ثغرةٌ دستوريةٌ وقانونيةٌ لصالح اليمن في مضمار المفاوضات مع العدوان
عبدالعزيز أبو طالب
هذه الثغرةُ عبارةٌ عن تناقُضٌ منطقي يصُبُّ في صالح اليمن بشدةٍ أثناءَ المفاوضات مع أطراف العدوان، فيما إذَا تعرض الوفدُ الوطني للضغط؛ مِن أجلِ القبولِ بالجلوس مع ما يسمى الشرعية، سيتضمن هذا المقال حواراً افتراضياً بين الوفد الوطني والمجتمع الدولي.
تتمثل هذه الثغرة في توفر هذه الحيثيات:
(1) – لأَنَّه يجعلُ مَن يسمي نفسه بالشرعية يتلاشى أوتوماتيكياً وبشكل تلقائي من ذات نفسه عند كُـلّ لحظة يتمسك فيها بمصطلح (الشرعية).
(2) – جميعُ دول التحالف المتورطة في الحرب على اليمن ومعها أمريكا والغرب والأمم المتحدة، يضعُهم هذا التناقُضُ المنطقي في ورطةٍ كبرى لا تقبل الحل، حينما يصرون على الاعتراف بتلك الشرعية المتناهية والمتلاشية.
وكيف ذلك؟
لشرح هذا التناقض المنطقي لوضع المرتزِقة أمام الدستور والقانون عندما يصرُّون على التمسك بأنهم الشرعية، وشرح وفهم ذلك، ينبغي التركيز على ما يلي خطوة بخطوة:-
* لنفرِضْ أن ما يسمى بالمجتمع الدولي والأمم المتحدة وكل شلة الضاغطين ضغطوا علينا بشدةٍ للجلوس والتفاوض أمام هذه الشرعية المزعومة، ومن ثَمَّ الشراكة معها.
* نحن من جانبنا سنرُدُّ وبكل أريحية وثقةٍ ونقول:
إن هذا مستحيلٌ اليوم وغير ممكن، ولأسباب بيدِ المرتزِقة أنفسهم الذين تسمونهم شرعيةً وتعترفون بهم كمجتمع دولي.. نتيجة عِلةٍ وخلل تسببوا بها لأنفسهم وتستعصي على الحل.
المجتمع الدولي: لماذا مستحيل؟
وما هي هذه العلة والخلل؟ ولماذا تستعصي على الحل؟
الجانب الوطني: لأن ما تدعوننا إليه اليوم بعد 6 سنوات من الحرب وويلاتها التي لا تعد ولا تحصى، كان هو موقفنا يوم توقيع اتّفاقية (السلم- والشراكة) ومن قبل الحرب، ودون أية ويلات وخسائر، أما بعدَ كُـلّ هذه السنوات من الحرب والخسائر والويلات، فقد ألغى الطرفُ الآخرُ نفسَه تماماً وفق النصوص الدستورية وتورط في جرائمَ جسيمةٍ، وأنتم كذلك تورطتم معه أجمعين.
المجتمع الدولي: كيف، يرجى المزيد من التوضيح؟
الجانب الوطني: دعونا نفرض أننا وافقنا تحت ضغوطاتكم، وقبلنا الجلوس مع من تسمونهم الشرعية، عندئذ وفي الوهلة الأولى والثانية.. الأولى لجلوسنا معهم فَـإنَّ شرعيتَهم المزعومةَ تسقُطُ أوتوماتيكياً وبشكل آلي، وهي نفس اللحظة التي تفرض علينا مسؤولية إلقاء القبض عليهم أجمعين لتورطهم في جرائمَ جسيمة ضد الدستور الوطني والقوانين والتشريعات النافذة، وتسليمهم للمحكمة الدستورية العليا لإيقاع أشد العقوبات الجسيمة بهم.
يواصل الوفد الوطني: حَيثُ أن السبب الجوهري لكل ذلك يتمثل في تبنيهم عدواناً خارجياً أجنبياً ضد بلدهم، ومنحِه الموافقةَ بأثر رجعي.. نظراً لاعتراف رأس ورئيسِ هؤلاء المرتزِقة الذين تصفونهم بالشرعية أنهم لم يكونوا على عِلمٍ بالحرب، ولم يوقعوا أيَّ تخويل أَو موافقةٍ لأي طرف بشن الحرب على بلدهم وقتل مواطنين من جميع محافظات الجمهورية اليمنية.
