سينتصرُ المطارُ على الحصار
بلقيس علي السلطان
المطاراتُ هي شرايينُ البلد التي تصله بالعالم، والتآمُرُ عليها بحصارها وضربها يعد جريمةً إنسانيةً متكاملة الأركان، وإحدى الطرق الإبادية للشعوب، وما شهده مطار صنعاء الدولي من غارات جوية وحصار جائر شل حركته تماماً هو إحدى هذه الجرائم الإنسانية، لما ألحقه هذا الحصار من أزمة إنسانية كبيرة انعكست على معاناة المرضى وجرحى الحرب، بالإضافة إلى صعوبة وصول الأغذية والدواء بشكل سليم، وكذلك المعانة التي يلاقيها العالقون في الخارج؛ بسَببِ إغلاق المنافذ البرية والجوية للمناطق المحرّرة ووسط معاملة لاإنسانية من قبل المطارات في المحافظات التي تقع تحت سلطة الاحتلال.
الحديثُ عن فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة أعاد الأملَ لكثير من الناس ممن هم بأَمَسِّ الحاجة للسفر إلى خارج الوطن، ومن الذين هم بحاجة إلى العودة للوطن، على الرغم من أن ذلك أثار حفيظة مرتزِقة الفنادق وأبواق العدوان والذين لا يستطيعون دخول المطارات الواقعة تحت سلطة الاحتلال إلا بإذن أسيادهم حتى إن البعض منعوا من دخولها!
يأتي التفاوض حول الملف الإنساني -الذي يستخدمه تحالف العدوان كأدَاة يتلاعب بها ويحقّق بها انتصارات عجز عن تحقيقها في الميدان- ومنها فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، يأتي في ظل ما تشهده الجبهات من انتصارات وتقدمات كبيرة جعلت من السعوديّة تهرول نحو عمان للتوسط؛ مِن أجلِ مداراة ما بقي من ماء وجهها الذي أهدره رجال الله في الجبهات وخَاصَّة بعد المشاهد الأخيرة التي بثها الإعلام الحربي لجبهة جيزان والتي كشفت حقيقة الجيش الذي يصنف من أقوى جيوش العالم، وخَاصَّةً بعد فشل المبعوث الأممي في التفاوض؛ لكونه جعل من الملف الإنساني وسيلةَ ضغط لتحقيق رغبات أسياده من قادات تحالف العدوان.
ومهما كانت الأسبابُ التي أرضخت السعوديّةَ وحلفاءها للقبول بفك الحصار عن مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة، فهذا لن يكونَ فضلاً ومِنَّةً منهم، بل استحقاقٌ إنساني ووطني للشعب اليمني الذي فقد الآلاف من أبنائه الذين كانوا بأمسِّ الحاجة للسفر؛ مِن أجلِ العلاج في الخارج، كما أن وصول الأغذية والأدوية عبر ميناء الحديدة وتفتيش السفن المحملة بها وحصارها عرض البحر جعلها تتحول إلى سموم قاتلة؛ بسَببِ الحرارة وسوء التخزين وبعد المسافة.
كان لا بد لتضحياتِ الشهداء والأسرى والجرحى أن تثمر نصرًا وعزًّا، وحتى وإن لم تنجح مفاوضات الوفد العماني بفتح المنافذ البرية والبحرية وإحلال السلام، فستنجح مفاوضات البنادق في الميدان والتي ستجعل تحالف العدوان يرضخ وينهزم أمام العنفوان اليماني، وستعود الطائرات الموسومة بـ(اليمنية) محلقة في أرجاء العالم وسيعودُ مطار صنعاء ليفتحَ ذراعيه لكافة أبنائه الشرفاء ليحتضنَهم بلدٌ واحدٌ وشعبٌ عريقٌ حر أبي اختار العزة والكرامة رداءً والحرية هدفاً والصمود طريقاً والمسيرة القرآنية منهجاً ورضا الله ونصره غاية وأملاً، والعاقبة للمتقين.