اعلِــمْ غوتيريش.. بعضاً من رسائل أطفال اليمن
عبدالقوي السباعي
إلى الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش: من الطبيعي أن تسمعَ عن مسيراتٍ مليونيةٍ شعبيّة، وعنها حزبية أَو نقابية، وكذلك ثورية، إلى آخر ذلك هُنا أَو هُناك، لكن أن تسمع بمسيراتٍ مليونيةٍ للأطفال، هُنا يجب أن تتوقفَ قليلًا؛ ولأنك في اليمن موطن المفاجآت.
سترى كيف.. ولماذا خرجت مسيراتٌ مليونيةٌ حاشدة لأطفال اليمن في محافظاتٍ يمنيةٍ مختلفة، في صنعاءَ وحجّـةَ، في ذمار وصعدة، في إب والمحويت والحديدة؟!، في تظاهُراتٍ هي الأولى من نوعها، ساروا في صعيدٍ واحدٍ، وتنظيمٍ إبداعي فريد.. يهتفون بشعاراتهم هم.. يعبّرون عن مطالبهم عن آمالهم وطموحاتهم، جيلٌ ناشئٌ خارجٌ من بين أنقاض المعاناة، ومن تحتِ رماد العدوان، خرج ليقولَ كلمتَه: أمقابلَ الأموالِ يا غوتيريش خضعْتَ لضغوطاتِ المجرمين دون خجل.. فمَــرَّةً تخرجونهم من قائمة العار، ومَــرَّةً تمنحوهم الحقَّ في التحقيق في جرائمهم التي ارتكبوها بحقنا.
وَلا زِلْــتَ يا غوتيريش تُغمِضُ عينَيك عن حق أطفال اليمن بالحياة الكريمة والعيش بطفولةٍ آمنةٍ وطبيعية، تتم محاصرتهم وحرمانهم من كُـلّ حَقٍّ لهم في البقاء والنماء.. في التعليم والصحة.. في الرياضة والمرح، وقبل هذا كله حرمانهم من السلام والأمان، إذ لم يجد الكثير منهم ملاذاً تلجأ إليه أفئدتهم، حتى أحضان أُمهاتهم اللواتي قُتلن؛ بسَببِ غارات العدوان الأمريكي السعوديّ، ناهيك عن الجرائم والمجازر الوحشية التي ارتكبها هذا العدوان بحقهم.. مع سبق الإصرار والترصد.. قتلاً وتجريحاً وترويعاً وتشريدا، إضافة من تفاقم معاناتهم لما ترتب عن سياسة التجويع والإفقار المنظم والحصار الممنهج، وما يلاقيه أطفال اليمن من أوبئة وسوء تغذيةٍ وتشوهات خلقية نتيجةً لقنابل ومخلفات سلاح العدوان.
اعلِــمْ يا غوتيريش أن أطفال اليمن يستنكرون الهرولة الأممية التي أنت جزء منها، نحو المال الخليجي المدنَّس، والإصرار على تجريم المظلوم وتبرئة الظالم وغض الطرف عنه والتواطؤ معه، أنتم نصبت أنفسكم خصماً لأطفال اليمن، وجعلتم المنظّمات المنضوية تحت مظلّتكم شريكاً في كُـلّ جريمة ارتكبت بحقهم، بسكوتكم وتماهيكم مع المجرمين، واعلِــمْ بأن تصنيفاتكم وقراراتكم الرخيصة بحق جيل اليوم لا تساوي ثمنَ الحبر التي كُتِبَت به.
اعلِــمْ يا غوتيريش أن لكم قوائمَ من الخزي والعار ملطخةٌ بالفضائح والفظائع اللاإنسانية واللاأخلاقية.. سجلاتٌ من السقوط اللامتناهي في مستنقع الضعة والانحطاط.. تاريخٌ أسودُ موحِلٌ بالخسة والحقارة، بالغدر والخيانة، بالانتقائية والاستهتار.. تاريخٌ قائمٌ على استثمار أشلاء الضحايا وجثث الموتى وأنين الجرحى والمصابين، قائمٌ على استغلال صراخ الأطفال وأوجاعهم وعويل النساء ونواحهن ونشيج المكلومين وبكائهم، قائمٌ على الاتجار بغذاء المطحونين وقهر المظلومين وَفَاقَةِ المنكوبين وعوز النازحين، قائمٌ على الارتزاق من معانات البشر وآلامهم، والتلاعب بمصائر الشعوب وبآمالهم وطموحاتهم.
معذرةً غوتيريش.. إنْ فَضَحَكم أطفالُ اليمن كما فضحوا غيرَكم، لكنها الحقيقة، أليس هذا تاريخكم؟، أليست هذه بعضاً من إنجازاتكم؟، كلنا على يقين أنكم كنتم ولا زلتم مُجَـرَّدَ شركاء موظفين تابعين، وإن عدم انصياعكم للقوانين الإنسانية وقيمها ومبادئها المعلَنة والمكتوبة في كُـلّ أدبيات الديانات السماوية، هو ما يجعلكم دائماً عبارةً عن أدوات رخيصة ودُمى وأرجوزاتٍ تحَرِّكُها قوى الهيمنة والاستغلال والاستكبار العالمية الصهيوأمريكية، كيف تشاء، وأنّى تشاء، ما شجّع هذه القوى على إرهابها المنظَّم وجرائمها الموجَّهة، ضد الشعوب الحرة وضد الإنسانية جمعاء.