من وحي خطاب القائد.. شواهدُ السيطرة الأمريكية على مفاصل الأمن وأجهزته في اليمن
المسيرة: نوح جلّاس
تحدّث قائدُ الثورة، السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، في خطابه الأخير بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد القائد عن جُملةٍ من أوجه السيطرة الأمريكية المبكرة على اليمن، مستنداً على الأحداث والوقائع التي لمسها شعبُنا، وما يزال يلمسها إلى اليوم، وسط استمرار تكشف الوثائق والحقائق التي تفضح مستوى العمالة والارتماء لرأس النظام السابق في الحضن الأمريكي.
قائد الثورة يقول في خطابه الأخير: “إضافةً للسيطرة العسكرية سعى الأمريكيون لتأمينِ سيطرة أمنية على اليمن بالسيطرة على الأجهزة الأمنية وإنشائهم جهازَ الأمن القومي الخاضِعَ لهم مباشرة”.
ويضيفُ قائدُ الثورة: “الأمريكيون تحكّموا في السياسة الأمنية وتفاصيل الوضع الأمني في اليمن، بما يساعد على انتشارِ الفوضى والجرائم والاغتيالات”.
واستناداً إلى ما قاله قائد الثورة، يكشفُ نائبُ رئيس جهاز الأمن والمخابرات، اللواء الركن عبدالقادر الشامي، عن جُملةٍ من التفاصيل في هذا السياق.
ويقول الشامي في تصريحات للمسيرة الجمعة الماضية: إن “النظام الأمريكي تعامل مع الأجهزة الأمنية اليمنية في فترة الأنظمة السابقة كأجهزة تابعة له”.
ويضيف الشامي “كان الأمريكيون يتعاملون مع الأجهزة الأمنية اليمنية في الماضي على أنها مصادر معلومات تابعة لهم، واستغلوا مِلَفَّ الإرهاب لاختراق أجهزة أمن الدولة”، مؤكّـداً أن “الأنظمة السابقة أخضعت الأجهزة الأمنية اليمنية للأمريكيين”.
ويشيرُ إلى أن “الأجهزةَ الأمنيةَ في المراحل السابقة شُلَّت تماماً منذ العام 2000م، وأصبح الأمريكي هو صاحبَ القرار في المِلَفِّ الأمني”.
ورقةُ ما يسمى الإرهاب استغلتها واشنطن للسيطرة على مفاصل الجيش والأمن في آن واحد، حَيثُ وازت واشنطن تحَرّكاتها العسكرية سريعة الانتشار في اليمن، بارتباط أمني مباشر بمختلف الأجهزة الأمنية التي دعمتها واشنطن وأنشأتها للتحكم بالوضع الأمني، وهنا يرصد كتابُ “صعدة.. الحرب الأولى” أن الولايات المتحدة طلبت المشاركة في عملية مطاردة المشتبه بهم في الأراضي اليمنية، وقد نشرت وكالة أسوشيتد برس نقلاً عن ما أسمته مصدر دبلوماسي غربي حول تلقي اليمن طلباً أمريكياً بمشاركة قوات من مشاة البحرية (المارينز) لمساعدة قوات الأمن اليمنية لتعقب المتهمين بانتمائهم إلى (تنظيم القاعدة)، غير أن المساعي الأمريكية كانت تتجه مباشرة نحو تبرير الاحتلال، أما المشتبه بهم فكانت واشنطن تفرج عنهم عبر إصدارها أوامرَ مباشرةً للنظام السابق بذلك، وهنا يؤكّـد اللواء الشامي أنه “من كانت الأجهزة الأمنية اليمنية تتمكّن من اعتقالهم من عناصر ما يسمى القاعدة كان يتم الإفراجُ عنهم بتوجيه أمريكي”.
ويوضح الشامي أن “بين المعتقلين من قبل الأجهزة الأمنية 23 عنصراً من أخطر العناصر بينهم الوحيشي والشهري وغيرهما، وهؤلاء تم الإفراج عنهم بتوجيه أمريكي ولم يتم كشف ذلك حتى الآن”.
وفيما يؤكّـد الشامي أن “السفير الأمريكي كان يتحَرّك كعنصر قيادي داخل العاصمة”، فَـإنَّ كتابَ “صعدة.. الحرب الأولى” رصد في نوفمبر 2001م زيارةً للخائن صالح إلى الولايات المتحدة الأمريكية، “حيث أشادت الولاياتُ المتحدة الأمريكي بتعاون اليمن في مكافحة الإرهاب، وقد أكّـد الرئيس الأمريكي بوش حرصَهم على دعم الحكومة اليمنية.. اليمنُ شريكٌ في مكافحة الإرهاب ويعول عليه دور كبير في دعم الجهود المبذولة لمواجهته”، حَــدَّ وصف وسائل الإعلام الأمريكية، وهو ما يؤكّـد حجمَ التناغم بين واشنطن والنظام السابق، حَيثُ كانت كُـلُّ التحَرّكات الأمريكية عسكريًّا وأمنيًّا وسياسيًّا ترتكز على ورقة الإرهاب.
ومع توغل الولايات المتحدة أكثر فأكثر، وسط استسلام مطلق للنظام السابق، فقد عمدت واشنطن إلى البحث عن مفاصلَ أُخرى للدولة؛ بغيةَ السيطرة عليها، وهو ما يؤكّـده نائب رئيس جهاز الأمن والمخابرات بقوله: إن “الأمريكيين سيطروا في تلك الفترة على شبكة الأحوال المدنية والجوازات وكانت معلوماتها تصب في السفارة الأمريكية بعلم السلطة وتسهيلها”، مُشيراً إلى أن “الأمريكيين كانوا يعملون على تجذير وتعميق وجود العناصر الاستخباراتية المسماة قاعدة في أكثر من محافظة يمنية”، وهو ما بدا واضحًا من خلال تمدد الوجود الأمريكي في اليمن، من خلال الإعلان عن “إرهابيين” وهي ليست إلا ذريعة لتبرير التمدد والانتشار.
وتحت يافطات تعزيز الأمن تواطأ النظام السابق مع الولايات المتحدة الأمريكية في سحب أكبر قدر ممكن من الأسلحة، وقد ذكرت صحيفة المسيرة هذه التفاصيل في العدد السابق، وهنا يقول قائدُ الثورة: إن “الأعداءَ يسعَون لتجريدنا من السلاح، بينما هم يمتلكون أفتكَ أنواع الأسلحة، بل حتى في أمريكا هناك محلات بيع أسلحة للمواطنين الأمريكيين”، مُضيفاً “بينما يسعَون لتجريدنا من أسلحتنا، يملِكُ العدوّ الإسرائيلي نشاطًا للتعبئة والتصنيع العسكري وبناء مجتمع عسكري واقتناء الأسلحة النووية”.