وقفةٌ في مقام “سيف القدس”!
سند الصيادي
انتهت جولةٌ من جولات الصراع الفلسطيني الصهيوني، غير أن تداعياتِ هذه الجولة لم تكن كسابقاتها بذات القدر التي اختلفت موازين وَمعطيات الحرب التي دارت خلالها، وَفيها انتفض الغضبُ الفلسطيني المتراكم ممتشقاً هذه المرة سلاحاً أكثر سطوة وَقدرة في التأثير على العدوّ، على الرغم من أن الحجارة أَيْـضاً كانت ترعبه وتحدث اهتزازاً في صفيح وجوده الهش وَالمتمايل في المنطقة.
وعلى خلاف السابقات، أوقف الكيانُ زمنَ هذه الجولة عند النقطة التي يمكن له أن يحصيَ خسائرَه وَأن يلملمَ نفسَه بعد مفاجآت لم تكن في الحُسبان، بعد أن عربَدَ في القول والفعل وَهدّد وتوعَّد بسوء المصير، وبعد أن استأنس بطَوقِ الحصار الذي يفرضُه على هذا الشعب وَيساندُه فيه قطيعُ الخونة المتناثرين على جنبات محيطِ المعركة، دعماً وَتواطؤاً وَصمتاً.
إنها الإرادَةُ حين تحضر، تتشقق تحت وقع هزاتها جدران العزلة والحصار، وبها تتعدد الخيارات وَتخلق البدائل وَتتهاوى السياجات والأسلاك وَيصل السلاح كرهاً، وَإرادَة الفلسطينيون حاضرة عبر كُـلّ المراحل، لم يوهن عزمها أَو يتراخى عضدها رغم وهن الأنظمة العربية وَضعفها وَتنكرها، فلسطين التي شاء الله أن يكون لها إخوة كإخوة يوسف إلا من رحم، وإلا فهم بين متخاذلٍ جبان وَبين متواطئٍ تنصل من عروبته وإسلامه وباع نفسه للشيطان.
ومن ضمير الخميني وَروح الثورة الإسلامية وَمد الموج المتصاعد لمحور المقاومة، جاء المدد سلاحاً وَمالاً وَمساندة، متجاوزاً بإرادَة الله عوائقَ الجغرافيا وَعيونَ العَسَسِ وَأسوار العزل، ليثبت أن ما صنعوا كيد ساحر. وليحرج أدعياء الفزعات وَثرثارو القضية وَمسوقو الذرائع والمبرّرات، وَتفشل الرهانات وَالصفقات بصراخات القدس وَصواريخ غزة، وَمواقف تاريخية تسطرها صنعاء وَبيروت وَبغداد وَدمشق وكل من سار على دربهم من أحرار الأُمَّــة وَالعالم.
وليصدق بهذه الجولة أولى مضامين قول قادتنا الفصل، بأن زمن الهزائم ولى بالتزامن مع حلول زمن كشف الحقائق، وبه تتمايز الحالة الرمادية إلى أبيض ناصع وَأسود حالك، وقبل يوم التقى الجمعان تكون المواقف قد ترسمت بمسمياتها غير المطاطة والممجوجة.. إمَّا عدوٌّ وَإمَّا صديقٌ.