متمسكاً برفض “الابتزاز”.. الوفدُ الوطني يناقشُ المِلَــفَّ الإنساني في مسقط
العجري:
عقدنا لقاءاتٍ مكثّـفةً مع مبعوثين دوليين وسلطة عُمان أبلغتنا بأن هناك “تفهماً”
ننتظرُ أن تتم ترجمةُ “التفهم” بفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة وإنهاء الابتزاز والعرقلة
إذا لم تعالج الجهود الدولية والأممية الاستحقاقات الإنسانية ستعجز عن معالجة الملفات الأُخرى
المسيرة | خاص
بعدَ تأكيدِ القيادةِ الثورية والسياسية على رفضِ محاولاتِ الابتزاز السعوديّة والأمريكية لصنعاءَ من خلال مقايضة المِلَفِّ الإنساني بمكاسبَ عسكريةٍ وسياسية، كشف عضوُ الوفد الوطني المفاوض، عبد الملك العجري، أن الوفدَ عقد لقاءاتٍ مكثّـفةً في العاصمة العُمانية مسقط؛ لمعالجة الاستحقاقات الإنسانية لليمن، مُشيراً إلى أن الوفدَ ينتظرُ “رسائلَ واضحةً من قبل الأطراف الأُخرى تضمنُ إنهاءَ الابتزاز بشأن مطار صنعاء وميناء الحديدة”.
وقال العجري في تغريدة على حسابه في تويتر إن: “زياراتٍ وحواراتٍ مكثّـفةً تحتضنُها سلطنةُ عُمان مشكورةً، مع المبعوث الأممي، والمبعوث الأمريكي، والمبعوث السويدي، وقبل ذلك الأُورُوبي”.
وأضاف: “تركيزُنا أن تَصُبَّ هذه الجهودُ نحو معالجة الاستحقاقات الإنسانية أولاً؛ باعتبَارها قضايا لا يُفترَضُ أن تكونَ محلَّ نقاش ما لم ستكون قاصرةً عن معالجة تعقيدات الاستحقاقات العسكرية والسياسية”.
ويأتي ذلك بعدَ أن أكّـد قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، على رفض ما تضمَّنته ما تسمى “المبادرة” الأمريكية السعوديّة الأخيرة من ابتزاز بشأن مطار صنعاء وميناء الحديدة؛ للحصول على مكاسبَ سياسيةٍ وعسكرية للعدو، حَيثُ تسعى صنعاء لحل الملف الإنساني بمعزل عن المقايضات.
وكشف العجري، في تصريحات لصحيفة “الثورة” الرسمية، أن سلطنةَ عُمان أبلغت الوفدَ الوطني بأن “هناك تفهُّماً للقضايا الإنسانية”، وَأَضَـافَ أنه تجبُ ترجمةُ هذا التفهم على الواقع وبرسائلَ واضحةٍ فيما يتعلق بميناء الحديدة ومطار صنعاء، وَ”بما يضمن فتحاً كاملاً دون عراقيلَ أَو ابتزاز أَو تأجيل وتأخير للسفن وغرامات ورشاوى كما كان يحدث”.
سياسيًّا، أكّـد العجري للثورة أن التغييرَ “المزعومَ” في الموقف السعوديّ “تكتيكيٌّ أكثرَ منه استراتيجي”، واصفًا ما تسمى “المبادرة السعوديّة” بأنها محاولةٌ للتنصل من المسؤولية، وتشتيت القضايا والملفات، وخلط الأوراق.
وقال: إن “السعوديّين يراودُهم وَهْمٌ بتحقيق ما فشلوا فيه بالقوة من خلال المسارات السياسية”، وإن “السعوديّة تستدعي المبعوثَين الأمريكي والأممي إلى الرياض ثم تطرحُ عليهما ما تريدُ تحقيقَه وتسعى إليه ثم تنتظر منهما إقناعنا بالموافقة”، مُشيراً إلى أن “المبعوثَ الأمريكي لم يكن لديه تصور جاهز للحل، وقد اعتمد على رؤيةِ السعوديّة، وهذا سببُ التعثر في جهوده رغم محاولةِ استدراكه لخطأه”.
وأوضح العجري أن محاولاتِ الدفع بحكومة الفارّ هادي إلى الواجهةِ تعبّر عن سلوك “التفافي”، في إشارة إلى إعلانِ تحالف العدوان عن سماحِهم بدخول أربع من سفن الوقود المحتجزة، ضمن محاولات واشنطن والرياض لعب دور “الوسيط”، وهو ما حذّر منه الرئيسُ المشّاط في خطابه قبل أَيَّـام، حَيثُ أوضح أن الانطلاقَ من “توصيفاتٍ خاطئةٍ” للمشكلة سيقودُ إلى رؤىً مغلوطةٍ للسلام.
موقفُ صنعاء الثابتُ يحاصِرُ العدوَّ
وِفْـقاً لما سبق، يتَّضِحُ أن الولاياتِ المتحدةَ والسعوديّةَ أدركتا فشلَ محاولات الابتزاز والمقايضة بالمِلف الإنساني، لكن ليس من الواضح الآن إذَا ما كانتا جادتَين في ما تدّعيانه من “تفهم” بشأن ضرورة فصل هذا المِلف عن القضايا العسكرية والسياسية، أم أنهما تسعيان لكسبِ الوقت.
لكن صنعاء تواصلُ ضبطَ إيقاع المشهد بتوجيه إنذارات عسكرية شديدة اللهجة للرياض، آخرها كان ما صرّح به العميد يحيى سريع، أمس الأول، حول إمْكَانيةِ توجيهٍ “ضربات موجعة لم يعهد النظام السعوديّ مثلَها من قبل في حال استمرار العدوان والحصار”.
مثلُ هذه الإنذارات تؤكّـدُ عمليًّا للعدو أن التفاوضَ حول الملف الإنساني لن يضمن له أيةَ مكاسب سياسية أَو عسكرية، وأن وقفَ الضربات الصاروخية والجوية مرهونٌ بحل سياسي شامل يُبنى على إنهاء العدوان والحصار بشكل كامل، وليس على أية “صفقات” أُخرى.
إجمالاً، يمكنُ القولُ: إن موقفَ “القوة” الذي تفاوِضُ منه صنعاءُ باتت له مفاعيلُ واضحةٌ، إن لم تصل إلى حَــدِّ دفع الولايات المتحدة والسعوديّة نحو فصلِ المِلَفِّ الإنساني عن الملفات العسكرية والسياسية الآن، فقد دفعتهما إلى محاولةِ “مداراة” صنعاء بالحديثِ عن “تفهُّمِ” موقفها، وهو ما يؤكّـدُ على أن صنعاءَ هي مَن تمتلِكُ الأوراقَ الأكثرَ فاعليةً على الطاولة.