“القاعدة” تحتضر في البيضاء ومساع أمريكية سعوديّة “إخوانية” مفضوحة لإنقاذها
المسيرة: أحمد داوود – نوح جلاس
بعد انكشاف الخيوط الرابطة بين التنظيمات التكفيرية الإجرامية، وتحالف العدوان وأدواته، ولجوء الأخير إلى تسليم مناطق من شبوة وأبين والبيضاء رسميًّا لعناصر الاستخبارات الأمريكية المسماة قاعدة، اتخذت حكومة المرتزِقة مساراً جديدًا من مسارات توطيد العلاقة بالقاعدة، في سياق المساعي الأمريكية لمساندة مرتزِقة الإصلاح؛ خوفاً من بتر أذرعها، حَيثُ تتبنى قوى العدوان وأدواتها المعارك الدائرة في البيضاء بين أبطال الجيش واللجان الشعبيّة من جهة، وبين عناصر القاعدة من جهة أُخرى، وهو ما يؤكّـد مجدّدًا أن العلاقة بين العدوان والمرتزِقة وإجرامي “القاعدة وداعش”، لم تعد خافيةً، غير أن تبني العدوان والمرتزِقة معارك الصومعة نيابة عن القاعدة يكشف أن التكفيريين صاروا جزءاً أَسَاسياً وفصيلا رئيسيا من الفصائل المرتزِقة والمرتهنة بيد واشنطن والرياض وأبو ظبي الثلاثي البارز على رأس تحالف العدوان والحصار.
فصائل المرتزِقة المتناحرة تتوحد لمؤازرة التكفيريين:
وفيما يخوض أبطال الجيش واللجان الشعبيّة معارك عنيفة ضد عناصر التنظيمات الإجرامية “القاعدة وداعش” في عدد من المناطق بمحافظة البيضاء، تسارع حكومة المرتزِقة، عبر بعض وزرائها، وكذلك أجنحتها “العسكرية” متعددة الولاءات والانتماءات بين قوى “التحالف” لتبني المعارك ومؤازرتها بشكل كبير، على عكس الجبهات الأُخرى التي تشهد مناورات ومهاترات إعلامية بين الفصائل المرتزِقة تنبثق عن الصراع بين أدوات الإمارات وأدوات أبوظبي، وهو ما يكشف أن مؤازرة التكفيريين في البيضاء ودعمهم وتبني معاركهم يأتي وفق مخطّط استراتيجي أجمعت عليه السعوديّة والإمارات لتلافي الخطر المتربص بالمصالح الأمريكية في المناطق الشرقية لليمن، فيما لم تعد قوى العدوان تخشى انفضاح العلاقة بالعناصر الإجرامية، ليتبين للجميع حقيقة دخول العدوان وأدواته مساراً جديدًا من مسارات الحرب ضد الشعب اليمني، وقد اتضح ذلك منذ تسليم عدد من المعسكرات في شبوة وأبين للقاعدة، ودمج التكفيريين بمقاتلي الإصلاح على تخوم مارب، بعد دمجهم مسبقًا وبشكل سري في جبهات أُخرى منذ العام 2015م.
وتزعم قوى تحالف العدوان في صفحات وزراء المنفى، وحسابات المليشيا المسلحة المتعددة التابعة للعدوان، تحقيق تقدمات ميدانية في البيضاء على حساب الجيش واللجان الشعبيّة، في حين تضلل الرأي العام بوجود “قبائل” تساند ما أسموه “الجيش الوطني” المرتهن لتنفيذ المخطّطات السعوديّة الإماراتية، ويعد لجوؤها إلى استخدام مصطلح “قبائل” تغطية على هُــوِيَّة الطرف الفعلي الذي يخوض المعارك ضد الجيش واللجان، والمتمثل بمقاتلي التنظيم الإجرامي “القاعدة”، وهو مصطلح يستخدمه تحالف العدوان وأدواته إبان كُـلّ المعارك التي يخوضها الجيش واللجان ضد القاعدة وداعش، وآخرها في حيمة تعز، ويكلا البيضاء.
