وزير الثروة السمكية في حوار مع المسيرة: خسائر القطاع السمكي وصلت إلى 10 مليارات دولار وهناك 245 صياداً لا يزالون مفقودين في سجون الإمارات وأرتيريا والسعوديّةالمسيرة
المسيرة | حاوره أيمن قائد
أكّـد وزيرُ الثروة السمكية في حكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء، الأُستاذ محمد الزبيري، أن خسائرَ القطاع جراء العدوان على اليمن خلال السنوات الست الماضية وصلت إلى أكثر من 10 مليارات دولار، وأن العدوان دمّـر الكثير من البنى التحتية، سواء من الموانئ والمختبرات مثل مختبر حرض والذي كان مركَزاً للتصدير.
وقال الوزير الزبيري في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة”: إن إغلاق مطار صنعاء الدولي من قبل تحالف العدوان على اليمن أوقف عملية تصدير الأسماك إلى الخارج، كما أن العدوان ألحق أضراراً كبيرة بالصيادين وقواربهم، حَيثُ قصف العدوان حوالي 275 قارب صيد بطريقة ممهنجة، كما استشهد المئات من الصيادين والكثير منهم تم اعتقالهم، مُشيراً إلى أنه لا يزال هناك 245 صياداً مفقودين إلى اليوم في سجون السعوديّة والإمارات وأرتيريا، ويتم هناك تعذيبهم تعذيباً شديداً في جزيرة فاطمة، ويتحملون أعمالاً شاقة هناك، وَأن مراكز البحوث كذلك تعرضت للاستهداف.
وبيّن الوزير أن قوات الاحتلال الإماراتي والسعوديّ يحتلون الموانئَ اليمنية ويتصرَّفون بها، ويمنعون الكادرَ اليمني من ممارسة أعمالهم بالصيد وخَاصَّة في المواسم التي يكون فيها الاصطيادُ كثيراً، مُشيراً إلى أنهم يقومون بالتفجير والأشعة والجرف وكل الوسائل المخالفة للقانون.
إلى نص الحوار:
– بدايةً لو تحدثنا أُستاذ محمد عن الأضرار التي لحقت بالقطاع السمكي في اليمن جراء استمرار العدوان والحصار على بلادنا للعام السابع على التوالي؟
بلا شك، أن سبعة أعوام من العدوان قد تسبب في تدمير الكثير من البُنَى التحتية، سواء من مراكز الإنزال السمكي، أَو الموانئ، أَو المختبرات، مثل مختبر حرض؛ لأَنَّ هذا المختبر كان مركَزاً للتصدير، وَأَيْـضاً بإغلاق مطار صنعاء تم إيقاف التصدير، وَأَيْـضاً الكثير من البنى التحتية المتعلقة بالإنتاج والمتعلقة بتصدير الأسماك. أيضاً لحقت أضرارٌ كبيرةٌ بالصيادين وقواربهم، الكثير من القوارب، ما يقارب 245 قارباً تم قصفها بصورة مباشرة وممنهجة، وهناك الكثير ممن استشهدوا بالقطاع السمكي، وفي نفس الوقت الكثير منهم من اعتقل لنزوله في البحر؛ لذا فَـإنَّ الآثارَ كبيرة جِـدًّا ومدمّـرة خلال السبعة الأعوام الماضية، وخسائر القطاع السمكي قد وصلت إلى 10 مليارات دولار، وهذه الأرقام كبيرة، أما القطاع الخاص فقد قصف العدوان كُـلّ ما يتعلق بالمصانع، مما يستدعي بعد الأعوام السبعة أن تقوم الدولة بالمطالبة بالتعويض، على الرغم من تبليغ الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، لكن نحن أَيْـضاً مطالبون بالبحث عن التعويضات خَاصَّة فيما يتعلق بالصيادين، وقد قمنا بتشكيل لجنة مشتركة مع الخارجية ومع حقوق الإنسان ومع الاستخبارات ومع القوى المتعلقة كوزارة