“التسييس” الرجيم لابن سلمان: ممنوع الحج على المسلمين!
المسيرة| محمد ناصر حتروش
يواصلُ النظامُ السعوديّ للعام الثاني على التوالي منعَ المسلمين والصدَّ عن المسجد الحرام، فالقدومُ إلى بيت الله الحرام وإحياءُ الركن الخامس من أركان الإسلام بات ممنوعاً من قبل المجرم بن سلمان بحج واهية من بينها كورونا.
هذا الصد جاء بإعلان من وزارة الحج والعمرة السعوديّة والتي اقتصرت الحج للعام 2021 على المواطنين والمقيمين داخل المملكة بإجمالي 60 ألف حاج.
وبرّرت الوزارة هذا التصرف وإلغاء مجيء الحجاج من خارج المملكة إلى ظهور تحورات جديدة لفيروس كورونا والاكتفاء بالحجاج من داخل المملكة فقط، مشدّدةً على ضرورة أن تكون الحالة الصحية للراغبين في أداء مناسك الحج خالية من الأمراض المزمنة، وأن تكون ضمن الفئات العمرية من (18 إلى 65 عاماً) للحاصلين على اللقاح، وفق الضوابط والآليات المتبعة في المملكة لفئات التحصين.
لكن هذه الذرائعَ لم تنطلِ على الملايين من المسلمين، وقد أثار هذا القرارُ سخطاً كَبيراً لدى الكثير من الهيئات والمنظمات الإسلامية، وذلك عبر البيانات المندّدة والساخطة لهذا التصرف، كما تداول معارضون سعوديّون دعواتٍ إلى الاحتجاجات تهدف إلى إسقاط النظام السعوديّ في يوم وقفة عرفة، 19 يوليو المقبل، وهو أكبر مناسبة دينية إسلامية في المملكة.
وأصدرت المبادرة الوطنية للتغيير بياناً أكّـدت خلاله أن الهدفَ من الاحتجاج هو “وقفُ العبث بالدين والاعتداء على شعائر الأُمَّــة، ووضعُ حَــدٍّ لمخطّطات هدم هُــوِيَّة المجتمع”، كما شدّد البيان على ضرورة إطلاق سراح كُـلّ المعتقلين والمعتقلات، والتصدي لترهيب النظام وقمعه للشعب بعدَ ما أوصل المجتمع للخوف من التعبير عن آرائه في السياسات العامة، وأفقد الشعب الطُّمأنينة والأمان.
ودعا البيان إلى تمكين الشباب من التوظيف، وتمكين البدون والمواليد من حقهم في المُواطنة، وإلغاء الضرائب المُجحفة، وتحسين معيشة المواطنين، وإنهاء معاناتهم من سياسة إيقاف الخدمات وتمكين الفئات الضعيفة من عَجَزَة وأُمهات وحيدات، ومُعوقين من حقهم في الحياة الكريمة.
وحثّ الداعون إلى الاحتجاج المواطنين على طَبْعِ المنشورات والكتابة على الحائط، وذلك في إطار الحشد ليوم الاحتجاج المنتظر، مقترحين إلقاء البالونات في شوارع الأحياء والأماكن العامة، وحرق الإطارات وابتكار وسائل جديدة باستخدام التقنيات الحديثة للاحتجاج.
كما دعوا إلى المقاطعةِ الاقتصادية لمنشآت الدولة عبر خفض استهلاك الوقود والكهرباء ومقاطعة المشروبات الغازية، والمعلبات، والمنتجات الغذائية والاستهلاكية التي يمكن الاستغناء عنها، والامتناع عن القيام بعمليات بنكية والتعامل بالنقد.
وتفاعل نشطاء معارضون سعوديّون على تويتر مع البيان ومع مقاطع فيديو تدعو إلى الاحتجاج، تحت هاشتاق “إسقاط النظام السعوديّ”، مؤكّـدين على ضرورة الحشد للتظاهرة في يوم عرفة.
