آيار المقاومة.. فاتحةُ النصر وَمستهلُّ الحروب
سند الصيادي
حَلَّت هذه الأيّامَ الذِّكرى الـ 22 لأول انتصار أحرزه العربُ على كيان العدو الصهيوني..، وَبالقوة العسكرية لا بالسياسة تم حسم تلك المعركة، وهو ما يجعلُنا نصنِّفُ ذلك الحدثَ بكونه أولى المعارك الحقيقية التي خاضها العرب وَمستهل الانتصارات التي اجترحوها فعلياً، بعد تاريخ من المناوشات العربية الصهيونية التي لطالما كانت تنتهي إما بالمزيد من الهزائم الميدانية أَو بمكاسبَ سياسية مشبوهة حفلت بالمساومات والصفقات التي جزّأت القضية وَحيَّدت الأطراف وَأقرت بإسرائيلَ كدولة، فيما عزلت فلسطين عن محيطها العربي وَالإسلامي.
في مثل هذه الأيّام، انسحب جيش العدوّ الصهيوني من جنوب لبنان تحت النار مذلولاً مهزوماً بعد 22 عاماً من احتلاله لها.
وَبهذه الحرب ونتائجها، انتقل الصراع التاريخي إلى مرحلة منهجية جديدة أكثر جدية وَفاعلية واستمرارية من سابقاتها، هيأت لما بعدها من تحولات استراتيجية، وَأحدثت تمايُزاً في المواقف، بين منحازٍ إلى شعوب الأُمَّــة وقضاياها الجوهرية، وَبين منقادٍ للإرادَة الغربية مفضلاً الارتهان لها؛ حفاظاً على مصالحه وكرسيه ووجوده الشخصي.
وفي هذه الحرب -التي تشرَّفَ بحمل لوائها حزبُ الله ومن خلفه كُـلُّ أحرار الأُمَّــة- تلقى العدوُّ الصهيونيُّ الضرباتِ الموجعةَ التي لم يكن يعهدُها أَو يتوقعُها من العرب، وَتحت عزائم الرجال وَقوة الإرادَة وَصدق القيادة، وَبرغم الطابور الطويل من العُملاء والخونة الذين جنّدهم العدو للطعن والتشويش على المقاومة، انسحب المحتلُّ حاملاً معه فلولَ عملائه وَأحلامه وَدروساً استوعب خطورةَ مضامينها على وجوده الكلي في المنطقة.
نصرٌ ألهم أحرارَ الأُمَّــة فيما بعدُ بظروفه وَحيثياته وَمعطياته، بعد أن نجح في تفسيرِ أسبابِ توالي النكبات على العرب رغم حجم الجيوش والإمْكَانات التي كانت تُحشَدُ بلا عقيدة ولا إرادَة، وبه أعيدت صياغةُ بنود ومتطلبات الهزيمة لهذا الكيان، لتكون في متناول كُـلِّ التواقين إلى دروب الحرية وَالخلاص.
وكما هو حاصلٌ من صنعاءَ إلى فلسطين مُرورًا بدمشق وبغداد، فقد أحدث هذا النصرُ تحولاتٍ كبرى لصالح الشرفاء في الأُمَّــة، وَساهم في خلقِ “محور المقاومة” الذي يحتفي اليومَ بهذه المناسبة مع لبنان وَشعبها وَمقاومتها الباسلة ويرسُمُ دروبَ الحرية لفلسطين والقدس وزوال إسرائيل من الوجود.