5.32 ترليون من العملات غير القانونية تهدّد بـ “قتل” العملة الوطنية والمواطن.. التصدي لـ “أوراق الذبح”
المسيرة: نوح جلاس
تدخلُ الحربُ الاقتصادية التي يشُنُّها تحالفُ العدوان الأمريكي السعوديّ فصلاً جديدًا من التصعيد ضد الشعب اليمني، وذلك في محاولة لإعادة تنشيط ورقة الحرب الاقتصادية بعد فشلها مسبقًا وفشل باقي الأوراق التي رمت بها واشنطن وعملاؤها مؤخّراً، حَيثُ أقدم مرتزِقة العدوان على تزوير العملة النقدية المتداولة في صنعاء والمحافظات الحرة طبعة 2017م، وذلك ضمن مساعي ضرب العملة الوطنية والوصول بها إلى أسعار مرتفعة أمام العملات الأجنبية، على غرار ما تم ويتم في المحافظات والمناطق المحتلّة؛ لمضاعفة معاناة الشعب اليمني ومواصلة المحاولات الوحشية نحو إركاعه.
البنك المركزي اليمني بصنعاء كشف مؤخّراً عن قيام مرتزِقة العدوان عن طريق بنك عدن بتزوير (تزييف) العملة الوطنية، من خلال طباعة عملة من فئة ألف ريال (1000 ريال) مشابهة لفئة الألف ريال المطبوعة في عام 1438 هـ – 2017م المتداولة حَـاليًّا في مناطق حكومة الإنقاذ الوطني، كما تم التدوين على هذه العملة المزورة أنها طبعت في عام 1438 هـ – 2017م، كاشفاً عن وجه الاختلاف الوحيد والبسيط في العملة والمتمثل في الرمز (أ) للقانونية، وغيره من الرموز للعملات غير القانونية، وهو ما يجعل من مواجهة هذا التصعيد أمراً صعباً، ويتطلب جهوداً رسمية وشعبيّة كبيرة، فيما حذر البنك من حيازة أَو تداول هذه الأوراق غير القانونية، مؤكّـداً أن طباعتها بكميات كبيرة وصلت إلى (400 مليار)، تأتي في ظل استمراراً جرائم دول العدوان ومرتزِقتها الهادفة إلى تدمير الاقتصاد والعملة الوطنية؛ بهَدفِ زيادة معاناة الشعب اليمني في كامل مناطق الجمهورية، واصفاً هذه الخطوةَ بالإجرامية.
صنعاء وجبهتُها الاقتصادية تستنفر:
وفي سياق ردة الفعل لرواد الجبهة الاقتصادية، عمَّم البنكُ المركزي تحذيراتِه بقوة، وفعّل كُـلّ قنواته الاتصالية الشعبيّة والرسمية، وعقد نهاية الأسبوع المنصرم مؤتمراً صحفياً للوقوف عند مستجدات الحرب الاقتصادية التي يمارسها العدوان ومرتزِقته، ومآلاتها، وتفاصيل نتائجها، فيما أصدرت وزارة المالية تعميماً أكّـدت فيه على منع وحظر التعامل بالعُملة المزوَّرة والتي أعلن عنها البنكُ المركزي اليمني في بيانه بتاريخ 22 يونيو 2021م.
وأشَارَ التعميم إلى أن كُـلّ من استلم مبلغاً أَو فئةً أَو ثبت ترويجُه لأيٍّ من هذه العملات المزوَّرة سيتم إحالتُه للنيابة وتطبيق قانون العقوبات النافذ بحقه بتهمة الإضرار بالاقتصاد الوطني، مشدّدةً على أهميّة تفاعل كادر المؤسّسات الحكومية في توعية أبناء الشعب لمواجهة سياسات العدوان الاقتصادية.
وأكّـدت وزارة المالية على كُـلّ العاملين بالوظيفة المالية في مؤسّسات الدولة متابعة ما يصدر عن الجهة المختصة في إدارة السياسة النقدية (البنك المركزي بصنعاء) والعمل بموجبها، موضحةً أن إقدام مرتزِقة العدوان على هذه الخطوة يعتبر جريمة تضاف إلى سجل جرائم استهداف الاقتصاد الوطني، مؤكّـدة أن التصدي لهذه الجرائم واجب وطني وأخلاقي يجب أن تقوم به كُـلّ المكونات وفي مقدمتها مؤسّسات الدولة.
وأهابت وزارة المالية بالتزام الجميع وإبلاغ عمليات وزارة المالية على الرقم المجاني (8005005) أَو عمليات البنك المركزي (8006800) عن أية كيانات تجارية أَو غيرها تحوز أَو تروج لهذه العملة المزورة.