انتصارات تمزق يافطات العدوان وأدواته:
وفي المقابل، تلقت العناصر الإجرامية المسماة “قاعدة وداعش” خلال اليومين الماضيين صفعة قوية في البيضاء، وقتل العشرات من عناصرها بينهم “أمراء” خلال مواجهات مع أبطال الجيش واللجان الشعبيّة، في حين أجبرت الانتصارات المتتالية للجيش واللجان تحالف العدوان وأدواته على تنفيذ أمرين، الأول الاعتراف على وسائل الإعلام “الداعشية” بسقوط قيادات إجرامية ومقاتلين من عناصر التنظيم، والثاني عدم قدرة المرتزِقة وأسيادهم على حجب حقيقة تولي القاعدة وداعش معارك الصومعة وغيرها من المناطق في البيضاء، عكس ما تزعمه الأبواق المرتزِقة بإضفاء مصطلح “قبائل، جيش وطني” على الطرف الفعلي الموجود في الميدان، وهي الأدوات الإجرامية.
ويأتي هذا الانكسار للعناصر الإجرامية بعد يومين من إعلان العدوان الأمريكي السعوديّ بلسان المرتزِق معمر الإرياني وزير الإعلام في حكومة الفار هادي عن عملية عسكرية باسم “النجم الثاقب” في محافظة البيضاء، ادعى في ظاهرها أن العملية تهدف لمواجهة “الحوثيين” هناك، لكنها في الأَسَاس تهدف إلى إنقاذ العناصر الإجرامية في مديرية “الصومعة” بالبيضاء، وهي المديرية المحاذية لمحافظة أبين الواقعة تحت سيطرة الاحتلال الإماراتي السعوديّ، وقد فرت إليها العناصر التكفيرية بعد هزيمتها المدوية وهروبها من مديرية ذي ناعم وقيفة العام الماضي.
ويكشف هذا التحضير للمعركة في البيضاء، وإعادة الزخم للمعارك هناك عن مدى التنسيق الكبير بين قوى العدوان الأمريكي السعوديّ وهذه العناصر، والتي يتم تحريكها من قبل العدوان أينما شاء وكيفما شاء، فمن جهة يتم الزج بالمئات من هذه العناصر لقتال أبطال الجيش واللجان الشعبيّة في مأرب، وحَـاليًّا يتم تحريكها لفتح جبهة من مديرية “الصومعة” لمحاولة استعادة المواقع التي خسرتها هذه الجماعات، في معارك سابقة مع قوات الجيش واللجان الشعبيّة بالبيضاء.
لكن أبطال الجيش واللجان الشعبيّة كانوا في أعلى درجات اليقظة والانتباه، فما إن تحَرّكت هذه المجاميع حتى تلقت صفعة قوية، وحدث لهم تنكيل وقتلى وجرحى وأسرى بالعشرات، حتى وصل أنينهم إلى البيت الأبيض ذاته الراعي الرئيس لهذه الجماعات التكفيرية، حَيثُ أعلنت واشنطن في عدة مرات القلق الكبير من تحرير مارب، وهو قلق في الحقيقة على فشل ورقة القاعدة، حَيثُ يعتبر تحرير مارب نكسة استراتيجية كبيرة لقوى العدوان وأدواتها المتعددة.
ويعيش المواطنون في مديرية “الصومعة” بالبيضاء أوضاعاً مزرية للغاية، في ظل الحكم القهري للعناصر الإجرامية بالمديرية التي تدعي أنها تطبق “شرع الله” وهي يد أمريكا التي تبطش بها المدنيين بالمديرية.
ولا يزال اليمنيون يتذكرون الجرائم المتوحشة لهذه العناصر في مديرية الصومعة، ومنها إعدام الطبيب مطهر اليوسفي في منتصف أغسطُس 2021، حَيثُ أقدم التنظيم في مديرية الصومعة على تقييد الطبيب وربط يديه للخلف بعد إعدامه، وصلبه على جدار المستوصف الذي يملكه، وقد تم تصوير الجريمة وبث صور الإعدام في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي التي يملكها التنظيم الإجرامي الإرهابي، في وقت يواصل التنظيم الإجرامي إعدام المواطنين بدون محاكمة بتهمة التخابر والتجسس، كما حدث للمواطنين عبد الله علي صالح الغزالي، ومحمد أحمد الغزالي، ومحمد الجيشاني، ووليد مبروك الذين تم إعدامهم في أغسطُس الماضي.
