ترانيمُ في محراب الصمود
عبدالسلام البكالي
على مر التاريخ لم يشهد بلدٌ في العالم عدواناً قد شُنَّ عليه بهذا الحجم كالذي يُشَنُّ حَـاليًّا على اليمن.
وبالمقابل أَيْـضاً لم تسجل فيه مقاومةٌ ضد محتلّ وغازٍ بهذا الصلابة كالذي حدث منها هنا باليمن.
بلدٌ وبالرغم من الدمار الواسع الذي أحدثته نيران تلك الآلة الحربية الفتَّاكة المصبوبة عليه يطلُّ أبناؤه برؤوسِهم الشامخة على العالم الصامت، في مشهد أُسطوري أذهل معه كُـلُّ مشاهديه.
وبطَيِّ اليمنيين للسنة السادسة من عمر العدوان عليهم أن يفتتحوا معه السابعةَ منه بعمليات واسعة تسمرت معها هي الأُخرى أعين العالم ذهولاً ودهشة أمام مشاهد ألسنة اللهب المنبعثة تلك من أرامكو ومنشآتها وغيرها من المنشآت الحيوية الأُخرى ذات التحصين الأمريكي الكبير للعدو التي طالتها اليد اليمنية.
بل عام سابع من عمر الصمود ترقب فيه أعين أحرار العالم الظَّمِئة للحرية وبتلهف رؤية مشاهد تلك الإنجازات التي سيبثها الإعلام الحربي اليمني من تلك الإنجازات والانتصارات العسكرية التي ستتوسع، ولَكن في هذه المرة ليس على حساب ما بقي من جغرافيا الداخل، بل وستتوسع على حساب رقعة جغرافيا عدوهم أَيْـضاً.
والسؤال هنا: من أي نوعٍ أُولئك الرجال الملتحقون بتلك الجبهات التي أعلنت معها كُـلُّ النظريات السياسية ومنظّريها ومعاهد الدراسات والبحوث العسكرية الفشلَ أمام تفسير ظاهرةِ صمودِهم تلك؟
نقول لهم: إن من التحق بها هي تلك الرؤوس التي ثارت من بين كُـلّ تلك الرؤوس المحلّقة فوقها جميعاً تلك الطائرات الحربية العدوانية، حوّلها تأثرها على انتهاك سيادة وطنها والتي من حينها لليوم وهي في الجبهات، منها من قضت نحبها ومنها من ما زالت تنتظر..
وإلى جانبها أَيْـضاً أُولئك الرجال الميامين الذين حرّكتهم إليها تلك المشاهد المأساوية لأشلاء النساء والأطفال والمدنيين من بين كُـلِّ من شاهدها معهم، وهم الآخرون أَيْـضاً من حينها لليوم وهم في الجبهات، منهم من قضى نحبهم ومنهم من ينتظر.
وإلى جانبهم أَيْـضاً أُولئك الصناديد الذين حرّكتهم إليها ثورةُ الثائر لمشاهد أجساد أُولئك الأطفال في محافظة حجّـة والحديدة وغيرهما من بقية المحافظات اليمنية الأُخرى التي أكلتها المجاعةُ ولم يتبق منها سوى الهياكل العظمية؛ بسَببِ الحصار الظالم والجائر الذي ضربته دول العدوان على بلدهم، وهم الآخرون أَيْـضاً من حينها لليوم وهم في الجبهات منهم من قضوا نحبهم وَمنهم من ينتظر.
لينضم إلى جانبهم بعدها كُـلّ من ساءهم مشاهد ارتماء الأعراب المنافقين الخونة العملاء (المطبِّعين)، وعلناً تحت أقدام اليهود والنصارى لردعها، ومنهم أَيْـضاً هم الآخرون من قضوا نحبهم ومنهم من ينتظر.
ولأُولئك المجاهدين المرابطين وحتى اللحظة في متارسهم العسكرية والتربوية والصحية وَ… إلخ من بقية متارس المواجهة الأُخرى، ولم يعرف الوهن بعد طريقه إلى قلوبهم نرسل التحايا والتقدير اعترافاً وامتناناً منا بجهودهم تلك في ذكرى صمودهم السادسة..
ولأَنَّ الصمودَ يا أعداءَ الله ليس سلعةً تُباعُ وتشترى في سوق نخاستكم، بل هُــوِيَّة رباط وثبات وصبر وإقدام وبسالة وشجاعة، أثبت اليمنيون أنهم هم دونَ غيرهم من الشعوب الأُخرى من تتجسّد تلك الصفات بكلها في شخصيتهم، وهذا ما روته عنهم ستةُ أعوام قد مضت وما ستليها من صمودهم في وجوهكم.
وأخيرًا من المعيبِ عليك أيها المتخاذلُ حتى اللحظة أن تأتيَ عليك الذكرى القادمة إن كُتِبَ لك البقاءُ إلى حينها ولم يحركك في سبيل الله شيءٌ من تلك التي سبق ذكرُها أَو غيرها.