نفاقُ العالم المحكوم بالمال والنفوذ

 

نبيل بن جبل

العالَمُ المنافِقُ يكيلُ بألف مكيال، ولا توجدُ أيةُ عدالة ولا أدنى مصداقية في قوانينه التي صاغها البشر وَأعرافه وشعاراته وعناوينه البراقة والجذابة المتداولة في وسائل الإعلام المختلفة باسم الإنسانية، كلها شعاراتٌ وعناوينُ وقوانينُ وأعرافٌ مفضوحةٌ يلوحُ بها كذَبَةُ مجرمون فاسدون منافقون حاقدون أنانيون طفيليون يقتاتون من دماء المستضعفين ومعاناة المظلومين من أبناء الأُمَّــة، ففي الوقت الذي تُقصف فيه بلدنا على مدى ستة أعوام من العدوان بمختلف أنواع الأسلحة المحرمة، وَيتم قتل أطفالنا ونسائنا وشيوخنا وتُستهدف سبل معيشتنا بطائرات الـ F16 الأمريكية وبقنابل بريطانيا العنقودية المحرَّمة، ويحاصر شعبنا براً بجحافل جيوشهم المرتزِقة وجواً بمختلف طائراتهم الحربية وبحراً بشتى أنواع سفنهم وزوارقهم الحربية ومدمّـراتهم الكبيرة وتُمنع سفن المشتقات النفطية والمواد الطبية والغذائية والأَسَاسية للإنسان اليمني من الدخول إلى ميناء الحديدة ومطار صنعاء الدولي، وَفوق كُـلِّ ذلك يُمنع المرضى الذين يصعب علاجهم في اليمن من السفر إلى الخارج لتلقي العلاج اللازم ويموت معظمهم، ويئن بقيتهم من شدة الألم ويبكون دماً، ففي هذا الوقت الذي يباد فيه أكثر من (ستة وعشرين مليون يمنيا) على مرأى ومسمع من الجميع يسكت العالم المنافق ولا يتفوه ببنت شفة، وَإذَا تحدثت ما يسمى بالأمم المتحدة والمجتمع الدولي وما يسمى بمنظمات حقوق الإنسان، فلا يتحدثون إلّا مُجَـرّد ثرثرة أمام الكاميرات وشاشات التلفزيون بحروفِ القلق التي لا تسمن ولا تغني، وسَرعانَ ما تختفي وتُحذَفُ من وسائل إعلامهم المضلِّلة.

أما إذَا استخدم شعبنا اليمني المظلوم حقه الطبيعي في الدفاع عن نفسه بالرد على غارات العدوّ أن السعودي الأمريكي وحصاره الجائر بضرب قواعد العدوّ العسكرية ومطاراته ومنشآته في العمق السعودي بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، يصيح العالم ويضج ويهول بالرغم أنها مواقع عسكرية وليست مدنية وهم يعلمون أن أبطال الجيش والشعب اليمني لا يستهدفون المدنيين أبداً وقد جربوهم على مدى سنوات الحرب الماضية ومع ذلك يكيلون بألف مكيال وَيصيحون وكأننا المعتدون وَلسنا المعتدى عليهم، فنحن المُعتدى علينا ظلماً وبغياً بدون وجه حق وبدون أي مسوغ سوى القتل؛ مِن أجلِ القتل والإجرام والطغيان؛ مِن أجلِ الاحتلال وإخضاع إرادَة الشعب لوصايتهم الخبيثة ولو كانت دماء أطفالنا ونسائنا تسيل نفطاً وأشلاؤهم تتطاير دولارات لكان حديثهم عكس ذلك تماماً، وهذا ما يمكن أن نسمِّيَه بالنفاق السياسي والطغيان باسم الإنسانية والإجرام باسم الحقوق والاحتلال باسم الحريات ولنا تجربة طويلة معهم في اليمن خلال العدوان ولنا تجربة طويلة معهم كأمة عربية وإسلامية في فلسطين والعراق وسوريا ولبنان وإيران.

العدوان هو نفس العدوان والمعتدي والممول والمخطّط والمنفذ والظالم والطاغي والقاتل والمحاصر هو نفسه والإبادات والجرائم والفوضى والدمار والمعاناة هي كما هي بل تزدادُ سوءاً وتتفاقم أكثر وأكثر وهم يتغنون باسم الإنسانية وحقوق الإنسان وقوانين المجتمع الدولي ويسرقون الأموال ويبنون الأرصدةَ في البنوك باسم المساعدات الإنسانية وَالحقيقة تقول: إنهم هم من يتسبَّبُ في صناعة الظلم والطغيان ويتاجرون بمظلوميات الشعوب المغلوبة على أمرها ليزيدوا في أرقام حساباتهم وأرصدتهم في البنوك ولا مشكلة لديهم لو قتل في اليوم الملايين وقد أخبرنا القرآن الكريم عن خبثهم كما قال تعالى: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أهل الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)، لا يودون لكم خيراً ولا أمناً ولا سُلَّماً ولا سلاماً، هم يحسدونكم وحاقدون عليكم؛ ولذلك لا مخرجَ لنا كشعب مسلم وكأمة مسلمة سوى العودة إلى القرآن وَمواجهتهم كأعداء، وَإعلان الجهاد في سبيل الله ومواصلة المشوار والتعاون ونبذ الفُرقة لتحرير الشعوب من جبروتهم وطغيانهم وهيمنهم وكما قال الإمام علي (عليه السلام): “بقية السيف أنمى عدداً وأكثر ولداً”، والعاقبة للمتقين.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com