بيد إن هذه لم تكن الحادثة الأولى للعناصر الإجرامية التكفيرية في مديرية الصومعة بالبيضاء، فقد أعقبتها حوادث وجرائم عدة بحق المواطنين لا تزال تمارس إلى يومنا هذا، فبعد أسبوع فقط من إعدام الطبيب اليوسفي بطريقة وحشية أقدم تنظيم القاعدة الإجرامي على تفجير مبنى حكومي وتم بعد ذلك بث مقطع فيديو مرئي وثق فيه تفجير المركز الطبي دون الإشارة إلى تفاصيل أكثر حول الحادث.
مساندة دائمة:
وخلال مواجهات أبطال الجيش واللجان الشعبيّة العسكرية للعناصر التكفيرية الإجرامية المسماة “داعش والقاعدة” يتعرى الموقف الأمريكي تماماً، حين يتعمد بشكل سافر على مساندة هذه العناصر بالغارات الجوية ومحاولة إنقاذهم من مأزق الهزيمة، كما حدث من مساندة فاضحة لعناصر التنظيم الذين حوصوا في “قيفة” و”يكلا” العام الماضي، وحينها تدخل طيران العدوان الأمريكي بتنفيذ عشرات الغارات محاولاً فك الحصار عنهم لكن تلك المحاولات باءت بالفشل.
ويقفز الدور الأمريكي إلى تقديم الدعم الكبير لهذه العناصر الإجرامية من خلال تزويدها بالأسلحة والمعدات اللازمة للقتال، حَيثُ تعول واشنطن في كثير من الأحيان على هذه العناصر في تحقيق أي انتصار ميداني في أي منطقة جغرافية يتواجد فيها أبطال الجيش واللجان الشعبيّة، أَو التعويل عليها في الدفاع عن بعض المناطق كما يحدث الآن في مأرب والبيضاء.
ويدور التنظيم الإجرامي “القاعدة وداعش” في منطقة جغرافية اختارها العدوان الأمريكي السعوديّ أن يتمدد بكل أريحية ليمارس مهامه الإجرامية على أكمل وجه، فبعد اندحاره من معقله الرئيس في مديرية ذي ناعم بالبيضاء، انزوى التنظيم في مديرية “الصومعة” المجاورة لمحافظة أبين والتي يحظى فيها بوجود ودعم كبير من العدوان.
وكانت صحيفة “الأخبار” اللبنانية قد كشفت في إبريل الماضي أن العدوان الأمريكي السعوديّ أوكل للتنظيم مهمة تأمين سواحل محافظة أبين؛ بهَدفِ استقبال مقاتلين من خارج اليمن، وإيوائهم، ومن ثمّ نقلهم عبر معقله المتبقّي له في محافظة البيضاء إلى محافظة مأرب، مشيرة إلى أن المخطّط الجديد الذي شارف التنظيم على إنهاء تنفيذه في محافظة أبين بقيادة أمير التنظيم في المحافظة المدعو سالم الشنعاء، بدأ بالتعاوُن مع ميليشيات «الإصلاح» في المحافظة، وبإشراف مباشر من الجانب السعوديّ، ومن ضمن المهام الموكلة للتنظيم إعادة الانتشار في عدة معسكرات تابعة لمليشيا الإصلاح ومنها مديرية الصومعة بالبيضاء.
وتتكفل مليشيا الإصلاح بدعم سعوديّ وأمريكي واضح بضمان وصول الأسلحة والمقاتلين الأجانب إلى “الصومعة” ومن ثم إلى مأرب، وذلك كغطاء ويافطة لمواراة تحَرّكات التكفيريين وأنشطتهم الرامية إلى خدمة البيت الأبيض بالدرجة الأولى.