مفهومُ السلام في السياسة الأمريكية
محمد عبدالله اللساني
السلامُ في كُـلّ معاجم لُغات العالم وفي كُـلّ الأديان السماوية والأعراف الدولية وفي أبجديات ومبادئ السياسة للدول التي تحترمُ نفسَها ومجتمعاتها هو السلام العادل والشامل الذي لا يحتمل أيَّ تأويل لمعناه ومضمونه.
وفي العِقدَين الأخيرين ظهر تداوُلٌ مُفرطٌ لمصطلح الإرهاب في وسائل الإعلام العالمية والمحافل الدولية وتصريحات الدول كمصطلح بارز لتوصيف الأفراد أَو الجماعات والكيانات الإرهابية، ولكن تعريفاً هكذا مصطلح لم يرَ النور في توصيفه وتعريفه بدقة في أروقة الأمم المتحدة والذي استعصى عليها تعريف الإرهاب الذي يبدو وكأنه مذنَّبٌ سقط على الأرض.
وبعيدًا عن أسباب عدم التعريف الواضح والكامل ولماذا لم تستطع الأمم المتحدة والمعنية لتوصيفه الدقيق، بالإضافة إلى أمريكا وبريطانيا والاتّحاد الأُورُوبي، فالسبب أوضح من عين الشمس وهو استثمار هذا المصطلح لضرب واحتلال الشعوب واستهداف الأفراد والجماعات والأحزاب تحت مسمى الإرهاب لمصلحة الدول الكبرى، وعلى رأسها أمريكا والكيان الصهيوني.
وبالتأكيد للإرهاب تنظيمات وجماعات ذات أيديولوجيا متطرفة تُستخدم كوقود لتنفيذ أجندات الدول الكبرى تلك التي صنعتها بطريقة مباشرة أَو غير مباشرة من خلال حلفائهم والسعوديّة هي أبرز الرعاة الرسميين للتطرف.
وليس ببعيد عن هذا فمصطلح السلام في أبجديات هذه الدول كأمريكا وبريطانيا وحلفائهم هو السلام الذي يجوب أصقاع الأرض كمصطلح إعلامي متداولٍ بحسب الهوى الأمريكي الذي ليس له مضمونٌ عملي وحقوقي وإنساني وقانوني، فالسلام الأمريكي الموجود في قواميس السياسة الأمريكية هو الاستسلامُ وتحقيقُ مصالحها مالم فالطرف المستهدف في حروبهم هو ضد السلام.
ففي اليمن يظهر جليًّا أن السلامَ الأمريكي هو أن يستسلمَ الشعبُ اليمني؛ لكي يتحقّق السلام الأمريكي اللاأخلاقي بكل وقاحة وبجاحة منقطعة النظير.
فمن يرفُضِ السلام الأمريكي الاستعماري المُفرغ من مضمونه والانهزامي إذَن فهو ضد السلام.
أمريكا وحلفاؤها ما زالوا يمارسون هوايتهم وخبثهم الإعلامي في حرب المصطلحات بهتاناً وزوراً، في محاولات مُستمرّة لقولبة وصنع رأي محلي وعالمي يتناسق مع المصالح الاستعمارية لهم.
وتستخدم هكذا دول تعاني من التصحر والجفاف من مخزون المبادئ وتطبيق القوانين الدولية والإنسانية في سياساتها وعلى رأسها أمريكا أصحاب نظريةَ أن من يبيعون له السلاحَ لا يمكن أن يستخدمَه إلَّا بإذنهم كتلك الترسانة الوحشية والإجرامية التي يستخدمها التحالف السعوإماراتي لسفك الدم اليمني.
وهناك بعضٌ من أعضاء الكونجرس الأمريكي يتحدثون عن وصول أسلحة أمريكية تستخدمها المنظمات الإرهابية وبالوثائق (فالمعروف لا يُعرَّف)، وبالعودة إلى الإرث التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية فهو أسود وينضح بالانتهاكات والعنصرية وقتل وحصار شعوب العديد من الدول، ناهيك عن صدور دراسات بحثية من مراكز بحث دولية خلُصت إلى أن أمريكا سببٌ رئيسي للنزاعات والحروب والاحتلال المباشر أَو غير المباشر في المِئة العام الفائتة على مستوى العالم.
وكلها معطيات وأدلة يترجمها اليوم سلوكُ سياساتهم العدوانية والاستعمارية التي تثبت أن السلام في قواميسهم هو تحقيق مصالحهم فقط والاستسلام والخضوع لإرادتهم وبقاء واستمرار تواجدِهم في الدول المستهدفة واستمرار حصارها، بالإضافة إلى فضيحة الدور الأممي الذي يتماهى بصورة مُخزية وتواطؤ مُعيب مع مفهوم السلام الأمريكي، ولا أستغرب من هكذا منظمة أممية تتسول الأموال من الدول الغنية على حساب مبادئها والقانون الدولي تعزف على الحان السلام المنشود أمريكياً في اليمن برعاية أممية في مقايضة الشعب اليمني بأبسط الحقوق التي كفلتها القوانين والأعراف الدولية والإنسانية في السلم واللاسلم، ومنها إيقاف العدوان ورفع الحصار الجائر والظالم، ولكن حقيقة السلام لدى تحالف الشر هو محاولة تحقيق ما لم يتحقّق في الميدان.
لذا كان الرد المُحق والحكيم لقائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي واضحًا وصريحاً مؤخّراً أثناء لقاء المبعوث الأممي: لن يتحقّق السلام في اليمن إلَّا بوقف العدوان ورفع الحصار وانسحاب القوات الأجنبية المحتلّة.
ولزامٌ على الشعب اليمني المقاوم الحر الشريف أن يعي جيِّدًا أننا نواجه عدواً متمرساً في الإرهاب واضطهاد واحتلال الشعوب ونهب خيراتها وثرواتها وسفك دماء أبنائها.
فثقافةُ السلام الصهيوني ومعهم المُطبعون في صفقة القرن لن تتحقّقَ في فلسطين المحتلّة، كما لن يتحقّق السلام بالمفهوم الأمريكي في اليمن إلَّا كسلام عادل وشامل.