انكسار أمريكي جديد.. هزائم مذلة للتكفيريين في البيضاء
المسيرة- منصور البكالي
“المغامرةُ الانتحارية” للتنظيمات الإجرامية في البيضاء “تهشمت”، وأنهاها أبطالُ الجيش واللجان الشعبيّة في عملية النصر المبين بمرحلتيها الأولى والثانية، فيما لا تزال الضربات القاصمة تتوالى وتلاحق هذه الجماعات إلى أن يتم التطهير الكامل للمحافظة.
لقد حاول العدوان الأمريكي السعودي الدفع بالمرتزِقة والعناصر السلفية والإجرامية من “داعش والقاعدة” إلى البيضاء، لتحقيق مسارات متعددة للتقدم في البيضاء، طامعاً للوصول إلى محافظة ذمار، لكنه لم يكن يتوقع أن يعيش أياماً سوداء، فعمليته التي سماها “بالنجم الثاقب” تحولت إلى جحيم ونار حمراء في جبال ومرتفعات وتضاريس البيضاء الوعرة، بفعل التنكيل الشديد لأبطال الجيش واللجان الشعبيّة لكل المجاميع التي تندرج في الخانة الأمريكية.
في الجانب العسكري تدرك واشنطن مدى خسارتها الفادحة، ورهانها الفاشل على الجماعات التكفيرية لإحراز انتصار على أبطال الجيش واللجان الشعبيّة في البيضاء، فالغارات الجوية الهستيرية التي رافقت العملية كانت بمُجَـرّد سراب، أَو كما يقول زميلنا في الإعلام الحربي “بلاستيك”، وجميع الأسلحة التي تم حشدها وتزويد هذه الجماعات بها، أصبحت غنائم لأبطال الجيش واللجان الشعبيّة، والإعلام الواسع لمرتزِقة العدوان الذي بدأ بنقل تباشير الانتصار أصبح واجماً ولا ينبس ببنت شفة عن معارك البيضاء، وفي المجمل لقد لاح في الأفق الانتصار الكبير للجيش واللجان الشعبيّة، وستكون له تباعاته وتداعياته في قادم الأيّام.
والواقع أن أبطالَ الجيش واللجان الشعبيّة لم يتوقفوا عند كسر أحلام الأمريكيين والتنظيمات التكفيرية في مديرية الزاهر، بل استمروا في ملاحقتهم خلال الأيّام الماضية، لتثمر هذه الملاحقة عن تحرير مديريتي ناطع وناعم في عملية سميت “بالنصر المبين 2″، وفي المجمل تم تحرير مساحة تقدر بحوالي 500 كم مربع.
ويرى الخبير والمحلل العسكري العقيد مجيب شمسان، أن المرحلة الثانية من عملية النصر المبين تمكّن من خلالها أبطال الجيش واللجان الشعبيّة من تحرير مناطق استراتيجية هامة، تعد قلب اليمن؛ باعتبَار أن البيضاء تربط بين 8 محافظات يمنية أربع منها شمالية وأربع جنوبية.
ويشير العقيد شمسان إلى أن تحالف العدوان الأمريكي السعودي كان يعتبر البيضاء وكراً أَسَاسياً لتنظيماتها الإرهابية التي قدمت لها مختلف أنواع الدعم العسكري واللوجستي الميداني والاستخباراتي، وكل ما من شأنه تحقيق وخدمة الأجندة الأمريكية، مؤكّـداً أن هذه العملية أظهرت حقيقة أمريكا وعرتها أمام العالم بأنها لم تأتِ إلى اليمن لمحاربة تلك التنظيمات الإرهابية وإنما لتقدم لها الدعم لتتمدد وتنتشر.
لقد حقّقت عملية النصر المبين الأولى والثانية، الكثير من النجاحات في زمن قياسي قصير، وفيها تم توجيه ضربة قاصمة لأمريكا-كما يقول العقيد شمسان- لافتاً إلى تصريح الخارجية الأمريكية وبلسان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، الذي قال: “لقد سئمنا من الحديث عن السلام مع الحوثيين”، حَيثُ جاء هذا التصريح بالتوازي مع انطلاق ما يسمى بعملية “النجم الثاقب” التي أطلقتها حكومة المرتزِقة؛ بهَدفِ السيطرة على محافظة البيضاء، لكنها في المقابل تلقت الضربات الموجعة التي لم تكن تخطُرُ في بال الأمريكيين.
ويوضح العقيد شمسان أن هذه العمليات التي يحاول العدوان من خلالها تشتيت الجيش واللجان الشعبيّة وتخفيف الضغط على مأرب قد باءت بالفشل، بل وضاعفت من عناصر القوة والإيجابية لصالح الجيش واللجان الشعبيّة وأعطتهم إطلالة على محافظة شبوة ذات الأهميّة الاستراتيجية النوعية من الناحية العسكرية، مُشيراً إلى أن الخسائر التي مني بها العدوّ (العدة والعتاد) وخسارته الميدانية لتلك المواقع الاستراتيجية قلبت التهديدات إلى فرص، وحولت المعركة برمتها لصالح الجيش واللجان الشعبيّة، وهنا تكمن إمْكَانياتهم في استكمال ما تبقى من معركة مأرب التي باتت قاب قوسين.
خيبة أمل
ويصف مستشار المجلس السياسي الأعلى وأمين عام حزب الأُمَّــة، العلامة محمد أحمد مفتاح، عملية النصر المبين في مرحلتها الثانية في محافظة البيضاء “بالعملية العسكرية النوعية”، مؤكّـداً أنها أَدَّت إلى نتائج مهمة على الأرض بتحرير مديريتين كاملتين من قبضة العناصر التكفيرية وأدوات الاستخباراتية الأمريكية.
ويقول العلامة مفتاح في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” إنه وعلى المستوى الاجتماعي تنفس المواطنون الصعداء في تلك المنطقة وعادت الحياة إلى طبيعتها، بعد معاناة شديدة لسكان تلك المديريتين، منذ سيطرة قوى العدوان الأمريكي وأدواته عليها لسنوات كثيرة.
أما الأهميّة السياسية والعسكرية والاستخباراتية لهذه العملية فيرى العلامة مفتاح أن الأمريكيين كانوا يراهنون على أدواتهم التكفيرية التي زرعوها في محافظة البيضاء، وبذلوا جهوداً كبيرة في تدريبها وتأهيلها، والترويج لها، فأُصيبوا بخيبة أمل كبيرة، نتيجةَ الهزيمة التي تلقتها عصاباتهم التكفيرية، ووضعت الأمريكان في حالة ارتباك كبير نتيجة تبخر إعداداتهم وطموحاتهم التي كانوا يبنونها على تلك الأدوات الرخيصة، لخلط الأوراق في اليمن وفي الجزيرة العربية، لافتاً إلى أن انهيار المليشيات التكفيرية أمام أعين الأمريكي فجأة وفي غضون أسابيع فقط سيؤدي إلى إعادة الأمريكيين النظر في استراتيجيتهم تجاه اليمن.
ويؤكّـد العلامة مفتاح أن الشعب اليمني والقيادة السياسية والثورية والعسكرية لا تؤمل خيراً في الأمريكيين، ولا في غيرهم، وهي على ارتباط وثيق وأمل بالله، ثم بتضحيات المجاهدين الأبطال المستمرين في تحرير ما تبقى من مناطق اليمن حسب الأولويات والخطط العسكرية المرسومة، وعلى صمود الشعب العظيم، وهذا هو الرهان الذي نراهن عليه ولا رهان على محادثات لا مع أدوات الأمريكي “السعودية والإماراتية والصهيونية”، ولا على أذنابهم مرتزِقة اليمن حفنة الخونة والعملاء.
ويتجلى الانكسار الأمريكي في أن رهانه على تحقيق انتصار سريع وخاطف في البيضاء، قد تحول إلى هزيمة ساحقة، وبالتالي فَـإنَّ ما بناه خلال سنوات كثيرة تم هدمه من قبل أبطال الجيش واللجان الشعبيّة في غضون أَيَّـام، كما أن المعركة ليست في نهايتها وقوات الجيش واللجان لن تتوقف عند حدود الزاهر وناطع، بل ستوسع الدائرة ميدانيًّا، وستكون منطلقاً لتحقيق مكاسبَ أُخرى وملاحقة لمرتزِقة العدوان في محافظات كان يعتقد أنها ستظل تحت سيطرته مدى الحياة، والمقصود هنا محافظة شبوة الغنية بالثروات النفطية والغازية، والمطلة على بحر العرب.
ولعل الاندفاع الكبير لقبائل وأحرار البيضاء كان له الدور الأبرز في تحقيق هذا الانتصار، وهذا يعني أن أبناء تلك المناطق قد ضاقوا ذرعاً للممارسات الإجرامية لتكل العناصر خلال السنوات الماضية، وأنهم لا يريدون لهذه العناصر الدخول إلى مناطقهم أبداً مهما كلفهم ذلك من ثمن.
وتكتسب محافظة البيضاء أهميّة استراتيجية من الناحية الجغرافية؛ لكونها تقع في قلب اليمن، ولها حدودٌ إدارية مع ثماني محافظات يمنية: شمالية مع مأرب وإب وذمار وصنعاء، وجنوبية مع مأرب ولحج وأبين وشبوة والضالع، وبالتالي فَـإنَّها تمثل حلقة ربط جغرافي وتجاري بين شمال الوطن وجنوبه.
ونظراً إلى أهميّة هذه المحافظة من الناحية الاستراتيجية، بحكم موقعها الجغرافيا، فقد جعل منها تنظيم “القاعدة” خلال السنوات الماضية وكراً لمعسكراته ولمعامل تصنيع المفخخات والعبوات الناسفة وإعداد الانتحاريين والمقاتلين، ومن جنسيات مختلفة، وأغلبهم من الجنسية السعودية. وقد استفادت هذه التنظيمات الإجرامية “القاعدة” وداعموها من موقع المحافظة لتوزيع الموت على اليمنيين شمالاً وجنوباً، قتلاً وتفخيخاً واغتيالات، والكلام للباحث عبد الملك عيسى في حسابه على تويتر.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي حميد رزق، أن المرحلة الثانية من عملية النصر المبين تتلخص بمهمتين نفذها المرتزِقة، الأولى: الفرار، والثانية: الاستسلام أمام أبطال الجيش واللجان الشعبيّة، ولم يفلح طيران التحالف الأمريكي السعودي برغم غاراته المكثّـفة في رفع معنويات المرتزِقة المنهارة.