تتويجُ المراكز الصيفية
غيداء الخاشب
غذاءٌ للنفوس، شفاءٌ للصدور، أوسع الأشياء التي نأوي إليها، بحر لا يُدرَكُ قعرُه، يبني الأُمَّــة على المنهاجِ القويم، سترةُ النجاة، ونيسُ الناس، بلا شك القرآن الكريم، وإنْ أحدٌ منا ابتعد عنه وهجره سوف يتجرع ويلات هذا البُعد وأيامه تكون مليئة باللاشيء، وكل أعماله الصالحة التي قام بها تصبح رمادًا في مهبِّ الذاريات.
القرآن مقرونٌ بآل البيت، لقد قال الرسول: ((عليٌّ مع القرآن والقرآن مع علي))، لذلك من تمسك بعترة الرسول -عليه وعلى آله الصلاةُ والسلام- فقد تمسك بالقرآن الكريم، لذا معرفة حياتهم وجهادهم شيءٌ لا بُـدَّ منه لمواجهة طواغيت العصر، وتصحيح الاعوجاج والثقافات الدخيلة التي جعلت من القرآن الكريم مُجَـرّد كتاب لجمع الحسنات، وجعلت من آل البيت مُجَـرّد أشخاص مروا في زمانهم واختفوا، بعدها لم يكن القرآن الكريم بيننا ثقافة وجود وخارطة حياة حتى جاء العَلَمُ المولى من آل بيت النبوة فوضعنا أمام الحقائق لنرى ضوء الشمس من جديد، ويتربى أبناؤنا تربية محمدية قيمة.
وها نحن نرى اليوم أبناءنا وبناتنا يتهافتون على المراكز الصيفية التي فتحت لهم أبواب العلم والمعرفة لتكون عقولهم نيرة ونفوسهم طاهرة، وهي من استقبلت الأطفال بكلِ صدر رحب، وقامت ببذل جهد كبير ليتم إيصال الثقافة غير المطموسة، ثقافة حقيقة قرآنية، وبفضلِ الله وفضل صفة التعاون بين القائمين على تلك المراكز والدعم المعنوي والتشجيع المُستمرّ من قِبل الأهالي لأبنائهم، تم نجاح هذا العمل نجاحًا ملموسا في وعيِ الطلاب والطالبات.
المراكز الصيفية أخذت الأطفال للوجهة الصحيحة، تربيةٌ على القرآن أشداء على الكُفار وهذا ما ظهر خلال المراكز من خروج مسيرات منظمة للأطفال في السبعين وأمام مبنى الأمم المتحدة، خرجوا ليعبروا عن سخطهم وغضبهم من التغطية المُستمرّة من قبل الأمم المتحدة على جرائم أمريكا في وطنهم بحقِ الأطفال اليمنيين الذين قصفهم العدوّ الصهيوني السعوديّ بتعاون مع الأمم المتحدة من تِحمل اسما براقا وجذابا كـ”حقوق الطفل والإنسان”، كان غضبًا لنسف هؤلاء المجرمين أبسط حقوقهم وهو العيش بسلامٍ ورخاء، في المقابل هؤلاء الأطفال مُحسِنون رحيمون بإخوانهم المسلمين وهذا ما تمثل أَيْـضاً في المراكز، الإحسان في النظافة، التعاون فيما بينهم، الإخاء والتصالح مهما حصلَ معهم.
أصبح القرآن قابعاً في أعماقِهم وخالداً في نفوسهم، كُـلّ يومٍ جديد يُشرق يتشوّقون لدرسهم من دروس الشهيد القائد -رضوان الله عليه- وينبهرون بحكمةِ هذا القائد ومحصولهُ العلمي والثقافي!
ثم حينها يتألمون؛ لأَنَّ هذه القصصَ وحياة الأئمة وظلمهم الذي سرى على يد بني أمية وأتباعهم، كُـلُّ ذلك لم يُذكر لهم قط في مناهجهم الدراسية.
كانت لهم فرصة عظيمة، منهم مَن اغتنمها ومنهم مَن قضاها في الشوارعِ والتواصل الاجتماعي وأهدر وقتَه عبثاً فتنمو بداخلهِ عقدةٌ متشابكةٌ وليس هنالك طريقة لحلها سوى الالتجَاء لله والتربية القرآنية.
تمرُ الأيّام سريعاً، وبقيَ القليلُ؛ كي ينتهيَ وقتُ المراكز الصيفية، لطالما يتمنى الطُّلاب أن تزيد المدة ويتشربون المزيد من هدى الله والنُّور المبين، لطالما يتمنون أن تكون هذه المراكز طوالَ العام لشدةِ حُبهِم لما يتعلمونه، ولكن الفترة المحدّدة انتهت، وبذلك قريباً ستُتَّوج المراكز الصيفية في جميع المحافظات اليمنية مُعلنةً أن أطفالنا محصنين بوعيٍ كافٍ وأن أساليبَهم في الغزو الفكري فاشلة، ستتوج بتاجِ الفخر والكرامة، بتاج الوعي والبصيرة، فأبناؤنا أصبحوا كباراً بوعيهم ومنهجيتهم.