السيد عبدالملك الحوثي في محاضرته الرمضانية الـ 23:
الله أنعم علينا بنعم واسعة إنما كيف نستثمرها ونعمل فيها بشكل صحيح ونشكُرُ الله عليها
استيرادُ اللحوم مشكلة خطيرة فبعضها ليست حلالاً وأكلها فيه مضار صحية ومفاسد روحية
كل الدول الصناعية تهتم بإنتاج الحليب ومشتقاته ويمكن أن يكون هناك اهتمامٌ في البلد بهذا الشيء بدلاً من الاعتماد كلياً على الاستيراد من الخارج
العسل نعمة كبير ويمثل ثروة ضخمة إذا اتجه الكل إلى انتاجه والاستفادة من التقنيات الحديثة التي تساعد على جودة الإنتاج وتحسين الإنتاج وتسهيل الإنتاج
أَعُـوْذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ
الحَمْدُ لله رَبِّ العالمين، وأَشهَـدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ المَـلِكُ الحَـقُّ المُبِيْن، وأشهَدُ أن سَيِّـدَنا مُحَمَّــدًا عَبْـدُه ورَسُــوْلُه خَاتَمُ النبيين.
اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صَلَّيْتَ وبارَكْتَ على إِبْـرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ إِبْـرَاهِيْمَ إنك حميدٌ مجيدٌ.
وارضَ اللَّهُم برِضَاك عن أَصْحَابِهِ الأَخْيَارِ المنتجَبين وعَنْ سَائِرِ عِبَادِك الصالحين.
اللَّهُّم اهْدِنَا، وَتَقَبَّــــلَ مِنَّـا، إِنَّــكَ أَنْتَ السَّمِيْعُ العَلِيْمُ، وَتُبْ عَلَيْنَا، إِنَّــكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيْــمُ.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ والأخواتُ..
السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه.
نستكملُ الحديثَ على ضوءِ الآيةِ المباركة في سورة الأنعام، وفي إطار النص القرآني المبارك في قول الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}[الأنعام: من الآية151]، تحدَّثنا عن بعضٍ من نِعَمِ اللهِ “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” على ضوء بعض الآيات القرآنية فيما خلقه الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” من الثروة النباتية للإنسان، وما فيها من النعم الواسعة جداً، والتي إن أحسن الإنسان استثمارها؛ ينتفع منها في حياته انتفاعاً واسعاً، وتعالج له مشكلة الفقر، ويتوفر له من خلالها احتياجاته الأَسَاسية.
وفي محاضرةِ اليوم نتحدثُ أَيْـضاً عن نعمةٍ من نِعَمِ الله الكبيرة على هذا الإنسان، من نعم الله العظيمة على هذا الإنسان، ومن رزقه الواسع “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، هي ما أنعم الله به علينا كبشر من الأنعام والثروة الحيوانية، الثروة الحيوانية نعمة كبيرة جِـدًّا على الإنسان، والثروة الحيوانية هي توأم الزراعة، فيما ينتفع به هذا الإنسان منها من منافع واسعة، وبأشكال متعددة.
يقولُ اللهُ “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ (71) وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ (72) وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ}[يس: 71-73]، الأنعام هي تشمل: الإبل، والبقر، والضأن، والماعز، كلها يطلق عليها أنعام، وهي من النعم العظيمة التي أنعم الله بها على المجتمع البشري.
ومن عجيب ما مَــنَّ اللهُ به في هذه النعم: أنها مع كبر حجمها، بالذات الإبل، والبقر، حجم كبير وقوي، ولكنَّ الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” سخَّرها للإنسان، ذللها للإنسان، ومكَّن الإنسان من اقتنائها، ومكَّنه من الانتفاع بها في جوانب كثيرة: في غذائه، وكذلك فيما يتعلق بالإبل في ركوبه ونقله عليها الأثقال، والمنافع الكبيرة أَيْـضاً في البقر، مثلاً في الثور مسخَّر أَيْـضاً للاستفادة منه فيما يتعلق بالزراعة، فتهيئة الله لهذه الحيوانات لأن يتمكّن الإنسان من اقتنائها، وتملُّكها، وأن تكون مذللةً له، وأن يتهيأ له الانتفاع منها بسهولة، هذه بحد ذاتها نعمة كبيرة؛ لأَنَّها لو بقيت وحشيةً لصَعُبَ اقتناؤها؛ وبالتالي لصَعُبَ الانتفاعُ منها.