وبالتالي، فستكونُ لحظةُ جلوسنا معهم هي نفسِ لحظة وجوب إلقاء القبض عليهم من قبلنا نحن وتحميلنا المسؤولية الدستورية والقانونية في حال لم نقم بذلك.
وإذا لم نفعل ذلك ونقبض عليهم ونحيلهم للمحكمة الدستورية العليا فئة جرائم جسيمة، عندها سنكونُ نحن المدانين نيابةً عنهم في كُـلّ الجرائم التي اقترفوها.. وهذا مستحيل، ولا يمكن إطلاقاً أن نتورطَ نحن في ذلك.
المجتمع الدولي: ولكنهم يقولون إنهم طلبوا التدخلَ من التحالف الدولي الذي شن عاصفة الحزم، والسعوديّة والإمارات يقولون أَيْـضاً إنهم تلقوا طلباً من الحكومة اليمنية بالتدخل؟
الجانب الوطني: وهنا يأتي دورُكم في التورط والإدانة وثبوت الجرم عليكم أَيْـضاً؛ وذلك نظراً لما يلي من الحقائق الدامغة قضائياً وقانونياً كحججٍ لا تقبل الرد أَو الرفض، فمثلاً لا حصراً:
– إنكم تعلمون بأن الواقعَ نفسَه يكذّب ادِّعاءات المرتزِقة ودول تحالف العدوان الإجرامي وأنتم بعدُ معهم ومن ورائهم، وأن ذلك لم يحصل مطلقاً ولا يوجد عليه أي دليل مادي أَو منطقي أَو وثيقة أَو تسلسل قرار أَو مذكرة أَو طلب رسمي حتى لو كان اتُّخذ سرياً.
– إنكم تعلمون بتصريح المجرمِ عبدربه منصور بعدمِ علمِه بأي شيء عن الحرب، وهذه في عُرفِ القضاء والعدالة تسمى قرينةً دامغةً لا تقبَلُ النقضَ، وتسقطُكم جميعاً في أتون ورطةٍ كبرى محلية أمام التشريعات النافذة والدستور اليمني، وأمام المواثيق الدولية والمحاكم الدولية أَو القطرية لأي بلد نسوقُكم للتحاكم فيه بعد إنهاء محاكمتكم أمام القضاء الوطني، إن تطلّب الأمر من وجهة نظرنا نحن فقط أن نضيفَ اللجوءَ إلى قضاء آخر غير القضاء الوطني، بحسب ما تقتضيه المصلحة الوطنية للجمهورية اليمنية..
– إنكم تعلمون بعدم وجود اتّفاقية ولم يتم لحد الآن إبراز أية اتّفاقية بذلك، حتى لو تم إبرازُ اتّفاقية موقعة من المدعو عبدربه والجانب السعوديّ، فبأي تاريخ سيتم توقيعُها؟ هل قبل اعترافه بعدم معرفته بالحرب بتاريخ أثر رجعي يسبق يوم شن العدوان على بلدنا؟
(وهذا مستحيل) ويزيد توريطَكم أجمعين كجهاتٍ مارقةٍ وتزور الحقائق، وهذه بحد ذاتها جُنحة جريمة جسيمة.
إذن.. هل ستبرزون وثيقةً موقَّعةً عن عبدربه والجانب السعوديّ بأثر تقدمي بعدَ فرار عبدربه ووصوله إلى السعوديّة؟
عندها ستكون هذه الوثيقة لصالحنا نحن، بل نحن من سيطالبُكم أجمعين بتسليمنا أصلَ هذه الوثيقة؛ كونها تضعُ حبلَ بل حبال المشنقة على رقبة كُـلّ من:
- السفير السعوديّ الذي أعلن الحرب.
- إدارة أوباما بكامل أعضائها والإدارات التالية لها.
- كل المسؤولين الأمميين منذ بان كي مون وحتى يومنا هذا.
- جميع الدول التي شاركت في تحالف العدوان علينا؛ لأَنَّنا سنطالبُهم بإبراز موافقات برلماناتهم في تخويل جيوشهم بالمشاركة في الحرب علينا، وبأي تاريخ حصلت موافقة برلمان هذا البلد أَو ذاك، بل سنطالب بمذكرة الجيش لكل بلد عضو في التحالف الدولي ضد اليمن والتي قدمها للإقرار والموافقة في برلمان بلد ذلك الجيش، وبأي تاريخ تم رفع تلك المذكرة؟.
– ولعلكم تدركون الآن لماذا أكّـدنا تورطَكم أجمعين وبشكل خطير وجسيم..