وغرد محمد الدوسري، وهو ناشط سعوديّ على تويتر بالقول: “بيان عام للمبادرة الوطنية للتغيير، شارك المبادرة والحشد بالخروج يوم عرفة، معاً لنقول لهم كفاكم ظلماً وطغياناً. ألم يحن الوقت لنقف يداً بيد لنعيش حريتنا وحياتنا، كبقية الشعوب بالعالم؟ معاً لوقف الاعتقالات وقمع الحريات لنعيش حياة كريمة!”.
وكتب الناشط السعوديّ المعارض على الأحمد في تغريدة قائلاً: “احتجاج يوم عرفة ضد النظام الملكي السعوديّ المدعوم من الخارج يتسارع. هذا قد يغير قواعد اللعبة”، فيما قال حساب “ضرغام نجد” على تويتر: “الفصل وما أدراك ما يوم الفصل؟ ثورةٌ بإذن الله لا تبقي ولا تذر من حكم الخونة في “كيان آل سعود”، هذا اليوم احفظوه جيِّدًا “19/7/2021″ ليس يوماً كسائر الأيّام بل هو يوم تكتب على جنباته العزة والكرامة وبزوغ الفجر الذي بعده أشرقت شمس الحرية ورفعت كُـلّ المظالم وأدبر الغم عن الشعب وساد العدل”.
إفراغُ الحج من مضمونه الحقيقي
ويؤكّـد الأمين العام للملتقى الإسلامي، العلامة عبد المجيد الحوثي، أن فريضة الحج تعد من أقدم الشعائر الدينية التي جاءت في جميع الشرائع السماوية، ابتداءً بنبي الله آدم عليه السلام، وُصُـولاً إلى خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ويرى الحوثي أن شعيرة الحج رمزية لوحدة المسلمين والتقائهم على دين واحد وقبلة واحدة ومنهج واحد فالحج فريضة عظيمة، مُشيراً إلى أن النظام السعوديّ جرَّد الحجَّ من مفهومه، وأنه لم يعد للحج مفهومُه العظيم.
ويعد الحج مؤتمراً سنوياً لجميع المسلمين بمختلف مناطقهم وألوانهم ولغاتهم؛ وذلك ليثبتوا أن دينهم واحد وربهم واحد ومنهجهم واحد.
ويبين العلامة الحوثي أن آل سعود بعد أن أفرغوا الحج من مضمونه ومعناه يسعون إلى إغلاقه؛ بذريعة الوباءات وغيرها، في سياسة مشابهة لإبعادهم الناس عن زيارة الرسول الأكرم محمد وهدمهم ضريحَ الأئمة وخِيرة الصحابة من البقيع وغيرها.
ويعتقد الحوثي أن إغلاق الحج هو للفت أنظار الناس إلى أماكن اللهو والمراقص والبارات المتواجدة في السعوديّة وأن تصرفاتهم توحي بعدم أهليتهم لإدارة الحج، داعياً العالم العربي والإسلامي لتشكيل لجنة لإدارة المعلم الإسلامي العام الذي قال الله تعالى ((سواء العاكف فيه والباد)) وعدم استغلاله سياسيًّا.
ويلفت العلامة الحوثي إلى أن آل سعود يسيّسون المقدسات، الأمرُ الذي يحتِّمُ على الأُمَّــة الإسلامية نزعَ المقدسات من أيدي آل سعود وتشكيل لجنة من مختلف المناطق الإسلامية لإدارة الحرمين الشريفين، معتبرًا أن العقوبة لن تترك على الأُمَّــة إلا حين يترك البيت الحرام أن يؤم، مستدلاً بحديث للرسول الأعظم (لا تزال أمتي يكف عنها البلاء ما لم يظهروا خصالاً عملاً بالربا، وإظهار الرشا وقطع الأرحام وقطع الصلاة في جماعة وترك هذا البيت أن يؤم فإذا ترك هذا البيت أن يؤم لم يناظروا).
ويشير العلامة الحوثي إلى أن الله سيعجل بالعقوبة في حالة استمر الوضع كما هو، وَإذَا استمر النظام السعوديّ في إغلاق شعائر الحج، مؤكّـداً أن المفترض أن تكون المقدسات هي الملجأ وقت الشدائد وظهور الأوبئة وأن بيت الله العتيق هو الأنسب للالتجَاء والتضرع إلى الله.
