الارتقاءُ في رحاب الأوفياء
أمل المطهر
ليس السنُّ مقياساً للعظمة والبطولة، فعظيمنا فاق كُـلّ الكبار عظمة وبطولة، نموذج جديد من نماذج عظيمة وكبيرة وراقية يعرضها المقاتل اليمني للعالم بأسره، نموذج يعكس ما يحمله أُولئك المؤمنون من أخلاق عالية وقيم سامية وثقافة طاهرة أنتجت رجالا كانوا هم الفداء حينما تذكر التضحية وهم الإقدام حينما تذكر الشجاعة وهم العون حينما يطلب المدد.
وها هو أبو الفضل العباس يتجسد لنا مجدّدًا واقعاً نراه أمامنا في أبي فاضل طومر الفدائي الذي جدد بطولات أبو الفضل وطمر وسط صفوف العدوّ وحيداً وأنقذ مجموعة من رفاقه الجرحى في عملية فدائية أُسطورية وتاريخية كما شق أبو الفضل العباس الصفوف ليوصل الماء إلى الإمام الحسين.
مشهد رأيناه كما رآه الكثيرون في الداخل والخارج لم يكن فيلم سينمائيا أَو حكاية خيالية.
مشهد لا يمكن أن يتكرّر إلا في مدرسة البطولات التي صنعت الأبطال مشهد، لا يمكن لأي كاتب أَو شاعر أن يصفه بأحرف أَو جمل أَو أبيات، فهل يا ترى سنُهزم وفينا هؤلاء الأباة؟! أما يكفي أنهم يصنعون لنا المجدَ وينسجون لنا النصر بدمائهم الزكية وَيتبعونها بتلك الدروس العظيمة التي تربينا من الداخل وترمم شروخ نفوسنا وتلمعها من الصدى الذي أصابها جراء النسيان والغفلة، يرسلون لنا جرعة معنوية عالية؛ لنعود إلى صوابنا ونرى كم نحن صغارٌ أمام عظمتهم وكم نحن سطحيون أمام عمقهم وحكمتهم وكم نحن مقصرون أمام عطائهم وكم نحن أغبياء متكاسلون أمام تفوقهم ومسارعتهم وكم نحن ننسى وهم من يذكرون.
نفوس أبية حينما قاتلت أخلصت وحينما أخلصت ارتقت وكانت نفوساً زاكية استحقت الفوز بحجم ذلك العطاء والفداء والتضحية التي قدمها كان الارتقاء عظيماً وكَبيراً، فارتفع أبو فاضل إلى مصاف الأولياء العظماء الخالدين.
وتبقى مدرسةُ الإمام الحسين هي من تقدم لنا نماذجَ تقهر الطغاة وتغيّر موازين المعركة على مر العصور وتفرض نظرية القوة النفسية هي من تحسم المعركة وليست الجسدية.