“حكومةُ المحاصصة”.. جبهةٌ إضافيةٌ فتحها “اتّفاقُ الرياض” لتغذية صراعات المرتزقة!

 

المسيرة | خاص

جَـــدَّدَ احتدامُ الصراع بين فصائل مرتزِقة العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي في محافظة أبين، خلال الأيّام الماضية، التأكيد على أن ما يسمى “اتّفاق الرياض” لم يكن أبداً سوى وَهْــمٍ سوّقته السعوديّة لتجميل صورتها القبيحة في اليمن، ومِظلة لإدارة الصراع وتقاسم النفوذ مع الإمارات في المناطق المحتلّة.

جولاتُ الصراع الميدانية التي استمرت بنفس الوتيرة منذ التوقيع على “الاتّفاق” أكّـدت هذه الحقيقة مراراً، الأمر الذي دفع بالنظام السعوديّ إلى محاولة التغطية على ذلك من خلالِ تشكيلِ ما يسمى “حكومة المناصفة” بين مرتزِقة الإصلاح ومرتزِقة الانتقالي، وتقديمها كإنجازٍ، وخطوة لإنهاء الصراع بين الطرفين، لكن هذه “الفقاعة” لم تصمد طويلاً، أمام واقع الصراع الذي استمرت وتيرته بالتصاعد على مختلف الأصعدة.

ومؤخّراً، حاول النظامُ السعوديّ إعادةَ ضبط مشهد الصراع، وكالعادة؛ لتجميلِ صورة المملكة أمام العالم، وتقديمها كـ”صانعة سلام” في اليمن، إلا أن الأمر ارتد عكسياً، فدعوة الرياض طرفَي الصراع لـ”وقف التصعيد” وحديثها عن ضرورة إعادة حكومة المرتزِقة إلى عدن، سرعان ما أفضت إلى احتدام المواجهات العسكرية في محافظة أبين، وبرعاية سعوديّة (تكشف ارتباكا فاضحا)، ليبدو بوضوح، مرة أُخرى، أن ما يسمى “اتّفاق الرياض” ليس إلا وهم.

ولم يقتصرِ الأمرُ هذه المرة على الوضع الميداني، فمع وجود مليشيا الانتقالي ضمن تشكيلة ما يسمى “حكومة المناصفة” توسعت رقعت فضيحة “اتّفاق الرياض”، فبعد أن قامت هذه الحكومة (التي ما زال الإصلاح يتحدث باسمها ويمثلها فعلياً) بإصدار بيان يتهم مليشيا الانتقالي بعرقلة “الاتّفاق” وتفجير الأوضاع، خرج أعضاء المليشيا في الحكومة نفسها ببيان، ينتقد البيان السابق، ويهدّد “بخروج الأمور” عن السيطرة نتيجةَ ما حدث في أبين.

هذا الانقسام داخل حكومة المرتزِقة الجديدة التي قدمتها السعوديّة أمامَ العالم، كإنجاز من إنجازات ما يسمى “اتّفاق الرياض”، أكّـد مجدّدًا على أن الصراعَ بين الطرفين لم يتأثر ولو بنسبةٍ ضئيلة بالاتّفاق، وأن كُـلّ ما فعلته السعوديّة هو توفير مسرح إضافي للمواجهة بين الطرفين.

من المتوقع طبعاً أن تنتهيَ الجولةُ الحاليةُ من هذا الصراع بفقاعةٍ جديدةٍ يستثمرها النظام السعوديّ إعلامياً ويقدمها كإنجاز جديد له في اليمن، لكن الواقع سيبقى كالعادة، بعيدًا بالكامل عن ما تعلنه السعوديّة، بل إن تأريخَ الصراع يثبت أن كُـلّ “دعاية” سعوديّة جديدة، تفتتح مرحلة جديدة أوسع وأكثر تعقيداً من الانقسام، الأمر الذي يعني المزيد من العبث والمواجهات والاغتيالات والصدامات، وبالتالي المزيد من الفضائح التي تكشف أن خيار إنهاء الصراع بين المرتزِقة ليس وارداً على الإطلاق في الحسابات السعوديّة والإماراتية، وأن ما يسمى “اتّفاق الرياض” ليس “اتّفاقا” في المقام الأول، بل واجهة لإدارة الاقتتال الداخلي بين الأدوات، والذي يفضي إلى تقاسم النفوذ بين المشغلين الرئيسيين في المناطق المحتلّة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com