فلسطين.. من رماد النكبة إلى جمرة المقاومة!!

 

دينا الرميمة

مع ازدياد خطوات الأنظمة العربية إلى الحضن الصهيوني ازدادت محاولات الكيان الصهيوني لتهويد القدس والمدن الفلسطينية وتنامت رغباتهم لتهجير المزيد من الفلسطينيين لاستبدالهم بالمستوطنين الصهاينة الغارقين في وحل خرافات دينية مفادها أنها الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم وأن في الأقصى هيكلهم!!

ظن الصهاينةُ أن التغريبةَ الفلسطينيةَ التي حدثت في العام ١٩٤٨ في مدينة الخليل واستيلائهم على الحرم الإبراهيمي من السهل تكرارها متى ما أرادوا وفي أية بقعة شاءوا، فكان حي الشيخ جراح الواقع في قلب القدس هو وجهتهم، حَيثُ حاولوا اقتحامه وحاصروا المعتكفين في الأقصى في ليالي القدر المباركة وحولوه إلى ساحة عراك، صارت باحات القدس جبهات قتال بين جنود مدججين بالسلاح وشباب سواعدهم متوضئة بماء العزة وقلوبهم متسلحة بعشق الكرامة وحب أرض لطالما كانت حجارها هي السلاح الوحيد لمواجهة عدوهم في كُـلّ انتفاضة ومعركة!!

راهن الصهاينة في معركتهم هذه على الزعماء العرب المطبعين معهم والمعترفين لهم بأحقية الصهاينة في الأقصى وفلسطين الأمر الذي سيجعل نصرهم حتمياً وقطعياً ليكون قلب القدس لهم خلال ساعات قليلة!! وماذا سيبقى للجسد إذَا سلب القلب؟؟

تناسوا أن أُولئك الذين هجروا في 19٤٨م غادروا ديارَهم وهم يحملون سلاسلَ مفاتيحها على رقابهم أملاً بالعودة ذات يوم وورثوها لأبناء رضعوا حب فلسطين وعشق ترابها ولا تزال العودة إلى أرضهم الحلم الذي يسعون لتحقيقه عبر مسيرات تطالب بعودتهم وتؤكّـد تمسكهم بذلك الحق.

وكان الرهان الآخر للصهاينة هو مكامن الخلل والانقسام الحاصل بين فئات المقاومة والسلطة وتلك التقسيمات الجغرافية التي تعاني منها الأرض الفلسطينية بسَببِهم، وربما كان هذا الأمر سيحقّق لهم ما أرادوه إذَا ظل على مَـا هو عليه!!

ظنوا أن الشيخ جراح سيكون وحيداً في مواجهتهم ولن يقوى على ضربات بنادقهم وركلات أقدامهم، لكن ما إن سمعت غزة والضفة وكل المدن الفلسطينية أنين القدس حتى تداعى الجميع لنصرتها، وكما توحدت أَيْـضاً فصائل المقاومة ليكونوا فريقاً واحداً باسم “سيف القدس”.

سيفاً مزق سمعة الكيان الصهيوني وقطع أوصال جيشه الذي لا يُقهر كما يدعون!! الجيش الذي هزم الجيوش العربية كلها في ست ساعات بدا أمام إرادَة الشعب الفلسطيني ومقاومته أوهن من بيت العنكبوت.

ولأول مرة تساقطت على مدن فلسطين المحتلّة صواريخ ويل وغضب عمره يفوق السبعون عاماً.

وكلما ازداد العدوّ عنفاً ازدادت المقاومة عنفواناً واتّحاداً وتحدياً وإصراراً على تحرير مدنهم المحتلّة.

قصفت تل أبيب وعسقلان وأسدود واللد، ولأول مرة أغلق مطار بن غوريون تحت تأثير القصف الغزواي!! وهرع رئيس حكومة الكيان وقاداته ومستوطنيهم إلى الملاجئ.

بات الرعب يستوطن قلوبهم كما استوطنوا هم أرض فلسطين!! وأصبح صوت المقاومة الفلسطينية هو الصوت المسموع للعالم.

وبعد أن كانت قضية فلسطين في طي النسيان، صدح الإعلام العالمي باسم فلسطين وما يجري فيها ما بين مناصر وخاذل!! وبلا شك ما بين هنا صوت القدس وهنا صوت تل أبيب فرق شاسع، وهكذا عادت إلى الأذهان والذاكرة مدن فلسطين وقراها: جنين وأم الفحم ويافا وحيفا ورام الله “تجندت جميعها لنصرة غزة والقدس وكل شبر في فلسطين”.

هي معركة عمرها ١١ يوماً لكنها فرضت معادلات جديدة وجولة تقاس بها القوى ولا نصر إلا لصاحب الحق مهما كانت إمْكَاناته بسيطة!!

توحدت فيها الشعوب العربية وتلحفت بالعلم الفلسطيني مندّدة بالأنظمة العميلة التي سرعان ما هبت لإخراج حليفها الصهيوني من المأزق الذي وقع فيه.

وسرعان ما تنادوا أن كفوا عنا بأسكم فنحن لم نعد نحتمل أكثر فحر الملاجئ خانق والهزيمة العسكرية والاقتصادية يوماً عن يوم تلاحق جيشهم الذي تبين مدى هشاشته وهشاشة قبتهم الحديدية!!

وتحت شعار عدتم عدنا أعلن عن نهاية معركة هي بداية للفتح الكبير وتحرير كامل فلسطين، واحتفل الفلسطينيون بنصر غزة والقدس برغم الجراح والألم الذي خلفه القصف الهستيري الصهيوني على غزة!

فهم يعلمون أن لا شيء من غير ثمن وبالذات الأرض والوطن أثمانه غالية، أرواح ذهبت وأسر شردت وشبان خلف قضبان السجون ومنازل هدمت ولكن عندما يتذكر المرؤ أن وطنه بخير ومنتصر تهون كُـلّ التضحيات!!

سلاماً على شهداء غزة وأطفالها اليتامى ونسائها الأرامل سلام لمبانيها المهدمة وشوارعها وحواريها سلام لتربتها التي تخضبت بدماء أبنائها الأحرار، سلام للون الحزن الذي يجتاح قلوبهم ولكنهم يبتسمون فرحة بنصر القدس والأقصى وكامل فلسطين.

نصرٌ من الله وفتح قريب..

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com