معاركُ استراتيجيةٌ مقابل أطماع استراتيجية
محمد عبدالله اللساني
هناك حقيقةٌ عسكريةٌ ثابتة تقول: (أي احتلال “عدوان” حتماً له أطماع مباشرة أَو غير مباشرة).
بغض النظر عن الذرائع والمُسببات الظالمة التي تختلقها الدول المعتدية والمحتلّة.
حيث تتعدد صور الاحتلال المباشر وغير المباشر.
ويمكن إيجازها باختصار شديد على واقع بلادنا اليمن منذ عقود بعيدًا عن كواليس الاستعمار السياسي والاقتصادي والعسكري ومصادرة القرار المحلي والإقليمي والدولي لواقعنا منذ عقود وُصُـولاً إلى آلية العمل الديموقراطي والأحزاب السياسية وكيف تناغمت فيما بينها لتُنتج مظهراً وسلوكاً لحياة الحُكم الذي يتماهى بشكلٍ أَو بآخر بتوجيهات ودعم سفارات ما يسمى بالدول العظمى أمريكا وبريطانيا وُصُـولاً إلى سفارات السعودية والإمارات.
وتتلخص أبرز الأطماع الاستراتيجية لدول تحالف العدوان الإقليمية كأدَاة تسعى لخدمة وتنفيذ أجندات الاحتلال الأمريكي والبريطاني والصهيوني:
– تقسيم اليمن إلى كانتونات أَو مقاطعات مناطقية وطائفية تتلاءم وتتكامل مع الاستراتيجية الصهيوأمريكية لإيجاد بيئة ملائمه تمكّنها من استمرارية تغذية ودعم النزاعات مستقبلاً بحسب المصالح الجيواستراتيجية لدول الاحتلال عُمُـومًا وأهمها الكيان الصهيوني.
– التوسع في بناء قواعد عسكرية أجنبية لدول العدوان وسقطرى خير دليل وما يحدث في العراق وسوريا جليًّا للعيان.
– السيطرة والتحكم على المناطق المطلة على مضيق باب المندب كأحد أهم الممرات المائية لنقل البضائع في العالم.
– السيطرة والتحكم على السواحل الغربية والجنوبية والشرقية وُصُـولاً إلى سواحل أرخبيل سقطرى التي تمتاز بمواقع وثروات استراتيجية بالغة الأهميّة من البحر الأحمر حتى خليج عدن والبحر العربي وُصُـولاً إلى المحيط الهندي، كُـلّ هذا بهَدفِ تحقيق الأهداف التوسعية الأمريكية والصهيونية.
– السيطرة والتحكم على المناطق الغنية بالثروات النفطية والمعدنية.
– تسخير جغرافيا البلد والفتات من ثروات الوطن لتجميع وتفريخ الجماعات والمنظمات الإرهابية كوقود ونقطة انطلاق تحَرّكها دول العدوان محلياً وإقليمياً ودوليًّا باسم اليمن.
– السيطرة والتحكم في الأجواء اليمنية وتسخيرها لتسهيل وتمكين حركة الطيران كإحدى محطات عبور الطيران للكيان الصهيوني.
وفي المقابل، هناك معارك استراتيجية أُسطورية يخوضُها الجيشُ واللجانُ الشعبيّةُ ضد قوى الاحتلال والعدوان براً وبحراً وجواً ومعركة تحرير محافظة مأرب هي معركة استراتيجية كونها نقطة انطلاق عمليات إجرامية تستخدمها قوى الاحتلال ومرتزِقته تجاه أبناء الشعب وهنا نستذكر تصريحاً لناطق تحالف العدوان السعودي في العام 2018م عندما قال: (إن محافظة مأرب تمثل محافظة استراتيجية لهم) وبالتأكيد تم اختيارها بعناية لسببين رئيسيين:
الأول باختصار شديد موقعها الجغرافي كمحافظة ذات طبيعة صحراوية معتقدين أن رمال الصحراء مانعة لحصونهم بالإضافة إلى توسطها للعديد من محافظات الجمهورية وقربها النسبي من الحدود السعودية، ويحمل البُعد الجغرافي الكثير من الأسباب التي تم صناعتها منذ عقود كالمعسكرات البعيدة عن نظر الدولة (التنظيمات الإرهابية) وشراء الولاءات القبلية عبر السعودية وَ… إلخ.
والسبب الثاني اقتصادي، حَيثُ تعتبر مورداً وممراً مهماً للمشتقات النفطية لبقية المحافظات وخُصُوصاً المحافظات الشمالية التي يسعى العدوان إلى خنقها ومن خلال محافظة مأرب يتم التحكم ونهب موارد الدولة من النفط والغاز (صافر) وُصُـولاً إلى الكهرباء (محطة توليد الكهرباء الغازية)، ناهيك عن الموارد النفطية الأُخرى في المحافظات المحتلّة الأُخرى.
وتعتمد الاستراتيجية الأمريكية في مخطّطاتها على تمركز واحتلال المناطق التي تتوفر بها الإيرادات، كالنفط والثروات المعدنية وليست العراق أَو سوريا ببعيدة عن هكذا استراتيجية، وكيف تسعى لحماية المناطق النفطية بل وتتواجد بها بشكل مباشر وغير مباشر، والتي من خلالها تقوم بنهب الثروات وتسهل وتدعم المنظمات الإرهابية والحركات المعارضة التي تتوافق مع سياستها لتنفيذ مخطّطاتها.
فتحَرّكُ الجيش واللجان الشعبيّة كان حتمياً لتحرير محافظه مأرب؛ نظراً لأهميتها الاستراتيجية، فتحريرها يُمثل ضربة قاصمةً لأهداف ومخطّطات تحالف العدوان الاستعمارية، وهذا لا يعني أن تحرير بقية المناطق ليس استراتيجياً بل واجبٌ دينيٌّ ووطني وأخلاقي، فمن خلال قراءة لخطابات قائد الثورة والتي تعتبر خطاباته محدّدات ثورية استراتيجية لما تحمله من مصداقية وشفافية والتي دائماً ما يكرّر حتمية التحرّر والسيادة لكل البلاد.
وهنا أستذكر بالخصوص ما قاله قائد الثورة في أحد خطاباته بالقول: (سيتحرّر كُـلّ شبر في هذا الوطن)، وهكذا قول يُمثل محدّداً استراتيجياً للثورة اليمنية يدرك أبعادها تحالف العدوان، وبالتالي فَـإنَّ تحرير كُـلّ شبر في الوطن حتمي بقوة الله وتأييده وعدالة القضية ومظلومية كُـلّ الشعب.