الجَمَلُ لو أتى وهو هائج على طول أَو متوحش بشكل مستمر، كيف سينتفع منه الإنسان إلَّا بصعوبة بالغة جداً، وبشكل محدود جداً، الناقة كذلك عندما تكون لو بقيت متوحشة، ولم تقبل أن تذلل، وأن تستخدم؛ لكانت متعبة جداً، ولصعب الانتفاع منها، البقرة -كذلك- لو كانت متوحشةً جداً، وكلما حاولت الاقتراب منها تتجه لتنطحك؛ لصعب الانتفاع منها، ولكنَّ الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” ذلل الإبل، ذلل البقر، فبتذليل الله لها ينتفع منها البشر انتفاعاً كبيراً، وعادةً في المجتمعات التي عندها عناية باقتناء الثروة الحيوانية، باقتناء هذه النعم، باقتناء الأنعام، يصل الأمر إلى درجة أن يمكن أن يقوم عليها في رعيها، أَو في الانتفاع منها في بعض الأمور أطفال ونساء، من دون أي قلق، ويتمكّنون من حسن الانتفاع منها بأشكال متعددة، ومنافع متعددة، هذه نعمة من الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، ما كانت لتكون كذلك مذللةً للإنسان على كبرها وحجمها، الجمل، الناقة، الثور، البقرة، لولا أنَّ الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” ذللها.
كذلك الماعز يمكن أن يكون سريعاً، ولا يبقى للإنسان، لا يتمكّن من أن يمسك به، لولا أنَّ الله ذلَّـلَه للإنسان، فالله ذلل هذه النعم الكبيرة للإنسان؛ ليتمكّن من الانتفاع بها في منافع واسعة في حياته.
{وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ}، والإنسان على مرِّ التاريخ استفاد بشكل كبير من الإبل في الركوب عليها في الأسفار البعيدة، وكانت وسيلة نقلٍ رئيسية للأسفار البعيدة، وبالذات في المناطق الصحراوية، كان يستفيدون منها، ولا زال إلى الآن المجتمع البشري في كثير من مناطق الدنيا يعتمد عليها بشكل كبير جداً، ويستفيد منها.
{وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ}، وكذلك مصدر غذاء ممتاز، واللحم من أهم المواد الغذائية الممتازة جداً، لا مجال معه إلى سوء التغذية، وإلى الضعف، والهزال، والأمراض التي تنشأ عن الضعف، عندما تتوفّرُ الثروةُ الحيوانية لدى مجتمعٍ معين، يتوفر لديه غذاء ممتاز جداً، أحسن الإدامات، وأفضل الأغذية، في قيمتها الغذائية، في قوتها الغذائية، يصبح ذلك المجتمع مجتمعاً صحياً، وقوياً، وأبدان قوية، وأجسام قوية، عنده غذاء ممتاز.
{وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ}، منافع كثيرة جِـدًّا يمكن أن نتحدث عن البعض منها -إن شاء الله- في سياق الحديث، {وَمَشَارِبُ}، مشارب كذلك متنوعة: اللبن ما قبل أن يشتق منه أي مشتقات مثلاً، ثم ما بعد ذلك أيضاً، بعد أن يتحول إلى رائب، بعد أن يتحول إلى مشارب متنوعة، {أَفَلَا يَشْكُرُونَ}، فتصبح هذه نعمة كبيرة تسد للإنسان احتياجاته الضرورية في غذائه، وفي ملبسه… وفي منافع متعددة في حياته، وفي نفس الوقت عندما يستذكر أنها نعمة من الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، يتأمل ما منَّ الله به عليه فيها، يتأمل فيها مظاهر قدرة الله، وحكمة الله، ورحمة الله، وكرم الله، تكون لها أَيْـضاً فائدة إيمانية، فائدة إيمانية: تشدك إلى الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، وتدفعك مع هذا الإقبال، مع الالتفات إليها كنعمة من الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، تدفعك إلى الشكر لله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، فتحب الله، وتشكره، وتستقيم على طاعته، فالنعم هذه: الأنعام والثروة الحيوانية هي من النعم العظيمة التي أنعم الله بها، تعالج مشكلة الفقر للإنسان، وهي -كما قلنا- توأم الزراعة، إلى جانبها يكون هناك تكامل كبير في النعم المادية، مع الزراعة الثروة الحيوانية، كُـلّ منهما يكمِّل الآخر.
نحن في البلد مثلاً والواقع على المستوى العربي بشكلٍ عام فيما مضى، حتى على المستوى التاريخي، على مدى مئات السنين، وفي الزمان الماضي، كانت هذه النعمة متوفرة جداً، وكانت من أكبر الثروات الموجودة لدى العرب، ولدى المسلمين بشكلٍ عام، ثروة ضخمة، وكان هناك اهتمام باقتنائها، وعناية بها، وإدراك لأهميتها كثروة ضخمة، وثروة حقيقية، وإلى درجة أنه مع توفرها بشكلٍ كبيرٍ في كُـلّ المراحل الماضية، في كُـلّ الزمن الماضي إلى درجة أنَّ الأروش، والديات، والمهور، كانت في كثيرٍ من المناطق تقدَّر بها، وكان يعتمد عليها في ذلك، كان يعتمد عليها في دفع الديات، في دفع الأروش، في دفع المهور، فكانت ثروةً ضخمة يعتمد عليها الإنسان، يعني: حتى إلى درجة أن تقوم مقام النقد في كثيرٍ من الأمور المهمة التي تحتاج إلى مبالغ كبيرة مثلاً، فكانت ثروةً حقيقية، وثروةً متوفرة، يقتني الكثير منها، البعض يقتنون منها بالآلاف، البعض يتقنون منها بالمئات، ثم لا تكاد المنازل تخلو من اقتنائها، يعني: على المستوى الأسري كُـلّ أسرة يكون لها البعض من الأبقار والأغنام، سواءً على مستوى الضأن أَو الماعز، المناطق التي تتوفر فيها الإبل كذلك يصبح اقتناؤها على مستوى كُـلّ أسرة، أن تقتنيَ شيئاً منها، وباقتنائها يصبح هناك ثروة لدى من يقتنيها، ثروة حقيقية، ومصدر دخل، ومصدر غذاء -كما قلنا- لا مجال معه لسوء التغذية.
