نهبٌ منظمٌ للثروة النفطية والغازية.. مأربُ عرش “الإخوان” الاقتصادي (1-2)
- الدكتور حجر: أمريكا وجهت قيادات الخونة في حزب الإصلاح للسيطرة على مأرب منذ زمن بعيد
- العامري: مليشيا الإصلاح سيطرت على شركة صافر واستبدلت أكثر الموظفين فيها بغيرهم من أبناء وأقارب قيادات الحزب
- الحداد: مأرب بالنسبة للمرتزقة كنزٌ لا يجب التفريط فيه مهما كلف الأمر من تضحيات
مصالح المرتزقة المالية والاقتصادية بمأرب تتجاوز المليار دولار سنوياً
المسيرة – عباس القاعدي
تحولت مدينة مأرب منذ عدة سنوات إلى معقل رئيس لمليشيا الإصلاح “إخوان اليمن” والذين حوّلوا ثرواتها النفطية والغازية إلى منافعهم الشخصية، وسخروها كذلك كأموال ينتفع بها العدوان الأمريكي السعودي.
لقد ظلت هذه الثروات وخلال سنوات العدوان حكراً على مليشيا الإصلاح، وحرم أبناء الشعب اليمني الذين يعيشون وطأةَ الحصار من خيرات هذه المحافظة اليمنية، بل زاد من جشع هؤلاء أن تحولوا إلى مستثمرين كبار في تركيا، فارتفع عدد المنازل التي اشتراها قيادات المرتزِقة في تركيا إلى نسبة ٣٦ % خلال العامين الماضيين بحسب معهد الإحصاء التركي.
وتعد مأرب من أهم المحافظات اليمنية في إنتاج الغاز الطبيعي والذي أصبح أحد أهم الصادرات بعد تراجع صادرات النفط الخام هذا إلى جانب ارتفاع جودة النفط الخام المنتج من حقول مأرب، مقارنة بالأُخرى، إلى جانب انخفاض تكاليف إنتاجه، وهذا ما جعل عوائد إنتاج النفط والغاز من مأرب على الاقتصاد القومي وعلى موازنة الدولة وعلى المجتمع أفضلَ مما في المحافظات الأُخرى.
ويؤكّـد وكيلُ وزارة المالية، الدكتور أحمد حجر، أن أمريكا وجهت قيادات الخونة في حزب الإصلاح والتنظيمات الإجرامية إلى السيطرة على هذه المحافظة منذ زمن بعيد؛ كي تستطيع توفير موارد مالية للتابعين لأمريكا ومرتزِقتها بحسب المخطّط، موضحًا أن تلك السيطرة كانت بموافقة الحكومات السابقة؛ مِن أجلِ تنفيذ المخطّط الأمريكي الذي يعرف بالمشروع القديم الجديد.
ويشير الدكتور حجر في حديثه لصحيفة “المسيرة” إلى أن المشروع يتضمن حرمان الاقتصاد الوطني من النقد الأجنبي وخزينة الدولة من مستحقات الخزينة العامة والمجتمع من الطاقة وما يرتبط بها من أنشطة خدمية صحية واقتصادية وصناعية، بل والمتطلبات المنزلية من مادة الغاز، وهذا ما يحقّق هدف دول العدوان بتحقيق أقصى الضغوط الاقتصادية؛ بهَدفِ إيجاد خلخلة في الجبهة الداخلية وسخط مجتمعي وبالأخص بعد فشل دول العدوان الذريع العسكري والسياسي والإعلامي والأخلاقي.
وحولَ استثماراتِ المرتزِقة في الخارج يوضح الدكتور حجر أن قيادات المرتزِقة يستغلون النفط وإيراداته ليشتروا بها الفلل والشقق السكنية في تركيا والقاهرة وكذا في الدول الممكن أن تستقبلهم بعد انتهاء العدوان من خلال ما يضخون إليها من استثمارات منقولة من موارد وثروات المجتمع.
من جانبه، يؤكّـد الخبير الاقتصادي، رشيد الحداد، أن حزب الخونة الإصلاح تمكّن من السيطرة على محافظة مأرب بعد العدوان بشكل كلي ومباشر وحولها إلى معقل أَسَاسي له وللتنظيمات الإجرامية وسيطر على الثروة النفطية والغازية وإيراداتها وُصُـولاً إلى إيرادات المنافذ البرية والبحرية ومنها منفذ الوديعة الذي ارتفعت إيراداته إلى أكثر من ٤٠ ملياراً سنوياً، مُشيراً إلى أن حزب الإصلاح أصبح اليوم لا يخشى على مأرب كمدينة أَو كحضارة ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، بل يخشى على مصالحه الاقتصادية والمالية الكبرى التي تتجاوز المليار دولار سنوياً.
