ضبط الملبوسات “الإسرائيلية”.. إحباط أول عملية غزو اقتصادي – فكري تطالُ اليمن “المقاوم”
المسيرة: نوح جلاس
بعدَ أقلَّ من أسبوعين على بيان البنك المركزي الذي أكّـد أنه سيبدأُ بتفعيل المقاطعة الرسمية “الحقيقية” للبضائع الصهيونية والأمريكية، كخيارٍ اقتصاديٍّ من بين عدة خيارات لمواجهة التصعيد العدوان ومظاهر الحرب الاقتصادية التي تشنها قوى العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ على الشعب اليمني، أقدمت “الخلايا” التسويقية التابعة للكيان الصهيوني على محاولة تكاد تكون الأولى خلال الفترة الراهنة، بإدخَال عدد من البضائع “الإسرائيلية” إلى صنعاء والمحافظات الحرة، وذلك بعد السماح لدخولها من المنفذ اليمني المخترَق “ميناء عدن” الذي تديرُه قواتُ الاحتلال الإماراتي بشكل مباشر، وفي مقابل ذلك كانت العيون الساهرة على الموعد، بشقَّيها الأمني والفني، وتمكّنت من إحباط المحاولة، فكان مصيرُ البضائع الإسرائيلية هو التحريز.
العملية.. إحباطُ أول “هجوم” اقتصادي صهيوني:
الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة، وجهاز الأمن والمخابرات، تمكّنوا في عمل مشترك من ضبط كميات من الملابس المصنوعة في “إسرائيل”، وذلك في منفذ الراهدة الجمركي بمحافظة تعز، قادمة من ميناء عدن، ليشكل ذلك أولى الخطوات الفعلية لمكافحة البضائع الصهيونية، مع أولى المحاولات اليائسة لإدخَالها وتسويقها.
العدوّ الصهيوني وأدواته الاقتصادية وبجناحها التسويقي، يعرفون تماماً مدى الجدية التي تتخذها صنعاء حيال البضائع المقاطعة، وفي مقدمتها البضائع الإسرائيلية، ولذا لجأت إلى محاولة فاشلة للتمويه على هُــوِيَّة البضائع المضبوطة، واتِّخاذ أساليبَ مخادعةٍ في سبيل إدخَالها، كمحاولة التحفظ على اسم البضائع ومعلوماتها الفنية على أوراق الشحن والجمارك والاستيراد، وطبع لواصق مزوَّرة على أغلفتها تظهر أن البضائع ذات منشأ صيني، غير أن يقظةَ مفتشي هيئة المواصفات والمقاييس كانت على الموعد، حَيثُ يوضحُ مختصُّ التفتيش في مكتب الهيئة بمحافظة تعز معاذ المظلوم أن الكمياتِ كانت متجهةً للدخول تحت يافطة أنها مصنوعة في الصين، وهو أمرٌ بمثابة خدعة لتمرير الملابس.
حيلةٌ فاشلةٌ لإدخَال البضائع ويقظة عالية:
ويشير المختص معاذ المظلوم في حديثه للمسيرة، إلى أن “وثائقَ الشحنة كانت تشيرُ إلى أن الكميات المضبوطة عبارة عن مواد متنوعة من الملابس وأصناف كثيرة، وعند الاطلاع عليها والتدقيق عليها وجدنا أن بعضَ الأصناف عليها (مكس كلوز) أي ملابس مجمَّعة، وهو ما جعلنا ندقّق أكثرَ”.
ويضيف مختص التفتيش “قمنا بالبحث عن الأصناف التي في الوثائق، والتدقيق عليها وسط الكميات على الشاحنة، فوجدناها ملابسَ متنوعة ذات أكثر من منشأ، وكنا نخرج الأصناف وعلى أغلفتها مطبوعات تزعم أن الملابس مصنوعة في الصين”.
ويؤكّـد معاذ المظلوم أنه “وبعد البحث الدقيق والتفتيش، وجدنا أن الملابس ذاتها عليها اسم المنشأ وهو (إسرائيل)، عكس ما تدّعيه المطبوعات الملصقة على أغلفة الملابس”.
محاولة التمويه الفاشلة للجناح التسويقي الصهيوني وأتباعه، تُظهِرُ مدى يقظة رجال الأمن والمخابرات، ومختصو التفتيش بهيئة المواصفات والمقاييس، حَيثُ أن المعلوماتِ لدى رجال “المخابرات” تؤكّـدُ وجودَ مساعٍ حثيثة يبذُلُها الكيان الصهيوني وعميلِه الوضيع “النظام الإماراتي” لغزو السوق اليمنية بالبضائع الصهيونية، وهو ما دفع هيئةَ المواصفات وضبط الجودة للتدقيق اللازم على كُـلّ البضائع الواردة من المنافذ الواقعة تحت سيطرة تحالف العدوان وأدواته، وقد أسفرت نتائجُها عن إحباط أول محاولة لتسويق بضائع العدوّ لدى الشعب.