في الأرياف بشكلٍ عام إلى ما قبل عقود من الزمن، إلى ما قبل عشرات السنين، عندنا في اليمن في الأرياف لا تكاد تخلو أسرة من أن يكون لديها بقرة، أَو أكثر من بقرة، وأن يكون لديها البعض من الغنم، سواءً ضأن أَو ماعز، هذا كان متوفراً بشكل كبير، ويتوفر معه ماذا؟ تعمر الموائد، الموائد (موائد الطعام)، ما هناك أزمة، يتوفر الحليب، يتوفر اللبن، يتوفر السمن، يتوفر اللحم، يتوفر… وهكذا، إضافة إلى اقتناء غيرها، اقتناء الدجاج مثلاً، في الأرياف ما كادت تخلو أسرة من أن تقتني الدجاج، ويتوفر لها البيض، البيض البلدي بشكلٍ مستمر، ويتوفر مع ذلك غذاء صحي، لم يخضع لمواد حافظة، وتأثيرات في ألاعيب الصناعة، طازج، حليب طازج يومياً، ولبن طازج يومياً، ويأتي البيض يومياً، ومن دون مشقة، فهذه النعمة كانت متوفرة بشكل كبير، وكانت -كما قلنا- مصدر دخل نقدي، الإنسان يمكن أن يبيع: أن يبيع من الإبل، أن يبيع من البقر، أن يبيع من الغنم، أن يبيع من منتجاتها أيضاً، فيتوفر له المال، ومصدر غذاء مستمر؛ وبالتالي لم تكن كَثيراً من الأسر تعاني من همّ توفر الغذاء.
الآن عند الكثير من الأسر همّ في كيفية توفير الإدامات، توفير الحليب مشكلة، توفير الزبدة أَو السمن مشكلة، توفير البيض مشكلة على كثير من الأسر، البيض غالي الآن، وأصبحت هذه تمثل مشكلةً وهماً لكثيرٍ من الأسر؛ لأَنَّنا مع عقودٍ من الزمن مضت حصل فيها تيه، أولاً ابتعاد عن النعم والمنعم العظيم عن الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، غفلة، لم يبق الاهتمام بالشكل المطلوب في الإقبال إلى الله، في التمسك بدينه كمنهجٍ للحياة، ونظامٍ للحياة، والتفاعل مع نعمه “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، وحصل أَيْـضاً ارتباط بالخارج في كُـلّ هذه العقود التي مضت من الزمن، ارتباط كلي بالخارج، توجّـه كلي نحو الخارج؛ وبالتالي عدم اهتمام بالإنتاج الداخلي في كُـلّ شيء، في كُـلّ شيء، وهذه كانت خسارة كبيرة لبلدنا، نتج عنها -وخسارة كبيرة في سائر البلدان العربية- نتج عنها أن ينتشر الفقر إلى حَــدّ كبير، وأن تطرأ علينا مشاكل كبيرة في ظروف حياتنا، وألَّا نبقى أُمَّـةً منتجةً تمتلكُ ثرواتٍ حقيقيةً، تستثمرُ نِعَمَ الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، وتتوجّـه إليه بالشكر.
مع ما حصل من إهمال كبير في الالتزام الإيماني والديني، والتمسك بالحق، والتمسك بمنهج الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، فانتشر الجدب، أتت مشاكل كبيرة جداً: جور السلطان، ومع جور السلطان انتشار المفاسد، وضعف الالتزام الديني والإيماني في المجتمعات، فقلَّت الأمطار، وكثر الجدب، وقلَّت المراعي، وعندما قلَّت المراعي كذلك مثَّلت مشكلةً كبيرة في اقتناء هذه الثروة الحيوانية، فاتجه الناس للاعتماد على الخارج في كُـلّ شيء، وهذه مشكلة كبيرة.
