ما بين العام السادس والسابع محطةٌ للتزود
مصطفى العنسي
ها هو العامُ السادسُ من العدوان والإجرام قد ولّى بعد أن توجت فيه نتائجُ الصبر والصمود بالانتصارات والمفاجآت التي لم تكن لتخطر على بال لولا أن الله حقّقها فعلاً في الميدان، فقد أَحبَط الله تحالفَ العدوان وأوهن عزائمَهم وأضعف معنوياتِهم وكسر وحطَم كبرياءَهم، هو اللهُ ولا سواه من جعل كيدَهم في تضليلٍ ومكرَهم إلى بوارٍ وخُسرانٍ، هو من أحبط مؤامراتِهم، وأفشل مخطّطاتهم وأسقط أقنعتَهم وفضح ذرائعَهم ونزع هيبتَهم حتى تجلّت لنا حقيقتُهم في قوله تعالى (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُون) (وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا).
لقد انكشفوا على حقيقتهم ضِعافاً صِغاراً أذلاءً، كما قال الله: (فَقَاتِلُوا أولياءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيْفًا).
ولقد خسروا بقوة الله إمْكَانياتِهم وأموالَهم (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أموالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّه فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ).
نرى تجلياتِ تلك الأمور علناً لشدة ألم ووجع الأعداء، يظهر ذلك في بكائِهم وصراخِهم بواحاً وجهاراً نهاراً رغم تكتُّمهم الشديد، وما خفي كان أعظمَ.
إن الانتصاراتِ في العام السادس من العدوان فاجأت الصديق قبل العدوّ، وكانت مصداقاً لقول الله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ).
إنها من الله الذي أيّد ونصر وسدّد ووفّق أولياءه وجنودَه وأنصارَه، هو من ألهم رجالَ التصنيع ووفّقهم لصنع المعجزات في زمن الخِذلان والارتداد، وهو جل شأنُه من وفّق رجالَ الصاروخية والطيران المسيّر لإحداث نقلةٍ استراتيجية في نقل المعركة إلى العمق الاستراتيجي لقوى العدوان وبشكل لم يكن يتوقعُه الأعداءُ وأولياؤهم في عمليات البأس الإلهي اليماني وضربات الردع والانتقام والنَّكال المشروعة ضمن قانونِ الله المشروع (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ).
لنزدَدْ يقيناً بنصرِ الله مما قد وهبنا اللهُ ورأيناه ونجعل من ذلك محطةً تاريخيةً نستلهم فيها ونحن نودّع العام السادس من الصمود والثبات والأمل الكبير بالله وحدَه ما نستفيده ونجني ثماره في العام السابع من العدوان الذي طل علينا ليكملَ سبعاً عجافاً شِداداً ويؤسِّسَ لبزوغِ فجرٍ جديدٍ ومجدٍ تليدٍ يزدادُ فيه الشعبُ صموداً وثباتاً وشموخاً كما يزدادون قوة وتماسكاً وتكاتفاً ويقيناً بأحقية القضية ومواصلة التصدي للعدوان الأمريكي السعودي البريطاني الصهيوني الإماراتي بالتوكل على الله والاعتماد عليه وحتى يكتُبَ اللهُ النصرَ.
سيكون إن شاء الله عاماً فيه يُغاثُ الناسُ، وفيه يعصرون، وفيه يجني شعبُنا ثمرةَ صمودِه وتضحياته ونتيجةَ صبرِه ومعاناته.