غزوٌ فكري أكثرُ من ربحي.. جبهةُ وعي صلبة:
وبالعودة لتسليط الضوء على الأُسلُـوب المتخَذ لإدخَال الملابس، يتبين أن الكيان الصهيوني لا يبحثُ عن جدوى اقتصادية ربحية من إدخَال الملابس، بل له أهدافٌ أُخرى تبدأ بكَي الوعي اليمني بشكل ناعم، يجعله يتقبل مسألة شراء البضائع الإسرائيلية، وبعدها يصبحُ التطبيع الاقتصادي أمراً عادياً، ستكون نتائجُه الحتمية القضاءَ على الفكر المعادي للكيان الغاصب، حَيثُ تحاشى العدوُّ الصهيوني ذكرَ اسم البلد المصنع على أغلفة الملابس وأدوات شحنها ونقلها، وذلك بغية اختراق صفوف الجهات المعنية وضمان وصولها للمستهلك، لكنه لم يخف اسم البلد المصنع “إسرائيل” على الملابس، ونحتها بتطريز بارز، يدرك المستهلك من خلالها أن الملابس “إسرائيلية”، وأن دخولها أمرٌ لم يستدع ضبطها. وهي أساليب مجربة بالنسبة للكيان، حَيثُ أن ما يُعرف بالتطبيع “الاقتصادي” كان أولى الخطوات التي غزت بعضَ الشعوب العربية والإسلامية حتى صارت اليوم لا تغضب لإعلانِ حكامها التطبيع مع كيان العدوّ بشكل علني ورسمي ويشمل كُـلّ المستويات، على حساب بيع وتصفية القضية الفلسطينية.
كما أن عمليةَ ضبط وتحريز الملابس “الإسرائيلية”، تُظهِرُ مدى التنسيق بين مؤسّسات الدولة وأجهزتها المخابراتية والفنية والأمنية نحو تفعيلِ المقاطعة للبضائع الصهيونية، حَيثُ يوضح مديرُ مكتب الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة في منفذ الراهدة، محمد عكاشة، أن عمليةَ ضبط وتحريز الملابس الإسرائيلية تمت بتزامن تفتيش وتدقيق من قبل مختصي الهيئة ومنتسبي جهاز الأمن والمخابرات المتواجدين في المنفذ، مُشيراً إلى أن عملية الضبط والتحريز تمت بمحاضرَ رسمية تضُمُّ كُـلَّ الجهات المعنية، بما فيها جهاز الأمن والمخابرات.
ويبيّن عكاشة للمسيرة أن الكميات كانت محملة على ثلاثة طرود، بواقع 619 قطعة ملابس متنوعة مصنوعة لدى الكيان الصهيوني، مؤكّـداً في الوقت ذاته أن الأعينَ ستظلُّ ساهرة لإحباط المحاولات الأُخرى الرامية إلى الإخلال بوعي الشعب واقتصاده المقاوم.
رسالةُ صنعاء: لا قبولَ للكيان الغاصب بأي شكل:
إلى ذلك، يرى مدير عام الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة، الدكتور إبراهيم المؤيد، أن إقدام الكيان الصهيوني على تسويق بضائعه في اليمن، يحملُ بشقه الآخر والأبرز حملاتِ غزو فكرية تستهدفُ وعيَ الشعب بأهميّة مقاطعة البضائع الصهيوني كمسارٍ من مسارات مناهضة الكيان الغاصب.
ويقول الدكتور المؤيد في تصريح خاص لصحيفة المسيرة: إن “عمليةَ إدخَال البضائع الإسرائيلية إلى المحافظات الحرة من بوابة تحالف العدوان وأدواته، وفي مقدمتها الاحتلال الإماراتي، يؤكّـد أن هناك عملاً مشتركاً بين الإمارات وإسرائيل في سياق كَي وعي الشعوب وجرها للقبول بالتطبيع مع الكيان الصهيوني”، مُشيراً إلى وجودِ احتمالات تؤكّـدُ أن الاحتلالَ الإماراتي بعد إيغاله في خيانة الأُمَّــة سيقومُ بكل ما من شأنه جعلَ الشعوب مستسلمة لـ”الواقع” الذي يسعى العدوّ الغاصب لفرضه، وتصفية الحق الفلسطيني وما يحملُ من مقدسات تهم الأُمَّــة أجمع.
ويؤكّـد الدكتور المؤيد أن هيئة المواصفات وضبط الجودة لن تسمحَ على الإطلاق بإدخَال أية سلعة مصنوعة لدى الكيان الصهيوني، أياً كان نوعها، مُشيراً إلى أن السوق اليمنية مليئة بكل متطلبات الشعب، وأن المرحلة تستدعي إغلاق كُـلّ الأبواب بوجه الكيان الصهيوني وأدواته العميلة.
إلى ذلك، أوصلت صنعاء رسالة قوية للكيان الصهيوني وأدواته، مفادها أنه لا قبول له بأي شكل من الأشكال في الداخل اليمني، وأن محاولات الخيانة الإماراتية للنظام العميل أَو لأدواته المرتزِقة مصيرها الفشل.
مكافأةٌ للساهرين:
وفي سياق الخطوات التي اتبعتها صنعاءُ للمزيد من عمليات التصدي للهجمات الاقتصادية الإسرائيلية، وجّه وزيرُ الصناعة والتجارة، عبد الوهَّـاب الدرة، بمنح مكافأةٍ مالية للعاملين في منفذ الراهدة؛ لإحباطهم محاولةَ تهريب وإدخَال الملابس المصنوعة في الكيان الصهيوني.
وأشاد وزير الصناعة والتجارة بجهود العاملين في المنفذ من الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة والأمن والمخابرات في إحباط محاولة تهريب الملابس.
وحثَّ على تشديدِ الإجراءات في المنافذ والمراكز الرقابية والتنسيق بين الجمارك وهيئة المواصفات والمقاييس والجهات المعنية لمنع التهريب لأية سلع أَو بضائع ممنوعة.
ولفت الوزير الدرة، إلى أنه تم التوجيهُ باستكمال التحقيقِ وإحالةِ القضية إلى الإجراءات القانونية، مؤكّـداً عدمَ التهاون في حَقِّ كُـلِّ مَن يتورَّطُ في عمليات التهريب التي تضُــرُّ بالوطن واقتصاده.