الآن بدأت عملية أَو في هذه المراحل الأخيرة اعتمد الشعب، اعتمد البلد، اعتمدت البلدان العربية بشكلٍ عام على الاستيراد لكل شيء، الاستيراد للحوم، مع في ذلك من مشكلة خطيرة جداً؛ لأَنَّ بعض اللحوم التي تستورد ليست حلالاً، هي ميتة، هي من بلدان غير مسلمة، وتأتي كميتة، لا يحل أكلها، ولا يجوز أكلها، وأكلها فيه مضار ومفاسد روحية وصحية كثيرة، يستوردون الحليب، والحليب المجفف الآن من أكثر ما يستورد من الخارج، عندنا في اليمن وفي غير اليمن تستورد كميات هائلة جِـدًّا من الحليب المجفف، ويعتمد عليه بشكل رئيسي، وأصبح ثروة هو لبلدان أُخرى، ثروة ضخمة، يدر عليها دخلاً كَبيراً وهائلاً جداً، أموال كثيرة، ويساهم في هذه الأموال كُـلُّ الأسر، من كُـلِّ أسرة تدفعُ قيمة حليب مسحوق، حليب مجفف مسحوق بودرة، فتذهب هذه الأموال الكثيرة بعيدًا عن جيوب اليمنيين، تذهب إلى جيوب الخارج، وإلى بنوكهم.
كذلك بقية ما يستورد، مثلاً: البيض، لحوم الدجاج… لحوم أُخرى تستورد، حتى لحوم الله أعلم بحقيقة ما هي، وهذه تمثل مشكلة كبيرة جداً، عندما أصبح الاعتماد على الخارج في استيراد هذه المواد الغذائية بشكلٍ يكاد أن يكون كلياً، يكاد أن يكون كلياً، مشكلة كبيرة جداً، يفترض العناية بهذه الثروة التي هي ثروة حقيقية، والاهتمام بها، والاقتناء لها، على المستوى الأسري وخارج المستوى الأسري، على المستوى الاستثماري، والآن الكثير من الدول فيها شركات ومؤسّسات تعمل لها مزارع: مزارع أبقار، أَو مزارع من الإبل، أَو مزارع من الغنم، أَو مزارع من الماعز، وتهتم باستثمارها بشكل كبير، ومنتجاتها كلها يستفاد منها استفادة مادية ضخمة، سواءً من حليبها، أَو من الزبدة، أَو من مشتقات الحليب، من الحليب المجفف يتم الإنتاج لمنتجاتها بأشكال كثيرة، أَو من صوفها للملابس، أَو من منافعها الكثيرة، نعم، فهي نعمةٌ عجيبةٌ، وفوائدها متنوعة، والإنسان يستفيد منها بأشكال كثيرة.
يقولُ اللهُ “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا}[النحل: من الآية5]، الله هو الخالق، هو الذي خلقها، وجعلها على النحو الذي يفيد هذا الإنسان، ويستفيد منها في كُـلّ شيء، {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ}[النحل: من الآية5]، {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ}، منها أحسن الملابس الشتوية، والإنسان يدفأ فعلاً، لا مجال للبرد، إذَا أصبح لك كوت منها، أَو أصبح لك كذلك فرش منها، أَو ملابس منها، تستفيد منها، وتدفئك دفء حقيقي.
{وَمَنَافِعُ}، المنافع منها منافع كثيرة، والأغراض كثيرة، الإنسان يستفيد سواءً من جلودها، يستفيد من شعرها وأوبارها، ويستفيد أَيْـضاً على مستوى حتى مخلفاتها، من أحسن السماد للنباتات مخلفاتها، من أحسن السماد للنباتات، لتخصيب الأرض، لتخصيب التربة، ويستفيد الإنسان منها على مستوى الملابس بأنواع متعددة، وأشكال متعددة ومفيدة، الفرش، يستفيد منها الإنسان على مستوى الأحذية، أحسن الأحذية هي التي تصنع من الجلود: جلود الأنعام، يستفيد منها الإنسان أَيْـضاً في الأحزمة، في الحقائب… منافع كثيرة جِـدًّا في حياته.
{وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ}، تأكلون غذاءً ممتازاً، غذاءً صحياً، غذاءً ينفع الجسم، يقوي الجسم، يذهب عنكم مشكلة سوء التغذية، إذَا الإنسان يأكل أندومي، والَّا يأكل أشياء بسيطة ليست ذات قيمة غذائية.
{وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ}[النحل: الآية6]، حتى على المستوى الجمالي، سبحان الله! جعلها الله نعماً ممتازةً، نافعةً، مفيدةً للإنسان بفوائد متنوعة جداً، ذات أهميّة كبيرة في حياته، ومع ذلك يلحظ الجانب الجمالي، كما في النباتات، كما جعل الله النباتات التي يتغذى منها الإنسان جميلة، ورائعة جداً، جعل كذلك الحيوانات التي ينتفع بها الإنسان، الحيوانات الحلال، فيها جمال حتى في حركتها، عندما يكون لك قطيع من الغنم، أَو قطيع متنوع فيه غنم، وأبقار… وغير ذلك، وفي مسراحها عندما تذهب للرعي، أَو لشرب الماء، وفي مراحها وهي عائدة، وقد تغذت، وشبعت، وضروعها قد أصبحت مليئة بالحليب، وأقبلت ذات جمال، وهذا يتجلى في الريف بشكل كبير جداً، عندما تخرج بين الخضرة، بين خضرة المرعى، فتأتي بألوانها الجميلة، وأشكالها الجميلة، وحركتها الجميلة، مع ما يشعر به الإنسان من ارتياح نفسي ويرى معه هذه الثروة، هذه النعمة، وما فيها من الفوائد والمنافع.
{وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأنفس}[النحل: من الآية7]، كما تحدثنا عن الإبل وفائدتها، وكانت قوافل الإبل هي التي يعتمد عليها الإنسان بشكل كبير، ولا يزال يعتمد عليها الكثير من البشر، في مناطق كثيرة في العالم، وتمر من طرق ضيقة، أَو طرق صعبة، أَو طرق محدودة، لا تحتاج إلى تعبيد للطرق، وشق للطرق، {إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}[النحل: من الآية7]، فهي من مظاهر رأفة الله ورحمته بعباده، والإنسان إذَا تعامل معها كنعمة، وتأمل فيما أنعم الله عليه فيها، وتأمل في ما فيها من مظاهر قدرة الله، ورحمة الله، وكرم الله، وحكمة الله، وعلم الله، يزداد إيماناً، فتكون منفعتها له حتى منفعةً إيمانية.
هذه النعم أَيْـضاً يقول الله عنها: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إلى حِينٍ}[النحل: من الآية80]، أثاث، يستفاد منه في البيوت لأشياء وأغراض كثيرة جداً، ومنافع متعددة، كم يمكن الحديث عنها على المستوى التفصيلي.
فمنها: أحسن الملابس، وأحسن الغذاء والإدام، ومع الزراعة تكون غذاءً مكملاً، الله جعل في الزراعة كذلك غذاء وكساء للإنسان، ومنافع أُخرى، والكساء أَيْـضاً في الزراعة متوفر، متوفر في القطن بشكل كبير جداً، أحسن الملابس تصنع من القطن، وهناك أشجار أُخرى يصنع منها أَيْـضاً الملابس، وكان بلدنا من أحسن البلدان إنتاجاً للملابس، ويعاني الآن من يصنعون المعاوز، ويصنعون القماش، من بعض المشاكل، ويمكن معالجة هذه المشاكل، والعناية بهذا الجانب بشكل كبير؛ حتى نؤمِّن لأنفسنا ضروريات حياتنا من أوطاننا: ما نأكل، ما نشرب، ما نلبس، الجانب الطبي، المواد الأَسَاسية، الجوانب. الأَسَاسية.
فالله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” يذكرنا بهذه النعم، يلفت نظرنا إلى حسن استثمارها، حسن الاستفادة منها، تمنن علينا وذلل لنا الأنعام، إلى درجة أنها تألف، تألف، الأنعام: البقر، الإبل، الغنم، الماعز، تألف من يقوم على تربيتها، والعناية بها، الاهتمام بها، بالذات إذَا كان يتعامل معها تعاملاً جيداً، تأنس به، تألفه، تقبل عليه، يتمكّن من حسن الانتفاع بها بشكلٍ أفضل.
هذه نِعَمٌ كبيرة جداً، ونِعَمٌ من الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، ورزقنا بها؛ إنما كيف نهتم بها، كيف نستفيد من التقنيات الحديثة في تربية المواشي، في طرق تربيتها، كيف نهتم بها من بقية الجوانب، مثلاً: يمكن أن يكون هناك اهتمام في مجالات الاستثمار في إنتاج الأعلاف، في إنتاج القوت لهذه الأنعام، حتى يتوفر بشكل رخيص، لا يكون مكلفاً، ويتوفر بشكل واسع، لا يكون هناك أزمة في توفير احتياجاتها الغذائية، قوتها، هذه مسألة ممكنة، ومتاحة، وتطورت في العالم، تطورت في العالم، وأصبحت أَيْـضاً من أهم ما يستثمر فيه في العالم، طرق تربية هذه المواشي بطريقة أفضل، يحافظ عليها بشكلٍ أفضل، وتساعد على تسهيل عملية الإنتاج فيها بشكلٍ أفضل، كذلك مسألة متاحة، الانتفاع منها بشكل واسع، مثلاً: المشتقات من الحليب، الآن هناك عناية كبيرة في العالم بالحليب ومشتقاته، الحليب غذاء رئيسي، غذاء عالمي، من أهم الأغذية التي يعتمد عليها البشر في حياتهم، وهناك في كُـلّ العالم، بالذات في الدول الصناعية، والدول النامية، اهتمام بصناعة وإنتاج الحليب ومشتقاته على نحوٍ واسع، يمكن أن يكون هناك اهتمام في البلد بهذا الشيء، بدلاً من الاعتماد كليًّا على الاستيراد من الخارج، بدلاً عن استيراد الحليب المجفف، يمكن تجفيف الحليب، عندما الله يخلق الحليب لنا، نحن نقوم بتجفيفه، والاستفادة منه، وتعليبه، هذه مسألة ممكنة، يمكن للمستثمرين أن يعملوا ذلك.
