الأجيال ونهضة الشعوب..!

 

مصطفى إبراهيم

عندما تتعرف على الشعوب التي نهضت من الصفر لتكون في مصافِّ الدول المتقدمة في جميع المجالات وتستكشف أسباب نهضتها تجد أنها توجّـهت توجّـهاً متكاملاً وعملت عملاً تكاملياً شعبياً ورسميًّا لبناء أسس علمية وتعليمية صحيحة لأجيالها.

وكان التعليم وتطويره وتغيير المفاهيم والأفكار لأجيالها هو الشيء الذي تصب عليه كامل ثقلها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، نضرب مثلاً بدولة اليابان التي عملت بعد الحرب على بناء التعليم؛ لأَنَّها أحست بأن أكبر خلل كان يوجد لديها هو في البنية العلمية والمعرفية والتطبيقية، وعندما استغلت نقطة الضعف تلك وقامت بتحويلها إلى نقطة قوة، تغير الوضع لديها بشكل لم يكن أحد يتوقعه، بينما كان العرب على النقيض مع ذلك كله، فعندما استهدف أعداء الأُمَّــة العرب والمسلمين في هُــوِيَّتهم وثقافتهم وتعليمهم، وأمسكوا بزمام ذلك كله وصل حالهم إلى ما هو عليه، فأصبحوا مُجَـرّد سوق لبيع وشراء منتجات الآخرين، ومُجَـرّد أدَاة تنفذ مشاريع الآخرين، ومُجَـرّد أشخاص يلهثون وراء جر الوصاية والحروب والفقر على شعوبهم وبلدانهم.

ومتى ما قام أحد الأحرار ساعياً لتغيير ذلك بفكر منبعث من القرآن الكريم وثقافته، والإسلام المحمدي الأصيل وأصالته، ومتحرّراً من كُـلّ أشكال التبعية لأعداء الأمة، توجّـه العبيد لقمعه ومحاربته وسعوا للحيلولة دونه وما يريد.

ولقد شدّ انتباهي تلك الصور التي يقوم الصهاينة بأخذ أطفالهم فيها من المدارس بعد أن يقوموا بتثقيفهم بثقافات خاطئة وترسيخ العِداء في أعماقهم تجاه المسلمين والعرب وبقية البشرية وبعد أن يزرعوا تلك البذرة الخبيثة في نفسياتهم من ثم يذهبون بهم إلى معسكرات وَثكنات جيش العدوّ الإسرائيلي ليقوموا بتعريفهم على الأسلحة وتدريبهم عليها، وليكتبوا على تلك الصواريخ التي تقتل الفلسطينيين وتستهدف الأُمَّــة الإسلامية وأطفالهم “من أطفال إسرائيل إلى أطفال فلسطين”، بينما تجد مدارسنا كعرب وكمسلمين لا يتخرج منها إلا متخبطون تائهون لا يعرفون ولم يرد لهم أصلاً أن يعرفوا الصديق من العدو، أَو يتخرج منها أُولئكَ المنبهرون بالغرب المنحطين والمنحلين أخلاقياً الذين جل اهتمامهم هو في نقل المراقص والإباحية إلى بلدانهم وشعوبهم، أَو من هو مستعد حتى لضرب شعبه وأمته وتفجير نفسه في أحد المساجد أَو المستشفيات.

وما نستفيد من ذلك كله هو ضرورة أن نؤمن إيماناً قاطعاً وبيقينٍ راسخٍ بضرورة أن نتجه نحو القيام بتغيير جذري في التعليم وانتشال الأجيال من الحضيض؛ لتغيير واقعنا نحو الأفضل، وأن نقوم بتنشِئة الأجيال وتعليمِهم بثقافةٍ جعلت من العرب ومن الأُمَّــةِ الإسلاميةِ ذات يوم شيئاً وهم لم يكونوا شيئاً يُذكَر، وجعلتهم أُمَّـةً متحضرةً تمتلكُ كُـلَّ مقومات السيادة والريادة في جميع المجالات.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com