هل ولّى زمنُ العبودية؟
رويدا البعداني
العبودية: هي كلمةٌ توارثت في اللُّغة العربية منذُ ذلك العصر القديم، ولعلها قد انتهت حينما كُسرت الأصنام، وتوجَّـه الجميعُ لعبادة الواحد الرحمن، لكن السؤالَ الذي يطرح نفسَه في محور حديثي للعبودية هو: ماذا أعني بالعبودية؟
إنَّ العبوديةَ التي أقصدها، هي تلك التي استظلت بجناح التقزُّم الفكري وأصبحت تنبذُ أي معتقد لا يوافق دينها، وفكرها، وطائفتها أياً كانت.
إنها العبوديةُ التي أنجبها الإنسان وكَبُــرَ وترعرع عليها، إلى أن أصبحت جُزءاً منه لا يتجزأ أَو يتنصل من مفهُومِه الاعتقادي، وتقاليده الذاتية المقيدة، رأيتها تسكُنُ في أفكارنا المتحجّرة، ومذاهبنا المختلفة، التي تؤمنُ بـ “اعتقاد واحد”، ولا تدعُ مجالاً للمزايدة أَو المخالفة، وكأنَّها سُنةٌ ثابتةٌ لا تتغير، مع أن دينَنا الحنيف كُـلَّ يوم يتجدّدُ في الزمان والمكان، ويوافق أفكارنا التي لا زالت هي نفسها شكلاً ومضموناً ومعنىً، لم تكبر كما كبر العالمُ، ولم تتقدّم بتقدم العصر والحضارة الحديثة.
ورمقتها مرّةً أُخرى في كهفٍ طفولي، تعتمه ظُلمة الانتقادات والسلبيات بـ “امتيَاز واجتياز”، تفترشه صخورًا صلبةً مغلفةً تحمل مسؤوليةً شاقّةً فاقت قدرته النحيبة، كهفٌ طفولي قابعٌ في مكان مرتفع حَظِيَ بالرفعة أكثر من التعايش فيه، وعليه كانت المزايدةُ والعنصريةُ هي مَن تعيشُ حتّى كَبُرَ وأصبح متأقلماً للعادات والظروف التي خلقت وهو لا يعرف.
وإلى هنا وصلنا أيها القارئُ إلى النهاية، أعلمُ أن هناك مَن سيخالِـفُني الرأيَ في مصطلح العبودية، فالعبوديةُ هي تسخيرٌ من قبل العابد لكُلِّ مكنونات نفسه لما يعبُدُه، وهو اللهُ سبحانَه وتعالى، ولكن اخترت هذا المعنى من قبيل المشابهة والمجاراة، حَيثُ إن تفاقمت هذه التشابهاتُ ببعضها أَو تزاحمت فحتمًا ستسقطُ إلى عبودية الفكر.
لذا ذكرتُ هذا المعنى تنبيهًا من الوقوع بمستنقع سحري خفي، قد نهبِطُ فيه يوماً ونحنُ لا نعرف، ويبقى السؤالُ أشبهَ بالصرخة المدوية:
متى ستنتهي العبودية؟!