هذا مجال مهم حتى على المستوى الصحي، يمكن مراعاة الجوانب الصحية، والأمانة في ذلك، فينفع الناس، ينتفع الناس على المستوى الصحي، معالجة مشكلة سوء التغذية، الحليب مما يعالجها، الأغذية الممتازة، الأغذية المفيدة النافعة التي تقدم بطريقة صحية، تعلَّب بطريقة صحية، تنتج بطريقة صحية، تعالج مشكلة سوء التغذية، ومشكلة الكثير من الأمراض، تقي الناس من كثير من الأمراض؛ لأَنَّ كَثيراً من الأمراض تعود إما إلى سوء التغذية، أَو إلى الغذاء الغير الصحي، الغذاء الملوث، الغذاء الذي أنتج بطريقة أضيف إليه إما إضافات ضارة بالإنسان، أَو نقِّص منه ما يفيد الإنسان.
ممكن أَيْـضاً مع العناية بإنتاج الأعلاف، والعناية بهذا الجانب، العناية بالطب البيطري؛ لأَنَّه من المتطلبات المهمة جداً، للحفاظ على الأنعام وعلى الثروة الحيوانية، وهناك في البلد نقص في هذا الجانب كبير، يحتاج إلى إقبال المزيد من الطلاب، والدراسة فيه، والكوادر، ويحتاج أَيْـضاً إلى توفير المتطلبات الأَسَاسية لهذا الجانب المهم جداً، وهو جانبٌ ضروريٌّ ومهم أيضاً.
من الأشياء التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في إنتاج اللحوم، العناية حتى في مسألة المسالخ، المسالخ التي في المدن كيف تكون نظيفة، كيف تكون أَيْـضاً الذباحة فيها بالطريقة الشرعية، ومطابقة لتعليمات الشرع، وإلا ستكون ميتة، ميتة، ويأثم من يذبحها بطريقة غير صحيحة، عليهم أن يتعلموا، ويمكن أن يكون هناك رقابة وتأكّـد على مستوى النظافة، على مستوى صحة المواشي التي تذبح وتقدم من المسالخ، وعلى مستوى الضوابط الشرعية، والنظافة.
من المهم أَيْـضاً الرشد وحسن الاستخدام لهذه النعمة: مثلاً: عدم الإفراط في ذبح الإناث؛ لأَنَّ الإناثَ ثروةٌ ضخمةٌ للإنتاج، إنتاج المزيد وللتوالد، وهي أَيْـضاً مفيدة أَيْـضاً في حليبها، ويستفاد منها أَيْـضاً في الصوف وغيره، الصوف فائدة عامة، بشكل عام فيها (في إناثها، وفي غير إناثها).
فيما يتعلق أَيْـضاً بالتهريب المفرط إلى خارج البلاد لهذه الثروة: يفترض الحد من ذلك، لا بأس بالاستفادة التجارية منها، لكن ليس بالشكل الذي يؤثر على مدى توفرها في البلد، هذه ثروة ضخمة، وثروة مهمة، وثروة نافعة ومفيدة، ومشتقاتها كثيرة، ومنافعها كثيرة.
من الثروة الحيوانية ذات الأهميّة الكبيرة على المستوى الغذائي والصحي والتجاري: العسل، النحل والعسل: النحل ثروة حيوانية ضخمة تنتج العسل، يقول الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” عن هذه النعمة العظيمة: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إلى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُـلّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[النحل: 68-69]، النحل من الثروات الحيوانية الضخمة والمهمة والعجيبة، من نعم الله العجيبة، وتنتج منتجات متنوعة، منها غذاء ملكة النحل، ومواد أُخرى كلها ذات قيمة صحية عالية، ذات أَيْـضاً قيمة غذائية عالية جداً، ولكن من أوفر وأكثر ما تنتجه هو العسل، والعسل نعمة كبيرة جداً، من أعظم النعم العجيبة على الإنسان؛ لأَنَّ قيمته الغذائية عالية جداً، وقيمته الصحية؛ لأَنَّه يعزز المناعة في جسم الإنسان، ويكافح بالتالي الكثير من الأمراض، ويقيه ابتداءً من كثيرٍ من الأمراض، ويقول الأطباء: أن ملعقة واحدة يوميًّا من العسل يستمر عليها الإنسان ستقيه -بإذن الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”- من كثيرٍ من الأمراض، ملعقة واحدة يومياً، الأطفال كذلك إذَا تناولوا ملعقة صغيرة من العسل يوميًّا بشكلٍ مستمر يقيهم هذا من كثير من الأمراض، ويساعد أن يتمتع الإنسان بالصحة، والعافية، والقوة البدنية، ومهم جِـدًّا استثمار هذه النعمة، هذه نعمة من الله، نعمة من الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”.
