رمضان كما أراده الله لنا أن يكون
الشيخ عبد المنان السنبلي
ما زال كثيرٌ من الناس ينظر إلى رمضانَ بمفهومه المناسباتي الخالص، والذي لا يعدو أن يكون في نظرهم مُجَـرّدَ عملية تغيّرٍ في النمط الغذائي والمزاجي الخاص وهذا ليس فهماً في حقيقته صحيحاً لهذا الشهر الكريم، بل إنه الخطأ بعينه، فرمضان لم يكن كذلك ولا ينبغي له أن يكونَ كذلك.
الصوم في حقيقته لم يفرض بغرض الامتناع عن الأكل والشرب وغيره، فاللهُ سبحانَه وتعالى ليس له حاجةٌ في أن يمتنع الناس عن الأكل أَو الشرب أَو ما شابه ذلك من الغرائز والشهوات الإنسانية المباحة.
رمضانُ هو شهرُ مراجعة لحسابات النفس وتقويمها وتهذيبها والانتقال بها إلى منزلةٍ إنسانيةٍ أرقى وأعلى من خلال الإكثار من الطاعات والحد من المعاصي والأوزار.
هو شهرٌ لإعادة تقييم علاقات الإنسان مع من حوله وتصويبها بما يعود بالنفع والخير الكثير على المجتمع المسلم عن طريق مد عُرَى التواصل المثمر ووأد القطيعة وَنبذ الفُرقة والخلافات.
هو شهرُ التراحم والتكافل الاجتماعي بما يجسد الغاية المُثلى التي يريدنا الله سبحانه وتعالى أن نصل إليها في شكل ومضمون المجتمع المسلم الذي مهما اتسع وكبر لا يجب أن يخرج عن نطاق الأسرة الواحدة المتآلفة والمتراحمة.
هو ليس شهرَ فوازيرَ ومسابقاتٍ ومسلسلاتٍ وتَسَمُّرٍ أمام شاشات التلفاز وتسكعٍ في الأسواق والطرقات وأسمارٍ في الليل ونومٍ في النهار.
هو شهر عملٍ وجهادٍ حقيقيٍ لا شهر تكاسلٍ وتخاذلٍ، ففيه وقعت أشهر معارك وانتصارات المسلمين بدءاً بمعركة بدر في السنة الثانية للهجرة ومُرورًا بفتح مكة والقادسية وفتح الأندلس وعين جالوت وحطين ووُصُـولاً إلى حرب العاشر من رمضان 1973.
هذا هو رمضان بمفهومة الإسلامي الخالص الذي أراده الله سبحانَه وتعالى أن يكون لنا، ومن يرى فيه غير هذا، فعليه أن يعمل مراجعة لنفسه وحياته قبل أن لا تعود عليه هذه الفرصة والمنحة الإلهية ولم يستفد منها حق استفادتها فيكون من الخاسرين.
شهرُكم مبارك..
وكل عام وأنتم والوطن بألف ألف خيرٍ وعافية.