ويضيف الحداد لصحيفة “المسيرة” أن حزبَ الإصلاح يحاولُ الدفاعَ عن مصالحه في عرش الإخوان الاقتصادي في مدينة مأرب التي استغلت وأهدرت ثرواتها من قبل قيادات عسكرية وحزبية في الحزب الخائن طيلة ست سنوات، ومن خلالها تمكّن حزب الخونة الإصلاح والتنظيمات الإجرامية من السيطرة على شبوة؛ باعتبَارها محافظةً نفطيةً، وكذاك على منابع النفط في وادي حضرموت، والتي أصبحت بيد دولة الاحتلال الإماراتي، ولهذا فمعركة الإصلاح لم تخرج عن نطاق مصالح دول العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي.
ولأن حزبَ الخونة الإصلاح عمد إلى السيطرة على محافظة مأرب؛ بسَببِ موقعها الاستراتيجي الهام ومواردها الطبيعية التي لا تنضب، يقول المتحدث الإعلامي لتكتل الأحزاب المناهضة للعدوان، الدكتور عارف العامري: إن الحزب استطاع أن يفرض سيطرته على شركة صافر للغاز، وقام باستبدال أكثر الموظفين فيها بغيرهم من أبناء وأقارب قيادات الحزب، والمنتمين إلى حزبهم، ناهيك عن آبار النفط الخام المتحكمة فيها دول العدوان والذي يتم بيع النفط الخام إليها بأسعار مخفضة مقابل السماح للمرتزِقة باستخراجه، فكانت منهجية حزب الخونة في أن يملأ خزائن أعضائه وزيادة أرصدتهم، الأمر الذي جعلهم يبنون القصور ويتملكون العقارات الباهظة الثمن في عدد من دول العالم.
ويوضح العامري لصحيفة “المسيرة” أن حزب الخونة بعد أن سيطر على محافظة مأرب رفض أن يورد أية مبالغ مالية إلى البنك المركزي في عدن الواقع تحت سيطرته منذ نقله من صنعاء، كما رفض تسليم مرتبات الموظفين وهو ما زاد من جشعهم وطمعهم واستماتتهم في استقطاب واستجلاب وتوظيف المرتزِقة للوقوف إلى جانبهم في مواجهة الجيش واللجان الشعبيّة، مُشيراً إلى أن تلك الاستماتة شهدت مؤخّراً في إغراء مرتزِقة من المحافظات اليمنية الجنوبية للقتال في صفهم بمرتبات مغرية.
توظيف أمريكي
وباعتبار أن هذه المحافظة هي بوابة هامة لتحرير الوطن من الوجود الأجنبي، فَـإنَّ سيطرةَ حزب الخونة عليها لم تكن مجانية، بل توظيفٌ لما يملى عليهم من أنظمة العدوان الأمريكي السعودي، فكان ثمن تغاضيهم عن جرائم ذلك الحزب السماح لهم بنهب النفط والآثار واستخراج الموارد المعدنية الطبيعية والعبث بمقدرات البلاد، دون أي اعتراض.
ويبين الاقتصادي رشيد الحدّد أن هناك محاولات يائسة لإبقاء السيطرة على مأرب، عبر التخابر مع دول العدوان على بلادنا، وكذا تجميع العناصر الإرهابية المتطرفة إلى محافظة مأرب، الأمر الذي يدل بما لا يدع مجالاً للشك، أن هذه المحافظة تمثل للمرتزِقة والخونة ودول العدوان، كنزاً لا يجب التفريط فيه مهما كلف الأمر من تضحيات أَو ما يقدمه ذلك الحزب من تنازلات سياسية لصالح إدارة العدوان.
وبحسب الحداد، فَـإنَّ ما يقوم به حزب الخونة العميل من تحشيد ومحاولة فتح جبهات جديدة، واستعانة بقوى أجنبية أَو مرتزِقة داخليين، يدل على أن هذه المحافظة تعني لهم الكثير من الجانب الاقتصادي، وبحسب المخطّط الأمريكي؛ كونهم لا يعيرون آلام الشعب اليمني أي اهتمام، بل إنهم كانوا يساندون تشديد الحصار خَاصَّة على المشتقات البترولية والمواد الغذائية والأدوية ليتحكموا في قوت الشعب ومصيره من خلال تغذية السوق السوداء بأسعار خيالية في جميع أنحاء الجمهورية اليمنية، وهي تزيد من معاناة الشعب اليمني وتزيد من مكاسب حزب الخونة، وبهذا تكون عودة مأرب إلى حضن الوطن، من أشد الخسائر التي ستلحق بحزب “الخونة” ودول العدوان والتي ستغير كَثيراً من المعادلة السياسية والعسكرية في المستقبل القريب.