أيضاً هناك مشاكل كبيرة طرأت فيما يتعلق بالنحل، بالذات مع اعتماد المزارعين على المكافحات والمبيدات الحشرية لمزارعهم، التي تكاد تبيد حتى الإنسان، وليس فقط الحيوانات، وعندما تذهب النحل إلى مزرعة وقد رشت بتلك المبيدات، يقضى عليها بالكامل، وتحصل مجزرة مروعة، في بعض المزارع تذهب إليها النحل، فلا تعود منها، تموت بين الأشجار، هذه كارثة، استخدام المزارعين للمبيدات والمكافحات التي كما قلنا تكاد حتى تبيد الإنسان، بعضها تصيب الإنسان بالسرطان، أَو تصيب الإنسان بفيروس الكبد، أَو تصيب الإنسان بسموم قاتلة، تضر بصحته، وتدمّـر صحته، توثر، هذا من أكثر ما أضر بالنحل في بلدنا، ولكن يمكن معالجة هذه المشكلة، ويمكن اختيار أماكن أَيْـضاً مناسبة للنحالين والنحل، أَيْـضاً في الماضي كما في الأبقار والأغنام كانت كَثيراً من الأسر زمان تقتني النحل، ويتوفر لها العسل، وموائدها عامرة: يتوفر فيها العسل البلدي، والحليب، واللبن، كذلك يتوفر فيها البيض البلدي، والسمن، أغذية ذات قيمة غذائية عالية، الشعب اليمني كان أبناؤه وشبابه رجال أقوياء أصحاء، غذاء ممتاز، والآن غذاء متدهور، وفي نفس الوقت قات بكميات كبيرة، تهزل الأجسام، وتضعف الأعصاب، ويؤثر هذا حتى على المستوى النفسي، والعصبي، والصحي، والبدني؛ وبالتالي على المستوى العملي.
العسل نعمة كبيرة جداً، وذو قيمة تجارية عالية، إنتاجه يوفر دخل كبير للإنسان، الذين يبيعون العسل، يبيعونه ويحصلون على مبالغ ضخمة، ويمكن أن يمثل ثروة ضخمة، ثروة وطنية ضخمة، إذَا اتجه الكل إلى إنتاجه، واستفادوا من التقنيات الحديثة، التي تساعد على جودة الإنتاج، وتحسين الإنتاج، وتسهيل الإنتاج، وتوفير الإنتاج، وبكلفة أقل، يمكن كذلك جانب التعليم، حتى الجامعات يفترض أن ترتبط في تخصصاتها بالواقع العملي، بالواقع العملي، وهذا مما يجب أن تلتفت إليه الجهات المعنية.
فيمكن أن يكون العسل أَيْـضاً مع أهميته التجارية، وأهميته الصحية، يحد من الأمراض، إذَا توفر العسل للناس، وتغذوا منه يومياً، هذا يقيهم الكثير من الأمراض، ويوفر لهم على المستوى الاقتصادي؛ لأَنَّ الأمراض من مشاكلها أَيْـضاً إضافة إلى كونها مشكلة صحية في جسد الإنسان، هي مشكلة اقتصادية، من أكبر ما يستنزف الناس مالياً، يذهبون إلى المستشفيات وإلى الوحدات الصحية، والمراكز الطبية، وأصبحت هناك أَيْـضاً حالة من الاستغلال، فكل شيء مكلف: العلاج مكلف، المعاينة الطبية مكلفة، وتتحول المشكلة إلى مشكلة وهم كبير على الناس حتى على معيشتهم، وظروفهم المعيشية والاقتصادية.
فقليلٌ من العسل يقيك عن غرامات كبيرة في العلاج، عن غرامات كبيرة في العلاج، مع عملية إنتاج العسل من المهم الالتزام بالأمانة، الالتزام بالأمانة في إنتاجه، والحذر من الغِش، من أكبر الجرائم الغش في كُـلّ شيء، والغش في العسل جريمة بكل ما تعنيه الكلمة، ومعصية كبيرة، من كبائر الذنوب الغش، (من غشنا، فليس منا)، والذي يغش في العسل مجرم، مجرم، هو يقتات بالحرام فيما يحصل عليه من دخل، ويخدع عباد الله، أَيْـضاً يؤثر الغش على سمعة هذا المنتج العظيم، الذي له قيمة وأهميّة كبيرة، عندما يرتاب الناس في مسألة جودته، والأمانة في إنتاجه، ويشكون في أنه مغشوش، يؤثر هذا حتى على تسويقه… والمفترضُ أن تكون هناك عنايةٌ أَيْـضاً بإنتاج هذه السلعة الثمينة، وذات القيمة التجارية والصحية والغذائية، وعناية به على المستوى الوطني، ومن ثم تصديره حتى إلى خارج البلاد، بدلاً عن الاعتماد بشكل رئيسي على استيراده من الخارج.
