المراكز الصيفية وجرعاتُ الوعي المكتسبة
بنت الحسن
يُعتبَرُ العلمُ الصحيحُ والنافع حصناً حصيناً، وسوراً حامياً، ودرعاً واقياً لصاحبه مدى الحياة، كما يُعتبر الأطفال ثروة المستقبل، ورصيده، وصناع مجده وتاريخه، وبناة حضارته وأمجاده الذي من خلالهم يكون مزدهراً زاهياً، لهذا يتوجب على كُـلّ أبٍ وأم الدفع بأبنائهم إلى المراكز الصيفية، لتلقي مختلف العلوم الدينية والثقافية والتربوية والمهنية ووقايتهم من الضياع في الشوارع والطرقات، وإشغال فراغهم بما يعود عليهم بالنفع والفائدة، حَيثُ تعد المراكز عبارة عن روضة غنية بكل أنواع المعارف، والمهارات التي تغذي عقولهم، وتلبي طموحاتهم، ويتنقلون فيها بين تشكيلة من ألوان الكتب النافعة.
الوعي يجعلهم في حصانةٍ من كُـلّ أوبئة العصر المدمّـرة، وفيروساته القاتلة بالثقافات التي تبث سمومها في كُـلّ مناحي الحياة، لتقضي به عليهم كأجيال قادمة، والتزود من معين الهدي القرآني لتتشبع أفكارهم، وترتوي أرواحهم بالثقافة التي تقوي إيمانهم، وتبنيهم البناء الصحيح، وتجعلهم في طوق الأمان من كُـلّ ما يشوه طهارتهم، ويخدش براءتهم، ويلوث صفوهم، قال تعالى: ((يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْـمَ دَرَجَاتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)). من سورة المجادلة- آية (11).
القرآن ملاذ آمن، وكهف أُنس ورفعة في الدنيا والآخرة لكل من لجأ إليه في هذه الحياة، فهوَ رحمة الله لعباده، وهو حبله المتين لكل متمسك به في هذه الدنيا.
لذلك إذَا لم نحتضن أبناءنا ونرعاهم بما يفيد، ونحصّنهم بالقرآن، سيلقون من يحتضنهم من أصحاب الثقافات المغلوطة والأفكار الهدامة، وينتزعهم من بين أيدينا ويصْبحون في ظلمات الشيطان يعمهون، تسيرهم قوى الشر والطغيان.
لذلك فالمراكز الصيفية وحدها من تحمي أبناءنا من كُـلّ ما يخطط له الأعداء لاستقطابهم واستعمار عقولهم بالثقافات المغلوطة، أَو بالحرب الناعمة، اللتين تجعلان منهم إما وحوشاً بشرية في خط التطرف والتكفير، بحيث يصيرون أعداء في كُـلّ بيت وحارة يقتلون ويذبحون باسم الدين، وينتهكون حرمات المسلمين باسم الدين، ويفجرون مساجد الله وهي عامرة بالدين باسم الدين.
أو يغتالونهم بسهام الحرب الناعمة التي تجعل منهم جيلاً متفسخاً وساقطاً ومنحلًّا في ميدان الضياع، والتيه، والتفلت؛ بحثاً عن المغريات والتفاهات، عديمي الغيرة والشهامة ليسهل عليهم احتلال نفسياتهم وأفكارهم واستخدامهم فيما يضر الإسلام والمسلمين بكل سهولة ويُسر.