الله ووجه الحقيقة في عالم الذات والسمو الروحي واللسان الصادق.
إن الخوضَ المعرفي غير مُمانع ولكن في إطار الشمولية الواقعية لِما تمُرُّ به الأُمَّــة ومسايرة الأحداث بوجهها الصحيح بغير مداهنة أَو رياء، فالعالم من حول جغرافيتنا العربية لم يَنْــمُ من وجود خوارق أَو شخوص هي معجزة، لا بل اتسق مع الوحدة المعرفية ومتطلب الواقع والإخلاص للوطن والظفر بوجه الحقيقة، والشعور المطلق بأهميّة خدمة أبناء جنسهم ومجتمعهم على مستوى فرد ودولة.
المحاكاة للفرضية العربية نجد النزاع المفعم بالمشوِّهات والهوامش العريضة التي لا يتفق عليها مجتمع عربي مُسلِم؛ بسَببِ الثقافات التي حكمت وسادت وغيّرت في صلاحيات كُـلّ شيء في المجتمع العربي على مستوى الشعب أولاً:
فقد أصبح ينظر للرئيس أَو الأمير أنه في موقع القرار والنفوذ والصواب الحتمي دون تعديل للخطأ أَو تصويب للقرار، فضُربت الشعوب بالصمت فساد الغرب ونام السُّلطان وهُلكت الشّعوب.
ثانيهما السلطان أَو الحاكم:
وجد الحاكم العربي فوبيا الخوف تُسيطرُ على رقعة شعبه وأنه في حماية رجال الدين والنظريات الدينية التي عبَّدت الشعوب للحاكم والخروج عنه يُعد جريمة دينية قبل أن تكون مظلومية، بذلك ضمن بقاء الكرسي والعرش والمنصب.
رجالات الدين والنخب ثالثاً:
طبقة ضمن المجتمع ولكن لها حديقتها الخَاصَّة محاذية قصر الأمير والحاكم، فالمال يصنع متغيرات المراحل ولو باسم الدين، أما رجل العلم الأكاديمي فلديه الرؤيا المتزمتة مواكبة الآخر ولو على حساب الشعب ولو الولوج في باطل المهم يرى ملامح الحرب الناعمة والتشدّد السياسي والقتل والإبادة فلا يضره ذلك دام هو في مرتكز الإعلام.
وفي أجواء من التمحور اللا مسؤول لدى البعض من نخب الأُمَّــة ومثقفوها ورجال دينها ومراكز الرأي الدينية الذي ساد الواقع جعل الحُكم بالغيب والحُكم بالباطل على الآخر يسود المرحلة.
هنا والأحداث التي توجد ووجدت على الساحة العالمية غربلت الناس إلى فريقين أَو معسكرين: معسكر يقوده الاستكبار العالمي بزعامة “أم الإرهاب أمريكا” وآخر يتجذر من نبع المعاناة العربية بعيدًا عن قرارات الحكام وتشوهات السلطة، معسكر محور المقاومة الذي يقوده قادة الأُمَّــة الحقيقيون الذين يمثلون الدور السامي في ألفية اليوم، مجانبين للحزبية أَو المكون أَو تعددية الرأي واختلاف المذهب، المهم التوحد تحت راية الدفاع عن الأُمَّــة ومقدساتها الدينية ورموزها وثوابت البقاء لديها، من ذلك نرى التأثير الكبير لها في الساحة مُرورًا بالدولة الإيرانية وَالحشد الشعبي وأنصار الله وحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية وغيرها من شعبة المحور الوطني والجغرافي والديني للأُمَّـة.