الصمَّـاد.. الوجع الذي تحول غضباً
سند الصيادي
لن نطالبَ أيَّ رئيس للبلاد في الحاضر أَو في المستقبل إلا أن يكون صمَّـاداً، وَبدلاً عن سرد قائمة من المعايير التي نطمح بها في شخصية الرئيس الذي يجب أن يكون.. فسنختزلها بكلمة واحدة.. “شخصية الصمَّـاد”.. وَبها نكون قد أحسنا السرد والاختصار وَتجاوزنا معايير فضفاضة المفردات مفرغة المضمون.
كان هذا الرجلُ الرئيسُ المؤمُن أنموذجاً متكاملاً للقائد الذي ظلت اليمن تفتقده وَتحتاجُه وَيحن أبناؤها إليه، كان حُلماً متراكماً عبر العقود الجدباء المقفرة لهذا الشعب، ثم جاء دفعةً واحدة في ظروف استثنائية وَغير مسبوقة، جاء في ظل أشمل وأوضح استهداف مرت به الأرض والهُـوِيَّة والشعب اليمني، وفي صفيح المواجهة الأكبر ترجل سريعاً، جاء كالبشارة، وَرحل كالفاجعة.!
وَبرغم الوجع المحلي الذي لا ننكره وَلا نتحرج من قوله، ذلك الذي أحدثه رحيله كرئيسٍ وقائد شجاع في المواجهة للعدو بقدر شجاعته في المقارعة للفساد والمفسدين، وَكرجل عملي صادق في عزمه على تنفيذ رؤية وطنية مستقبلية وشاملة، وَباعتباره كان قائداً حيوياً وَنشطاً في تحَرّكاته وَتعدد مجالات اهتمامه وَحسن إطلالته وَعمق مفردات كلماته وَخطاباته، إضافة إلى حزمة من القيم والسلوكيات التي كان يتحلى بها وَيشهد بها كُـلّ من عايشوه عن قرب، وَعلى رأسهم قائد المسيرة القرآنية التي تخرج منها الشهيد.
إلا أن استشهاده لم ينتج هزيمةً أَو يمنح لقاتليه نصراً ميدانيًّا وَما أراده القاتل من وراء جريمته تلك وَمن عدوانه عُمُـومًا على هذا الوطن لم ينله في المحصلة.
نعم أوجع اليمنيين عاطفياً وَفجعهم، لكن ذلك الوجع لم يظل حبيسَ الدموع والنواح، بل أحيل إلى غضب عارم، وَزاد من حدة المواجهة والردع وَما ناله العدوّ بعد موته كان أشد تنكيلاً مما كان في حياته.
فشلت حسابات العدوّ التاريخية هذه المرة مع اختلاف الدوافع وَالوعي الشعبي وَالمنهج المتبع، فالمشروع الذي أراد أن يوأد لم يكن حصراً في الرئيس الشهيد، بل إن الشهيد كان أحد نماذجه وأبرز مخرجاته التي لا تزال حاضرة في حاضر كُـلّ يمني حر وَشريف.