طرق التعامل مع النحل، وطرق التعامل في إنتاج العسل، والمنتجات الأُخرى ذات القيمة المهمة من النحل، أصبحت مما يدرس ويعلم، وارتبطت به تقنيات ووسائل حديثة مساعدة، مفيدة جداً، ويمكن الالتفات إلى هذا، وأن يكون هذا مصدر رزق كبير لكثيرٍ من الناس.
فنجد أن اللهَ “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” أنعمَ علينا بنَعَمٍ واسعة؛ إنما كيف نستثمر هذه النعم، كيف نعمل فيها بشكل صحيح، وكيف نشكر الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” عليها، وكيف نتعامل معها بشكلٍ صحيح، فنستفيد منها في منافعها الواسعة، منافعها المتعددة.
من النعم العظيمة جِـدًّا على مستوى الثروة الحيوانية: نعمة السمك، الثروة البحرية، يقول الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[النحل: الآية14]، البحر نعمة، وفوائده كثيرة، منافعه كثيرة، فيه نعم كثيرة، من ضمن هذه النعم: نعمة اللحوم، الأسماك، وهي نعمة مهمة جداً، قيمتها الغذائية عالية للإنسان، من أحسن الأغذية التي يتغذى بها الإنسان (السمك) غذاء ممتاز جِـدًّا على المستوى الصحي بفوائده الكبيرة، وَأَيْـضاً متوفر في البحر بشكل كبير، مهم جِـدًّا العناية بهذه النعمة، بحسن استثمارها، سواءً العناية بالبحر نفسه، بطرق الصيد: أن تكون سليمة، صحيحة، بالاستثمار في هذا المجال من الناس، من الجهات المعنية، بدعم الصيادين، وتسهيل عملية الصيد، وفي نفس الوقت ضبط عملية الصيد، لتكون بالشكل الصحيح؛ حتى لا تكون مضرة، وعبثية، وبطريقة غير سليمة ولا صحيحة، تؤثر على عملية الشعب المرجانية في البحر وغير ذلك، للصيد مواسمه، للصيد نظامه المناسب، الذي يساعد على أن تبقى هذه النعمة متوفرة ومستمرة، وأن يكون إنتاجها مستمراً.
ثم ما بعد عملية الصيد، كذلك هناك طرق لإنتاج الأسماك وتوزيعها، تتحمل لفترات وأوقات طويلة، وهناك التعليب لهذه النعمة، حسن التعليب لها والاستثمار بشكل أفضل لها، هذه نعمة من النعم المتاحة، التي تحتاج فقط إلى عناية بتحسين الإنتاج، بتوفير الوسائل، بتطوير الوسائل والأساليب، والاستفادة من التقنيات الحديثة، والتطور في هذه المجالات بكلها.
فهذه النعم العظيمة من النعم التي ينبغي التوجّـه لاستثمارها، والاستفادة منها حتى إيمانياً، في الشكر لله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، في دراسة مظاهر قدرة الله، ورحمته، وكرمه، وحكمته، فيها، وتعالج مشكلة الفقر للناس، والاستثمار فيها على المستوى الأسري، على المستوى الشخصي، على مستوى مؤسّسات، وعلى مستوى أَيْـضاً شركات، بتجميع رؤوس أموال، وإنتاج منظم، واستفادة من الوسائل والإمْكَانات الحديثة، ثروة ضخمة جداً، ونعم واسعة من الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”، نشكر الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى” عليها، وتحل مشاكل كثيرة للناس في حياتهم.
نكتفي بهذا المِقْــدَار..
قبل أن نُوَدِّعَكم في هذه الكلمة لا يفوتنا أن نتوجَّـهَ بالشكر لشعبنا اليمني العزيز، الذي خرَجَ خروجاً مشرِّفاً في مناسبة يوم القدس العالمي، عبَّرَ عن موقفه المبدئي الإيماني الصادق، بخروجه هذا، وهو يُعَبِّرُ عنه دائماً، ويترجمُ موقفَه هذا في توجُّـهِه الصادق، في صمودِه، في مواجهةِ العدوان، في ثباتِه على هذا الموقف الإيماني الصادِقِ والمبدئي.
نَسْأَلُ اللهَ سُـبْـحَـانَـهُ وَتَـعَـالَـى أَنْ يُوَفِّقَنَا وإيّاكُمْ لِمَا يُرْضِيْـهِ عَنَّا، وَأَنْ يتقبَّلَ مِنَّا ومنكم الصِّيَامَ، والقِيَامَ، وصَالِحَ الأعمال، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنا الأبرارَ، وَأَنْ يفرِّجَ عن أسرانا، وَأَنْ يشفيَ جرحانا، ويُعافِيَ مرضانا، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بنصْرِهِ.. إِنَّـهُ سَمِيْـعُ الدُّعَـاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه..