تشييع الشهيد “بنّات” يولّد ثورةَ غضب بوجه الاحتلال وأدواته

 

المسيرة| متابعات:

شيّع آلافٌ من المواطنين الفلسطينيين، أمس الجمعة، جثمان الناشط السياسي نزار بنات، والذي أُعلن عن استشهاده بعد وقت قليل من اعتقاله من قبل السلطات الفلسطينية في الخليل، فجرَ أمس الأول.

وشارك في التشييعِ ممثلون عن المؤسّسات الحقوقية والإنسانية والقانونية العاملة في الأراضي الفلسطينية.

وبعد الصلاة على جثمانه في مسجد وصايا الرسول بالمنطقة الجنوبية من مدينة الخليل، حمله المشيعُون على الأكتاف باتّجاه مقبرة الشهداء في ضاحية البلدية، مردّدين الشعارات المطالبة بمحاسبة المتسببين بوفاته، وتقديمهم للعدالة بأسرع وقت.

وعقب مراسيم التشييع، شهدت مناطقُ في الضفة تظاهرات غاضبة ضد السلطات تنديداً باغتيال الناشط نزار بنات.

وفي التظاهرات التي احتشدت بدعوة من القوى الوطنية والإسلامية وحركات شبابية في الضفة الغربية، هتف المشاركون بالشعارات المطالبة برحيل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ومعاقبة المتورطين.

واعتبرت التظاهرات عملية الاغتيال جزءاً من سياسة خطيرة انتهجتها السلطةُ منذ مجيء الإدارة الأمريكية الجديدة ومقدمة لمحاولة استخدام الدعم الذي يقدمه بايدن للسلطة؛ مِن أجلِ إعطاءِ كيان الاحتلال كُـلَّ الوقت لخلق أمر واقع جديد في الضفة الغربية والقدس المحتلّتين، فضلاً عن سعي الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية لسحب إنجازات وانتصارات المقاومة الفلسطينية من تحت أقدامها، والسير قدماً في المشاريع الاستيطانية الصهيونية.

وعلى بُعد عشرات الأمتار من مقر المقاطعة، حَيثُ يقيم رئيس السلطة محمود عباس، كانت هُتافاتُ الشباب تدوي برحيله، متحديةَ القمع الذي نفذته أجهزة السلطة الأمنية.

وفي سياق متصل، تظاهر المئات، للمرة الثانية خلال ذلك اليوم، على دوار المنارة وسط مدينة رام الله؛ احتجاجاً على اغتيال بنات.

وانطلقت المسيرةُ باتّجاه مقرِّ المقاطعة بمدينة رام الله بعد وقفةٍ على دوار المنارة تخللها مؤتمرٌ صحافي، وحين وصول المسيرة بالقُرب من مقر المقاطعة، أطلقت قوات الشرطة التابعة للسلطة قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع باتّجاه المتظاهرين، في حين أضرم شبانٌ النارَ في شارع الإرسال على مقربة من حاجز بشري للشرطة.

وخلال تظاهرات في رام الله، والخليل ونابلس، بدا لافتاً هتاف الشباب الفلسطيني “ارحل ارحل يا عباس” والمنادَاة بإسقاط النظام الذي وُصف بأنه فاقدٌ للشرعية، فيما شهدت باحاتُ المسجد الأقصى تظاهراتٍ مماثلةً طالبت برحيل السلطة والتوقف عن خذلان روح المقاومة.

ولم يصدر أيُّ تعقيب من عباس على جريمة الاغتيال، في وقت حمّلته عائلةُ بنات المسؤوليةَ المباشرةَ عن “تصفية” ابنها، هو والحكومة برئاسة محمد اشتيه، الذي أعلن تشكيلَ لجنة تحقيق حظيت برفضٍ مطلقٍ من كُـلّ القوى المجتمعية التي أكّـدت أن الحكومة متهمة ومتورطة في الجريمة.

وفيما لم تُعلَنْ أيةُ نتائج أولية رسمية حول التحقيقات بشأن الجريمة، فَـإنَّ نتائج تشريحِ جثمان الناشط والمعارض الفلسطيني والتي تولتها الهيئةُ المستقلة لحقوق الإنسان أكّـدت أنّ الوفاةَ غيرُ طبيعية، مبينة أن بنات مصابٌ بكدماتٍ وضرباتٍ في الرأس والعنق والصدر والكتفين والأطراف العلوية والسفلية مع وجودِ آثارِ قيودٍ على المعصمَيْن.

وفي هذا السياق، صرح طبيبُ عائلة الشهيد لقناة الميادين أن “الشهيد ارتقى من جراء تعرُّضِه للضربات بالآلات الحادة ورشه بغاز الفلفل”.

فيما أوضحت والدةُ الشهيد أن “نزار كان مطارَداً منذ شهرين من قبل عناصر السلطة”، متسائلة “هناك منظماتٌ لحقوق الإنسان.. فأعطوا الإنسان حقه؟”

وطالبت والدة الشهيد نزار بنات بإعطاء الحرية للمثقفين “فنزار موسوعة.. حرام أن يموت هكذا”.

جريمة القتل هذه وُصفت بأنها الأولى من نوعها التي ترتكبها الجهاتُ الأمنية الفلسطينية علناً وصراحةً ضد مقاومين لمحاولات كيان الاحتلال الإسرائيلي تهويد القدس والضفة الغربية وضد المتصدين للفساد.

وتوالت ردودُ الفعل الشاجبة لجريمة الاغتيال من قوى غربية ومنظمات دولية، وطالبت مؤسّسات حقوقية محلية ودولية بتحقيق مستقل في ظروف الوفاة ومحاسبة المسؤولين عن الجريمة. كما خرجت مظاهرات غاضبة في الأراضي الفلسطينية طالبت بـ”إسقاط النظام”.

وإزاء ذلك صرحت عدد من فصائل المقاومة الفلسطينية، بأن اغتيال نزار بنات لن يمر مرور الكرام.

القيادي في حركة فتح لافي غيث قال: إن على السلطة تفعيل لجان الرقابة على كُـلّ الأجهزة الأمنية”، مؤكّـداً أنه “يجب محاسبة كُـلّ من تورط في جريمة قتل الشهيد نزار بنات”.

ونوّه غيث إلى أنه “يجب الحفاظ على نسيج المجتمع الفلسطيني والالتزام بالقانون”، مؤكّـداً تأييد حركة فتح للمحاسبة العلنية للمتورطين في جريمة قتل الشهيد نزار بنات.

من جهته، أكّـد نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، قيس عبد الكريم أن “ما جرى جريمة بشعة شكلت صدمة لنا”، في إشارة إلى جريمة اغتيال الناشط نزار بنات.

وأكّـد أنه “يجب اتِّخاذ كُـلّ الخطوات الضرورية لوقف ممارسات السلطة وإصلاح الوضع الداخلي”.

يشار إلى أن نزار بنات الناشط والمعارض من بلدة دورا بمحافظة الخليل عُرف بانتقاداته اللاذعة للسلطة الفلسطينية وفضح مِلفات الفساد والفاسدين، واعتقل من قبل الأجهزة الأمنية عدة مرات، وشكّل قائمة “الحرية والكرامة” لخوض انتخابات المجلس التشريعي، التي كانت مقرّرة يوم 22 مايو الماضي، قبل صدور قرار من عباس أبو مازن بإلغائها.

وبالتزامن مع ذلك، قمعت قواتُ الاحتلال الصهيوني، بعد ظهرِ أمس الجمعة، مئات المواطنين قبل أدائهم صلاة الجمعة، من خلال إطلاق العشرات من قنابل الغاز المسيل عليهم بواسطة طائرات دورون على جبل صبيح في بيتا جنوب نابلس.

وأفَاد الهلال الأحمر الفلسطيني بـ “أن 408 مواطنين أُصيبوا على جبل صبيح في بيتا وأوصرين خلال مواجهات اندلعت مع جنود الاحتلال بالقرب من البؤرة الاستيطانية الجديدة التي أقامها المستوطنون على الجبل”، فيما يشار أن أعداد الضحايا توقف عند هذه الرقم لحظة كتابة الخبر.

وأوضح الهلال الأحمر الفلسطيني أن ٣ إصابات بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط وإصابتين بقنابل الغاز وإصابة واحدة سقوط واصابتين بالغاز المسيل للدموع.

وقال: “إن مئات المواطنين وصلوا إلى جبل صبيح من عدة قرى مجاورة للتضامن مع المقاومة الشعبيّة السلمية على جبل صبيح ضد إقامة البؤرة الاستيطانية عليه من قبل عدد من المستوطنين المتطرفين قبل نحو شهرين من الآن”.

وأشَارَ الهلال الأحمر الفلسطيني إلى أنه تم الاستهدافُ المباشر لسيارات وطواقم الإسعاف في جبل صبيح، حَيثُ تم استهداف سيارتين إسعاف إحداهما بالرصاص الحي والثانية بالرصاص المطاطي، ما أَدَّى إلى أضرار مادية بهيكل السيارة وكسر بالزجاج الأمامي أَدَّى إلى إصابة أحد ضباط الإسعاف بشظايا الزجاج في عينه، وهو ما يكشف إصرار الاحتلال على ارتكاب الجرائم.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com