إطلالةُ النور
د. فاطمة بخيت
جاء شهرُ الخير والبر والإحسان، جاء خيرُ الشهور؛ ليذكِّرَنا بالنعمةِ العظيمةِ التي مَنَّ الله بها علينا أن جعل لنا محطةً سنويةً إيمانية، تربوية، نتزود فيها من الطاعات لعلنا نزدادُ قُرباً من رَبِّ الأرض والسماوات، ونتخلص من الذنوب والمعاصي التي تبعدُنا عن المولى عز وجل وعن رعايته ومرضاته، وتسبب لنا الشقاء في دنيانا وأُخرانا.
محطةٌ تجعلنا نرتقي في إيماننا وتقوانا، إذَا ما اتبعنا توجيهاتِ الله، وأخذنا بأسباب الفوز والنجاة، وتزوّدنا بخير الزاد، ليكون لنا ذُخراً يومَ المعاد.
وفي هذا الشهر الكريم هناك محطةٌ أَيْـضاً تجعله أكثرَ نوراً وروحانية، وهي إطلالة سيدي ومولاي القائد العلم -يحفظه الله- في محاضراته الرمضانية، ليزيدَ النورُ نوراً، ويبلغَ شُعاعُه منتهاه، ليضيءَ بوهجه دهاليزَ النفوس المظلمة، فيملأها نوراً وأملاً.
وكلما اقتبستُ أكثرَ كلما ازدادت شوقاً لاقتباس المزيدِ ليضيءَ لها عتماتِ الطريق، وكلما نهلت من ذلك المعين كلما زاد عطشها لشرب المزيد، فتُروى أرواحٌ عطشى، ونفوسٌ لهفى، ظلّت تنتظرُ هذه اللحظات بشوق يسابق عجلات الزمن، حتى تحينَ تلك اللحظةُ التي تزدادُ فيها علماً وبصيرةً من هدى القرآن، وبيِّنات الهدى والفُرقان، من معين أعلام الهدى وأنوار الدجى، قرناءِ القرآن، وأولياء الرحمن.
فتظل الأرواحُ توّاقةً لتلك الإطلالة النورانية، فتسكُنُ كُـلُّ الحواس الشاردة، وتشعُرُ كُـلُّ ذرة في أجسادنا بحاجتِها الماسَّةِ للإنصات والإصغاء كُـلَّ ليلة، لتزدادَ وعياً وبصيرةً بالغاية الأَسَاسية من الوجود في هذه الحياة، فتزكو النفوس وتسمو الأرواح.