إرهاصاتُ معركة وعد الآخرة
مصطفى العنسي
إنَّ الأُمَّــةَ اليومَ تعيشُ حالةَ فرزٍ غيرِ مسبوقة بعد اتضاح الأمور وانكشاف الحقائق وتجلي وعد الله الصادق..
تأتي حالةُ الغربلة (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) حتى المؤمنين يمرون بذلك الاختبار والابتلاء.. (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ).
ونتيجة ذلك الفرز تصبح عاقبةُ الخبيثين كما قال الله (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّب وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جميعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئك هُمُ الْخَاسِرُون).
لقد كشفت الأحداثُ حجمَ الاصطفاف لخط النفاق من الأعراب الذين يسارعون في أمريكا وإسرائيل ويدافعون عنها في كُـلّ ميدان، بل ويتصدرون المواجهة خدمة لأمريكا وإسرائيل متجاوزين التطبيع إلى مَـا هو أكثر من ذلك ولكن لا نكترث لحالهم فهم ضعافٌ (وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شيئاً يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخرة وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم).
إن الأعرابَ اليومَ أشدُّ كُفراً ونفاقاً وأكثرُ تجرُّؤاً بتحيزهم الواضح مع العدوّ الصهيوني ووقوفهم معه جنباً إلى جنب، مساندين وداعمين ومدافعين عنه في معركته التي يخوضها اليوم ضد الفلسطينيين بكل وقاحة وبكل عمالة.
يحاربون الأقصى كما يحاربونَ بيت الله الحرام (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)، هؤلاء الذين يصطفون مع إسرائيل سبق وأن توعدهم اللهُ بالعذاب (وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَام ِوَمَا كَانُوا أولياءهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أكثرهُمْ لَا يَعْلَمُون) (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُون).
وسبق وأن توعدهم اللهُ بخسارة أموالهم..
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أموالهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّه فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُون) هذا هو حال الأعراب ومآلهم إضافة إلى خسارتهم الحتمية التي أكّـدها الله في سورة المائدة من الآية (53-52)..
إنهم لا يفقهون لما قدمه السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- في يوم القدس العالمي والذي أفصح عن الحتميات الثلاث التي وعد الله بها في القرآن وحدّد فيها مآلات الصراع ونهايته مع العدوّ الصهيوني مؤكّـداً اقتراب معركة وعد الآخرة والتي يحقّق الله فيها وعده بحتمية هزيمة العدوّ الصهيوني وحتمية خسارة الموالين له وحتمية غلبة حزب الله من المؤمنين الواثقين بالله والسائرين على هديه.
لو وعى الأعرابُ كلامَ السيد القائد لكان خيرا لهم ولكن (كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)، (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إلى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا).
إن وعدَ الله آتٍ لا محالة وما نراه اليوم من المواقف المشرِّفة لفصائل المقاومة الإسلامية في فلسطين وما يسطرونه من ملاحمَ بطولية خير دليل على بداية تحقيق وعد الله ففي تلاحمهم وتوحدهم المنظم نرى مصداقَ قول الله (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوص).
فالزخم الصاروخي الكبير للمقاومة في فلسطين والرد المشرف والقوي والمزلزل لَهو خيرُ دليل على معية الله وتوفيقه ومحبته لهم؛ لأَنَّهم صدقوا مع الله، كان الله حاضراً معهم مسدداً وناصراً ومعيناً..
يكفي الفلسطينيين شرفًا أن بدايةَ إرهاصات معركة وعد الآخرة كانت على أيديهم.. ويكفيهم فخراً أن سيدنا وقائدنا يقفُ إلى جانبهم يتابعهم عن كثب وحاضر مع شعبه اليمني، إن بالتبرع بالمال وإن بالاستعداد لكل الاحتمالات تجاه كُـلّ التطورات وحسب اللازم.. وهذا الموقف القوي من قيادتنا والاستجابة العظيمة من شعبنا اليمني لقيادته تجاه قضية فلسطين وكل قضايا الأُمَّــة رغم المعاناة والمأساة التي يعيشها الشعب اليمني وقيادته لهي المواساة الصادقة بالقول والفعل..
وإن شاء الله ستكشف لنا الأيّام القادمة ما يخبئُه السيدُ القائدُ من مفاجآت في قيادته لمعركة وعد الآخرة وما سيكتب الله على يديه من انفراجات لكل قضايا أمتنا والتي لا نستطيع أن نستوعبها ولكن نترك الأحداث تترجمُها وتفسِّرُها.