صناعةُ الانتصار
يحيى المحطوري
أن يدركَ اليمنيون أهميّةَ أن يقولوا “لا” للوصاية الخارجية على اليمن كان أعظمَ انتصارٍ تحقّقَ خلال الفترة الماضية.
وصمودُ الشعب اليمني في وجه تحالف العدوان لسبعة أعوام يؤكّـدُ نجاحَه في مواجهة المؤامرة الأكبر وهي محاولاتُ تركيعه وإسكاته وَقتل الأمل في أعماقه في التغيير الصحيح لواقعه السيء.
وأن بإمْكَانه أن يغيِّرَ وأن يغضبَ وأن يثورَ وأن يصمُدَ وأن يواجهَ العدْوان، على الرغم من ظروفه الصعبة ومعاناته المُستمرّة.
ولكن.. هل كانت تلك النجاحات والانتصارات وليدةَ لحظتها أَو يومها؟؟
أم أنها نتاجٌ طبيعي لجهود كبيرة طوال الأعوام الماضية، وصبر متواصل ويقظة مُستمرّة في مواجهة كُـلّ محاولات تمييع الثورة والالتفاف عليها وركوب موجتها، وضرب الجبهة الداخلية وشق صفها، وخلق حالة الإحباط لدى المواطن المستضعف تجاه أية دعوة صادقة للتحَرّك الجاد لبناء دولة قوية قادرة على مواجهة الأعداء وحماية الشعب.
عوامل كثيرة ساعدت على تحقيق الانتصار، من حَيثُ طبيعة الشعب اليمني وتعدد مكوناته وأصوله الفكرية والثقافية التي هيئت ظروفا ملائمة أفضل من أي بلد آخر.
إضافة إلى كُـلّ ذلك.
كان لصعود أنصار الله المُستمرّ والقوي التأثير الأبرز في مسار استمرار الثوْرة اليمنية والصمود في مواجهة العدوان، وُصُـولاً إلى مراحل الحسم والردع.
وذلك لأسباب متعددة منها:
تميز مشروع أنصار الله بالقيادة الحكيمة المخلصة الصادقة القادرة على التعامل مع كُـلّ الظروف والمتغيرات.
امتلاكهم لمشروع قرآني متكامل قادر على بناء الشعب على كُـلّ المستويات العسكرية والاقتصادية والسياسية والثقافية والإعلامية بحلول شاملة في مواجهة صراع شامل يشنه تحالف دول العدوان على اليمن وشعبه المستضعف، وتقف خلفه قوى استكبارية حريصة على إبقاء الشعب تحت الهيمنة والوصاية الخارجية.
خبرتهم المتراكمة في التعامل مع الصعوبات والتحديات، وخُصُوصاً في صمودهم في مواجهة أقطاب النظام القديم..
حيث خاضت معهم صراعاً مريراً لأعوام متعددة وست جولات عنيفة من الحروب الظالمة التي أرادت استئصالهم وتدميرهم وتمكّنوا من الصمود والمواجهة والاستمرار في نضالهم المشروع.
قدرتهم على إفشال كُـلّ الفتن الداخلية، والحروب الجزئية التي حاولت عزلهم عن التأثير في بقية المكونات اليمنية الأُخرى ذات العلاقة بالقرار السياسي في البلد.
قدرتهم على المشاركة الفاعلة في كُـلّ جولات المفاوضات والحوارات الوطنية والخارجية.
وتقديمهم للرؤى الحكيمة والحلول الصحيحة لإخراج البلد من معاناته، ويقظتهم في مواجهة كُـلّ المؤامرات الأممية والأمريكية.
إفشالهم لمحاولات قوى العدْوانِ عزلَهم وإحراقَهم سياسيًّا ومجتمعيَّا؛ لتهيئة ظروف مناسبة لضرب شعبيتهم واستهداف حاضنتهم المجاهدة التي كان لها الدورُ الأكبرُ في صناعة الانتصارات.
تمكُّنُهم من تحقيق نتائجَ عكسية لكل المؤامرات السابقة جعلهم أكثرَ قدرةً على الحضور السياسي إقليميا ودوليًّا.
وسيهيئ لهم الأرضيةَ الصلبةَ والمتماسكة والقوة الدافعة لتحقيقِ المزيدِ من الانتصارات السياسية والعسكرية لصالح الشعب اليمني المظلوم..
والأهمُّ من ذلك كله أن أنصارَ الله وجدوا أنفسَهم أمام مسئولية دينية ووطنية وتاريخية حتَّمت عليهم الانحياز إلى جانب شعبهم وركل كُـلّ محاولات إغرائهم للتخلي عن شرف المسئولية..
وواجهوا وفضحوا كُـلّ الحروب الساعية لحرف بُوصلتهم أَو تغيير توجّـههم الصادق.
وأكّـدوا دائماً استعدادَهم لدفع فاتورة الانتصار المنشود من دماءِ أبنائهم وأشلاء أطفالهم ومعاناة أسرهم ومجتمعهم.
وهي السبيلُ الوحيدةُ الموصلة إلى النصرِ والقادرةِ على سحق كُـلّ مؤامرات الطغاة والمجرمين
باختصار شديد..
فَـإنَّ قدرةَ أنصار الله على الصمود والمواجهة وُصُـولاً إلى ردع العدوّ، يؤكّـد قوة قيادتهم ومشروعهم الفكري والسياسي وتماسك وضعهم الداخلي واستفادة كوادرهم من تجارب ومعاناة الماضي في مواجهة المستقبل المليء بالتحديات وبالقوى التي تحارب الشعب خدمة لمشاريع خارجية.
وأكّـدت نجاحهم في استيعاب الفرص المتاحة والتقدم السريع نحو مستقبل أكثر التحاما بالشعب وأكثر شعوراً بمعاناته.
وهذا ما أهّلهم لقيادة اليمن بكل مكوناته المختلفة في معركة التحرّر والاستقلال والقضاء على حالة الوصاية والهيمنة الخارجية على القرار السياسي في البلد والذي أوصلها إلى أسوأ مستويات الانحطاط طوال العقود الماضية..
والله المستعان..
وهو نعم المولى ونعم النصير..