“ليندركينغ” يعودُ إلى المنطقة حاملاً مخاوف بلاده بشأن “مأرب”.. وبن سلمان “يعدّل” خطابه!

عبد السلام: أي خطاب إيجابي تجاه اليمن مرهون برفع الحصار ومعالجة الملف الإنساني

المسيرة | خاص

على وَقْعِ ضجيجِها المتزايدِ نتيجةَ استمرار هزائم مرتزِقتها في مأرب، أعادت الولاياتُ المتحدة الأمريكية إرسالَ مبعوثها الخاص لليمن، تيم ليندركينغ، إلى المنطقة؛ لمرافقة المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، في جولة لقاءات جديدة، تأتي بعد أسابيع من جولةٍ سابقة كانت تهدف إلى الضغط على صنعاء؛ لوقف التقدمِ في مأرب ووقف الضربات الصاروخية والجوية على السعوديّة، من خلال “الابتزاز” والمقايضة بالملف الإنساني، الأمر الذي رفضته صنعاء بشكل كامل، كما يأتي انطلاق هذه الجولة تزامناً مع “مغازلات” جديدة من قبل ولي عهد النظام السعوديّ لصنعاء التي أكّـدت أنه لا معنى لأي خطاب “إيجابي” بدون ترجمته على الواقع برفع الحصار ومعالجة القضايا الإنسانية.

وأعلنت الخارجيةُ الأمريكيةُ، أمس الأول، أن مبعوثَها إلى اليمن، توجَّـهَ إلى السعوديّة ثم سيتوجّـه إلى سلطنة عُمان، لعقد لقاءات “تركز على ضمان تقديم السلع والمساعدات الإنسانية وتعزيز وقف دائم لإطلاق النار” مشيرة إلى أن المبعوث “سيبني على الإجماع الدولي لوقف الهجوم على مأرب”.

ما أعلنته الخارجيةُ الأمريكيةُ لا يبشِّرُ بأن ليندركينغ يحمل في جعبته أي جديد، فالتركيزُ على محاولة إنقاذ المرتزِقة في مأرب، والإصرار على ربط الملف الإنساني بالمِلفات العسكرية والسياسية، يعني أن الولايات المتحدة لا زالت غيرَ جادة في التوجّـه نحو سلام حقيقي يفضي إلى وقف العدوان والحصار، وهو ما يرجّح أن تكونَ الجولةُ الجديدةُ مُجَـرّدَ محاولة إضافية لتضليل الرأي العام والمجتمع الدولي للهروب من الضغوط والانتقادات التي تواجهها إدارة بايدن محليا ودوليًّا، بشأن التورط الأمريكي في الحرب على اليمن.

وقالت وكالةُ الأنباء السعوديّة الرسمية، أمس الجمعة: إن ليندركينغ التقى بولي العهد السعوديّ محمد بن سلمان، في إطار هذه الجولة، وذلك بعدَ يوم من تصريحات للأخير “غازل” فيها صنعاءَ بوصف من أسماهم “الحوثيين” بأنهم “عربٌ ولديهم نزعةٌ عروبية”، وهو ما اعتبره مراقبون اعترافًا واضحًا بسقوط مبرّرات العدوان التي كانت تدّعي أن السعوديّة “تواجه التمدُّدَ الفارسي الإيراني في اليمن”.

وفي رَدٍّ على تصريحات بن سلمان، كتب رئيسُ الوفد الوطني محمد عبد السلام، على تويتر أن “أيَّ خطابٍ إيجابي تجاه اليمن مرهونٌ بتطبيقه عمليًّا برفع الحصار وإيلاء الجوانب الإنسانية أولوية؛ كونها قضايا ملحة تلامس حاجات جميع أبناء الشعب اليمني.

وَأَضَـافَ عبد السلام أن: “مثل هذه الخطوة سيكون مرحَّباً بها وتثبت حقيقة التوجّـه نحو السلام في اليمن”.

ويشير تصريحُ عبد السلام إلى استمرارِ “اختبار الجدية” الذي تضعُه صنعاءُ أمام السعوديّة والولايات المتحدة؛ لإثبات حقيقة نواياهم بخصوص البحث عن سلام في اليمن، حَيثُ يتلخص هذا الاختبار في أن تقوم الرياض وواشنطن بفصل القضايا الإنسانية على المِلفات السياسية والعسكرية، ورفع الحصار بشكل كامل وعاجل، وبدون مقايضات، الأمر الذي تستبعده المؤشراتُ الراهنة، حَيثُ يبدو أن الرياض وواشنطن ما زالتا متمسكتين بنسختهما غير المنطقية من السلام، والتي لا تتضمن وقفاً للعدوان أَو رفعاً للحصار، بل تهدف لـ”دفع صنعاء نحو إلقاء سلاحها”، بحسب تعبير المبعوث الأمريكي، في وقت سابق، أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس.

وكانت الولاياتُ المتحدة قد صعّدت “ضجيجَها” خلال الأيّام الماضية بخصوص معركة مأرب، تزامناً مع كشف وسائل إعلام أمريكية ودولية عن استمرار انهيارات المرتزِقة في المحافظة، وتحقيق قوات الجيش واللجان تقدما مهما باتّجاه مدينة مأرب.

وتحاول الولاياتُ المتحدة والسعوديّة منذ مدة التعويضَ عن الهزائم المُستمرّة للمرتزِقة في مأرب، من خلال مقايضة الملف الإنساني بمكاسبَ عسكرية وسياسية تضمن لهما وقف العمليات العسكرية لقوات الجيش واللجان الشعبيّة، تحت يافطة “وقف إطلاق النار”.