شياطينُ الإنس تغلق المقدسات
من جهته، يقولُ الناشطُ الثقافي الدكتور يوسف الحاضري: للأسف الشديد استطاع الشيطانُ في آخر 100 عام أن يبسُطَ سيطرتَه وتحكُّمَه وحُكمَه على مكة (خير وأطهر بقاع الله في الأرض) والمدينة (مدينة رسول الله خير وأطهر بشر خلقه الله).
ويؤكّـد الحاضري أن الشيطانَ يسيطرُ على نتائج ما يخرج من هذين المكانين من نور وبصيرة ووعي للعالم أجمع، وعلى رأس هذا النور هو معرفة الناس بعدوهم الحقيقي الشيطان الرجيم، مبينًا أن الشيطان استهدف مكة المكرمة والمدينة المنورة عبر أدواته من شياطين الإنس من الأمريكان والصهاينة.
ويجزم الحاضري أن من الخطورة جِـدًّا أن يقوم نظامٌ مشكوكٌ في أهليته لإدارة المقدسات وأنه غير مؤهل ن لإدارة الحمامات عامة، موضحًا أن النظام السعوديّ يتصرف وفقاً لأهواء ورغبات الشيطان محقّقا لأهدافه، حَيثُ وصل به الجرأة أن يغلق الحج للعام الثاني على التوالي.
ويضيف الحاضري أن اعتماد النظام السعوديّ على 60 ألف حاج فقط هي نسبة ضئيلة جِـدًّا، أي بنسبة ما كان يحج سابقًا 1 % فقط، وأنه في الأعوام الماضية كان يصل عدد الحجاج إلى 6 ملايين، مؤكّـداً أن النظام السعوديّ يسعى جاهداً إلى قتل فريضة الحج في نفوس العالم الإسلامي.
ويعتقد الحاضري أنه حينما يأتي عام بعد عام وهناك غلقٌ لهذه الفريضة فيحل اليأسُ النهائي عند الناس على قدرتهم في أداء فريضة الحج، معتبرًا ذلك من التحَرّك الخبيث لليهود في هذا الجانب، مستدلاً بتنبؤ الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- حينما نبه قبل 20 عاماً من حدوث مثل هذا التحَرّك لاستهداف الحج والأراضي المقدسة فريضةً وشعائرَ وأماكنَ.
ويستنكر الحاضري الصمتَ المطبقَ المؤلم للعالم الإسلامي، شعوباً وأنظمة، أمام تلاعب النظام السعوديّ بالمقدسات، مشيداً بدور بعض الشعوب والأحرار وعلى رأسهم اليمن الذي رفض ويرفض وسيتحَرّك وفقاً لمسؤوليته في مسار إعادة الوضع إلى ما يجب أن يكون عليه.
ويجزم الحاضري أن الصمت الخطير لشعوب العالم يعطي أملاً لليهود أنهم في طريقهم السوي السليم في تغريب الإسلام والمسلمين وفصلهم عن حقيقة الدين؛ ليردوهم بعد إيمانهم كافرين، محتفظين بالإسلام كمسمى لا أكثر ولا أقل، داعياً شعوب العالم والدين الإسلامي إلى التحَرّك الجاد والمسؤول لإيقاف السفهاء من آل سعود (النظام السياسي) وآل الشيخ (النظام الديني) ونزع الحرمين من أيديهم النجسة الشيطانية، مبينًا ضرورة تطهيرها للقائمين والقاعدين والركع السجود.
ويؤكّـد الدكتور الحاضري أنه لا عذر أمام الله تعالى وأن الموت في هذا التحَرّك حياةٌ وشهادةٌ، وأن آل سعود ليسوا أولياءَه فهم ليسوا متقين ولا ولاية إلَّا لمتقين.
ويستغرب الحاضري من زعم آل سعود إغلاق موسم الحج بذريعة وباء كورونا في حين تشهد الأسواق والمنتجعات التجارية والبارات والمراقص وأماكن اللهو ازدحاماً شديداً دون تخوف من الوباء، منوِّهًا إلى أن ظهور وباء كورونا منذ عام ونصف عام كان كفيلاً بأن تتخذ السعوديّة إجراءات تساهم في استمرار العبادة والحج في مكة والمدينة خَاصَّة بما أعطاهم الله من إمْكَانيات مادية ضخمة جِـدًّا.