وبالتالي، فمن أي باب أَو مدخل يصر أي طرف على فرض المرتزِقة كشرعية، سيسقط ويتورط فورًا.
والنتيجة أننا لن نعترفَ بهم إلا وفق موقفهم أمام الدستور اليمني والقوانين والتشريعات الوطنية للجمهورية اليمنية سواءٌ أكانوا مسؤولين رسميين أَو كانوا مُجَـرّد مواطنين حاملي جوازات أَو بطائق شخصية..
ناهيك عن مطالباتنا بتوقيعاتهم اللاحقة على كُلِّ ما أوهمهم السعوديّ والإماراتي بتوقيعه كسلطة وهمية لمُجَـرّد مرتزِقة؛ بهَدفِ ومحاولة التستر خلفهم من قبل السعوديّة والإمارات.
المجتمع الدولي: فمع من تريدون التفاوُضَ؟
الجانب الوطني: مع خصومنا الحقيقيين، وهم بحسب التسلسل الهرمي:
الولايات المتحدة الأمريكية الإرهابية المتورطة في مِلف الحرب بعشرات ومئات الجرائم والورطات منذ قبولها بإعلان الحرب على اليمن (إضافة إلى الجانب العسكري والتسليح والمشاركة الميدانية واللوجستية والأقمار الصناعية والخبراء والطيران بلا طيار والتعبئة للوقود في الجو للمقاتلات السعوديّة لضمان الاستمرار أكبر زمن في الجو لمعاودة القصف… إلخ).
الأمم المتحدة وكافة مشتقاتها وجميع مفوضيها ومدرائها ومبعوثيها؛ نظراً لموقفها المناقض لمواثيقها أمام كُـلّ نقطة ذكرناها أعلاه ضد بلد هو من أول المؤسّسين للأمم المتحدة والعضو رقم 55 وهو الجمهورية اليمنية؛ ولأجل ذلك فتورط الأمم المتحدة لا يمكن وصفه، وخُصُوصاً إصرارَ العديد من الدول على بيع السلاح لتغذية طرف واحد في حرب مستمرة وتصريح مسؤولي تلك الدول علناً جهاراً نهاراً دون أن تتخذ الأمم المتحدة أي موقف..
وكذلك موقف الأمم المتحدة إزاء جميع الجرائم الوحشية التي جرت بحق الشعب اليمني، وبالذات تلك الجرائم الوحشية الخَاصَّة التي توعدت الأمم المتحدة أنها ستقوم بإيقاع (أشد العقوبات) ضد من تثبت التحقيقات تورطه بتلك الجريمة.
دول الاتّحاد الأُورُوبي وكندا وبقية دول العالم التي باعت باستمرار الأسلحة ومنها الأسلحة المحرمة دوليًّا في تغذية الحرب المستمرة بما يخالف القانون الدولي الذي يمنع بيع السلاح في غير زمن السلم… إلخ.
تورط جميع الأطراف الواردة أعلاه في جميع مِلفات الحرب والعدوان كالحصار والدمار وإعادة الإعمار والجرحى والأسرى والخسائر الاقتصادية والاجتماعية ومعاناة موظفي الدولة والتعدي السافر على السيادة الوطنية للجمهورية اليمنية من أكثرَ من جهة خرق وانتهاك، وبالتالي:
هذه هي الأطرافُ التي سنتفاوضُ معها كخصومٍ متورطين في جميع ما ذكرناه وغيره الكثير.
عندها ستكون الأممُ المتحدةُ والمجتمعُ الدولي في حرجٍ كبيرٍ يجعلها تتراجعُ عن ضغطها على اليمن في الجلوس مع المرتزِقة الخونة.
تتبقى أهم نقطتين يجب التنبيه عليهما وعدمُ إغفالهما هما:
- مَن أعلن الحرب؟ ومتى؟ ومن أين؟
وكيف تمت بالمقارنة مع مواثيق الأمم المتحدة والبروتوكولات الديبلوماسية؟ وماذا يعني صمت البلد الذي قبل دون اعتراض بأن يتجاوزَ سفيرٌ معتمدٌ لديها لأصول الديبلوماسية ويعلنَ الحربَ من منصة تلك الدولة؟..
- اعتراف المرتزِق عبدربه بعدم معرفته، وبالتالي عدم وجود موافقة مسبقة بشن حرب على بلده، وحتى لو وُجد فهي جريمةٌ دستوريةٌ من صنف جرائم جسيمة (وحَنْثٌ بنص القسَم واليمين الدستورية التي أداها في البرلمان)..
وسيبقى اليمن سيدُ العالم بدون منازع.