وفي ذات السياق، يؤكّـد نائب رئيس الوزراء وزير المالية، الدكتور رشيد عبود أبو لحوم، أن ما قام به العدوان من طباعة للمزيد من النقد المحلي غير القانوني امتداد لسلسلة عمليات سابقة هدفت لزيادة التضخم وضرب سعر الصرف.
وأوضح في تصريحات للمسيرة أن سعر الصرف اليوم في المناطق المحتلّة تجاوز 1000 ريال للدولار الواحد مقابل قرابة 600 ريال فقط في صنعاء والمناطق المحرّرة، مؤكّـداً أن هناك إجراءاتٍ يعتمدها البنك المركزي لمواجهة أية محاولات للتلاعب بسعر الصرف واستقرار العملة المحلية.
ولفت إلى أن هناك عملاً على استكمال الآليات المتعلقة بالنقد الإلكتروني، وأصبح التعامل بالريال الإلكتروني ثابتاً في العديد من المؤسّسات الرسمية، مُشيراً إلى أن توسيع نطاق استخدام الريال الإلكتروني يحتاج أَيْـضاً إلى إسهام ووعي مجتمعي وسيكون له دور أكبر في تحييد العملة المحلية من الاستهداف.
جرائمُ المرتزِقة بحق الاقتصاد.. أرقامٌ مخيفةٌ كفيلة بقتل الشعب:
وبالعودة إلى سرد تفاصيل ما جاء في المؤتمر الصحفي للبنك المركزي اليمني، المنعقد الأربعاء الماضي، يتبين للجميع أن تحالف العدوان ومرتزِقته قد ارتكبوا –وما يزالون يرتكبون– أبشع الجرائم بحق الاقتصاد الوطني، لهدف جوهري واحد وهو خنق الشعب اليمني ومضاعفة معاناته، امتثالاً لتهديدات السفير الأمريكي في مفاوضات الكويت في العام 2016م، عندما توعد الشعب اليمني في حديثه لوفدنا الوطني، بجعل العُملة الوطنية لا تساوي قيمةَ الحبر الذي طُبعت به، أَو القبول بإملاءات واشنطن الاستعمارية والمجحفة بحق الشعب وتضحياته الجسيمة في مواجهة العدوان.
وكشف محافظ البنك المركزي اليمني، هاشم إسماعيل، أن الطباعة غير القانونية للعملة من قبل دول العدوان والمرتزِقة وصلت إلى خمسة ترليونات و320 مليار ريال حتى يونيو 2021م، ما يعادل ثلاثةَ أضعاف ما طبعه البنكُ المركزي في صنعاء منذ العام 1964م وحتى 2014م، في جريمة كفيلة بسحق العملة الوطنية إلى أدنى المستويات، موضحًا أن حجم العقود المعلَنة حتى نهاية عام 2021م بلغت ترليوناً و720 مليار ريال، وصلت جميع هذه المبالغ إلى ما يسمى بنك عدن على دفعات متفرقة خلال الأعوام 2017م، و2018، و2019م.
وأشَارَ إلى أن بنك عدن وقّع عقداً سرياً لم يفصح عنه إلى الآن بمبلغ ترليوني ريال من فئة (5000) في العام 2017، ولا يزال الخونة يخططون في كيفية إصدار هذا المبلغ وضخه إلى السوق، وهي خطوة كفيلة بتدمير العملة أكثر وجرها إلى الهاوية وقتل الشعب اليمني بكل وحشية.
ونوّه إلى قيام المرتزِقة بتوقيع عقد جديد بمبلغ 600 مليار ريال في العام 2019م، وقد وصلت جميع هذه المبالغ إلى بنك عدن على دُفعات متفرقة خلال الأعوام 2019، و2020 و2021م.
وقال: مؤخّراً وفي مؤامرة جديدة، قام البنك المركزي في عدن بتوقيع عقد جديد بمبلغ ترليون ريال في العام 2020م من ضمنه مبلغ 400 مليار ريال من الفئة المزورة التي وصلت إلى مينائَي عدن والمكلا والتي أصدر البنك المركزي في صنعاء، أمس، قراراً بمنع تداولها وحظر التعامل بها.
وأضاف: نحن في مرحلة جديدة من مراحل العدوان الاقتصادي الذي بدأ منذ اليوم الأول للعدوان”، مبينًا أن يسمى الدول الرُّباعية أمريكا وبريطانيا والسعوديّة والإمارات أشرفت وخططت للعدوان الاقتصادي على اليمن وكان قرارهم منذ اليوم الأول استخدام الحرب الاقتصادية كلما فشلوا عسكريًّا وميدانيًّا.