ويلفت الحاضري إلى أن إمْكَانيات النظام السعوديّ لا يستفيد منها إلَّا النظامان الأمريكي والصهيوني، وأن الإنسان العربي والمسلم لا يستفيد من تلك الأموال إلَّا صاروخ يقتله ويدمّـر بيته أَو قنبلة تفجره أَو داعشي يذبحه أَو قاعدة تنشر القتل والمشاكل بين أبناء المنطقة أَو مسخاً أخلاقياً وفكرياً ومنهجياً، وفي نهاية المطاف إغلاقاً لمكة والمدينة.
السعوديّةُ تمارسُ الصدَّ عن البيت الحرام
بدوره، يستشهد الناشط الثقافي إبراهيم أحمد غالب بقوله تعالى: ((وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أولياءهُ، إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أكثرهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)).
ويؤكّـد غالب عدمَ شرعية النظام السعوديّ في تولي وإدارة بيت الله الحرام؛ وذلك كونهم يمارسون أشكالاً عدة للصد عن البيت الحرام، موضحًا أن تفريغ الحج من غايته في تحقيق التقوى وجعل الحج كسياحة سنوية للمسلمين نوع من أنواع الصد الذي يمارسه آل سعود.
ويشير غالب إلى أن النظام السعوديّ يسعى إلى تعطيل الغاية الحقيقية للحج والمتمثلة في البراءة من أعداء الله استجابة لقول الله تعالى (وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأكبر أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ، وَرَسُولُهُ ۚ فَـإنَّ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ).
ويرى غالب أن فرض قيود وإجراءات صعبة على من يريد الحج وكذا ارتفاع تكاليف الحج نوع من أنواع الصد.
ويستنكر غالب قيام آل سعود بمنع الحج عن بعض المسلمين والسماح للبعض الآخر، كما حدث في الأعوام الماضية وكأن الحج شركة خاصة بآل سعود، معتبرًا إغلاقَ الحج عن جميع المسلمين بسبب فيروس كورونا ذريعةً واهيةً، وأن الله سبحانه قد جعل بيتَه الحرامَ آمناً بدعوة النبي إبراهيم عليه السلام (واجعل هذا البلد آمنا).
كما يعتبر صلاة آل سعود في البيت الحرام مُجَـرّد ظاهره صوتية فقط وخداع للمسلمين، مستدلاً بقوله تعالى (وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ).
مؤشرٌ لزوال آل سعود
من جهته، يحكي الناشط الثقافي أبو إبراهيم المؤيد أنه لا غرابةَ من منع النظام السعوديّ للحج؛ وذلك كونه يعلم أن إغلاق البيت الحرام يخدم أسياده من اليهود والنصارى.
ويؤكّـد المؤيد أن الحج يعملُ على جمع كلمة المسلمين من مختلف أنحاء العالم بمختلف الطوائف والفِرَق والأحزاب، معتبرًا الحجَّ منتدىً إسلامياً يجمع المسلمين كافة ويوحّد كلمتهم ضد العدوّ الحقيقي للأُمَّـة الإسلامية بأكملها، وأن ذلك يخيف اليهودَ والنصارى ومَن يتولاهم.
ويشدّد المؤيد على أن الحج يشكل خطورةً بالغةً على قوى الاستكبار العالمي أمريكا وإسرائيل، الأمر الذي جعل تلك القوى الخبيثةَ توجّـهُ أدواتِها لتعطيل فريضة الحج وإغلاقها بأية وسيلة كانت.
ويعتقدُ المؤيدُ أن تماديَ النظام السعوديّ في العبثِ بالمقدسات والعدوان على الشعوب المستضعفة كاليمن وغيرها من البلدان كفيلٌ بقربِ زوال النظام العميل الذي يعيثُ في البلاد العربية والإسلامية فساداً لمصلحة الكيان الصهيوني الغاصب.