التصنيفُ والتخويف

 

نبراس الحسين

الوجهُ المجمَّلُ والجذَّابُ والصورةُ المحسَّنة التي عملت الأمم المتحدة -وعلى رأسها أمريكا- باستماتة على وضعها منذ تأسَّست، لتبين للعالم أنها الحضنُ الدافئُ للبشرية، وحامية الحقوق والمصالح العالمية باتت اليوم أكثر وضوحاً من ذي قبل، فالمواقف المخزية والتصنيفات المجحفة بحق الشعوب أصبحت مزيلاً جيِّدًا لإنهاء كُـلّ مستحضرات الكذب والتضليل والمراوغة.

الحرب على اليمن كان لها الدورُ الأبرزُ في إظهار الوجه الحقيقي والقبيح للأمم المتحدة والذي لم يكن مستوراً من قبلُ، إنما كان العالمُ متغاضياً عنه؛ بغرض استمرار المصلحة العامة للبشرية، بيد أن هذا التغاضي -الذي هو في الأصل نابعٌ عن الخَوف واللامبالاة وانعدامِ حِسِّ المسؤولية- أعطى الأممَ المتحدة الضوءَ الأخضرَ للمُضي قُدُماً في التمادي والتدخل في شؤون الدول، بل وإصدار القرارات والتصنيفات بحقها دون أي رادع من قبل الدول أَو شعوبها!!.

التصنيفات المخصصة للحرب القائمة في اليمن والتي أصدرتها الأمم المتحدة خلال الأعوام الأخيرة لم تكن من مبدأ الحرص على اليمن أرضاً وإنساناً، بل كانت ضمن خطة مدروسةٌ أهدافُها الحقيقية، هي مصلحة الدول المستكبرة أولاً وإنهاك الشعوب بغرض سهولة احتلالها ثانياً.

تجلّى مكرُ الأمم المتحدة وحرصُها على استغلال الحروب والنزاعات بين الدول، بل وخلق تلك النزاعات من العدم والعمل على إشعالها ثم الظهور بمظهر الوسيط النزيه الذي يعمل على نشر السلام ونبذ الحروب والصراعات، واستخدام الورقة الإنسانية كعاملِ ضغطٍ على أطراف النزاع، والغرض من هذا كله هو تلميع الصورة البشعة لهم، وتجميع أكبر قدر من الأموال التي تدفعها الدول الظالمة لتحسين صورتها بأعين شياطين الأمم المتحدة وأعين الشعوب المضلَّلة.

اتضح خبثُ الأمم واستغلالُها للورقة الإنسانية عندما وضعت المهلكة السعوديّة في قائمة الإرهاب لقتلها أطفال اليمن وَسرعانَ ما تراجعت عن موقفها برشوةٍ ضخمة قدمتها لها المملكةُ عملت على تمييعِ الموقف ووضعه في الأرشيف للعودة إليه كلما دعت الحاجة لاستخدامه.

الصورة مختلفة بما يخص التصنيفات التي تطلقها الأمم المتحدة على أحرار العالم، ومن بينها إدراج اليمنيين ضمن قائمة الجماعات المنتهكة لحقوق الأطفال، والغرض الحقيقي منها هو تشويه صورة أنصار الله في أعين الشعوب، واستغلال هذا الملف للضغط على الأنصار لعدم المضي في تحرير ما بقي من المدن المحتلّة؛ لأَنَّ الأمم المتحدة تدركُ أن تحريرَ تلك المدن سوف يؤدي إلى انتهاءِ الحرب في اليمن وانتهاء المصالح الأممية في المنطقة.

صنعاء قيادةً وشعباً تدرك جيِّدًا أن لغةَ الحوار المناسبة للوبي الأممي هو عدمُ الرضوخ له، بل والمضي نحو قلع عينه المتربصة شراً باليمن وبتر يده الممتدة خلسةً إلى الأراضي اليمنية، ويدركُ الإنسانُ اليمني أن هذه هي الطريقة المناسبة لخلق إشارةٍ حمراءَ توقف تماديَ شياطين الأمم وتسقط جميعَ أوراقهم، فالتصنيف لم يعد مخيفاً أبداً، بل تحول إلى وقودٍ إضافي يمد المقاتلَ اليمني بطاقةٍ أكبرَ للمضي في تسديد الضربات القاتلة لكل متربِّص بالأمة الإسلامية واستئصال هذا المرض الخبيث من جسد العالم المنهك.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com