إضرارٌ بالقطاع المصرفي وأدَاةُ “الذبح الاقتصادي”:
وأكّـد هاشم إسماعيل، أن كُـلّ القطاعات الاقتصادية كانت عُرضةً للاستهداف المباشر، حَيثُ قام العدوّ بنهب الإيرادات والثروات وفي نفس الوقت حرم موظفي الدولة والمتقاعدين والطلاب المبتعثين للدراسة في الخارج من حقوقهم، إضافة إلى مخصصات الضمان الاجتماعي وغيرها.
وفيما يتعلق بالقطاع المصرفي، أكّـد محافظ البنك المركزي، أن العدوّ الأمريكي أشراَف على مخطّط التآمر على هذا القطاع، ومتابعة التنفيذ، مذكراً بتهديد السفير الأمريكي للوفد الوطني في مفاوضات الكويت بداية 2016م قبل قرار نقل المركز الرئيسي للبنك المركزي بأشهر قليلة.
ولفت إلى أن المؤامرةَ على القطاع المصرفي بدأت بإصدار قرار نقل وظائف البنك المركزي إلى عدن في مخالفة قانونية ودستورية جسيمة، مبينًا أن البنك المركزي بصنعاء كان يديرُ السياسَة النقدية في كُـلّ محافظات الجمهورية، وحرص على صرف مرتبات موظفي الدولة، بما فيهم الخونة المشاركون في العدوان.
وذكر أن العدوان استولى على الاحتياطي الخارجي من النقد الأجنبي الذي بلغ ما يقارب مليار دولار في حينه، والقرصنة على صلاحيات نظام التحويلات وتبادل المعلومات بين البنوك العالمية ما يسمى بـ “السويفت”، وشارك البنك المركزي في عدن إلى جانب حكومة الخونة في نهب عائدات النفط الخام والمقدرة بما يزيد عن ستة مليارات دولار والتي تم إيداعُها في حسابات خَاصَّة في البنك الأهلي السعوديّ.
ولفت إلى أن البنك المركزي بعدن حمّل أبناء الشعب اليمني في المحافظات المحتلّة أعباءً مالية من خلال تحصيله للمبالغ تحت ما يسمى بالودائع والقروض ونهبها في ممارسات مصرفية مارس من خلالها عمليات واسعة لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، حَيثُ بلغت هذه الأموال ما يزيد عن مليارَي دولار، مبينًا أن البنك في عدن قام بتسهيل عملية الاستيلاء على الأرصدة الخارجية لبنك التسليف التعاوني الزراعي والقرصنة على نظام التحويلات العالمي الخاص بالبنك.
وأكّـد محافظ البنك المركزي، أن العدوان ومرتزِقته سيطروا على واحدة من أهم السياسة النقدية وهي أدَاة طباعة العُملة وهي أخطر المؤامرات، التي يصل ضررها إلى كُـلّ مواطن يمني وفق مخطّط متعمد لتدمير العملة الوطنية.
توصياتٌ قابلة للتنفيذ تفشل المخطّط:
وأكّـد أن البنك المركزي في صنعاء لن يتوانى من خلال موقعه في مقدمة الجبهة الاقتصادية وسيتابع التطورات والمستجدات أولاً بأول ويتخذ بشأنها ما يلزم، وقد قام بإصدار البيان الذي منع فيه تداول هذه العملة واعتبرها عملة مزيفة ومزورة، كما بدأ بالتنسيق مع الجهات المعنية بضبط أي مبالغ يحاول العدوّ تسريبها إلى المحافظات الحرة.
وطالب الجميعُ بالوقوف إلى جانب البنك المركزي للحفاظ على العملة الوطنية بالوعي الشعبي والمجتمعي، داعياً المؤسّساتِ والمكونات العامة والخَاصَّة إلى إدراك واستيعاب حجم المرحلة المتقدمة من العدوان الاقتصادي وأن يساهم الجميع في إفشال أي مخطّطات واتِّخاذ ما يلزم لتعزيز الصمود الاقتصادي العام.
وحث محافظ البنك المركزي، وسائلَ الإعلام والعلماء والأكاديميين، على الاستمرار في التوعية والوقوف إلى جانب البنك والجهات المختصة لتنفيذ القرارات والخطوات اللازمة لحماية الاقتصاد الوطني.
ودعا المواطنين في المحافظات المحتلّة والتجّار ورجال المال والأعمال، إلى القيام بواجبهم والحفاظ على ما تبقى من أموالهم ومدخراتهم واقتصادهم، من خلال وقف التعامل بأية مطبوعات جديدة من العملة؛ حفاظاً على مصادر رزقهم.
وجدّد التأكيدَ على جاهزية البنك المركزي اليمني في صنعاء لأية خطوات جادة لحماية الاقتصاد الوطني على مستوى الجمهورية اليمنية؛ للتخفيف من معاناة الشعب اليمني، لافتاً إلى أن البنك المركزي بصنعاء سيحافظ على استقرار الأسعار في المحافظات الحرة.