الدفاع، وَكُـلّ هؤلاء اتفقنا معهم وشكّلنا لجنةً مشتركةً؛ مِن أجلِ متابعة أوضاع الصيادين وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم. وإلى اليوم، لا يزال هناك 245 صياداً مفقودين في سجون السعوديّة والإمارات وأرتيريا، وهناك مَن يتم تعذيبُه تعذيباً شديداً في جزيرة فاطمة التي تشرف عليها الإمارات، ويُحَمِّلونهم أعمالاً شاقة في هذه الجزيرة. ويمكن القول إننا نسعى بكل جهدنا في هذه اللجنة أن نطلق ما استطعنا أن نطلقه، وفي الوقت نفسه نقوم بتعويض بعض الأسر بما يمكن أن نساعدهم، إما بتعويض قوارب، أَو بتعويض محركات، أَو بما يتعلق بالجوانب الإنسانية من سلال غذائية، وما إلى ذلك. هذا مجمل ما ارتكبه العدوان في القطاع السمكي، حتى المؤسّسات لم تسلم من عدوانهم، مثل مركز البحوث في الحديدة، وهو اليوم مبنى مفرغ، وقد استُهدف أكثر من مرة، وبالتالي نحن اليوم أمام مسألة مهمة، وهي كيف إعادة البنى التحتية بشكل كامل، ونحن لا نستطيع أن نغامر، أَو نعمل شيئاً في ظل العدوان، وَإلى أن ينتهي العدوان يمكن أن نعمل على إعادة البنى التحتية بشكل تدريجي.
– عمد الاحتلال الإماراتي وخلال السنوات الماضية على النهب المنظم للثروة السمكية.. ما الجديد في هذا الجانب؟
الأنباء التي تصلنا من الصيادين، ومن النقابات، واتّحاد الثروة السمكية تشير إلى أن هناك الكثير من النهب المنظم وَالممنهج للثروة بشكل عام، ولكن العدوّ يركز على الأحياء المائية التي تكلفتها مرتفعة مثل الحَــبَّار والجمبري وغيرها، إضافة إلى قيامهم بجرف الشُّعَب المرجانية، فيقومون بجرفها بشكل غير قانوني وغير منظم، ويقومون أَيْـضاً بنهب الكثير من هذه الأنواع بسفن كبيرة وإرسالها إلى الإمارات، فليس فقط النهب الذي يتم فحسب، بل ينهبون ويحتلون الموانئ اليمنية، ويتصرفون بها ويمنعون اليمنيين من الاصطياد ومن ممارسة أعمالهم، فيمنعونهم من الاصطياد في المواسم التي يكون فيها الاصطياد كَثيراً، كما أن الاصطياد يكون عشوائياً، فيعملون بالتفجير ويعملون بالأشعة ويعملون بالجرف ويعملون بكل الوسائل المخالفة للقانون، إضافة إلى أن الأُمهات الصغيرة التي تقوم بالإنتاج والتوليد كلها تُجرَفُ ويأخذون الأسماك التي يريدونها والمتبقي يرمونه وسط البحر، وكل هذا يؤثر سلباً على ثروتنا وطاقة إنتاجنا والتي كانت تصل إلى مِئة ألف طن سنوياً، لكن اليوم يصل الإنتاج إلى ما يقارب 30 %، وهذا بسَببِ تأثير هؤلاء على الثروة السمكية.
– مؤخّراً كان هناك تسرب لسفن متهالكة لمرتزِقة العدوان بالقرب من ميناء عدن.. ما الأضرار الذي أحدثها هذا التسرب؟لدينا أنواعٌ من التسرب، ونحن سنتكلم عن التسرُّب الأخير في عدن، ولكن هناك مخاطرَ كبيرة جِـدًّا؛ لأَنَّ لدينا ثلاثةَ أَو أربعةَ أنواع من المصادر التي تهدّد البيئة البحرية بشكل كامل، أولاً السفن الموجودة في عرض البحر الأحمر والتي تأتي لحماية مصالح كثير من الدول وتفرغ كُـلّ محتوياتها ويكون هذا التفرغ ملوِّثاً يسبب نفادَ أسماك كثيرة جِـدًّا، وفي التسرب هذا يقومون بتفريغ المواد الكيميائية والزيت والغاز… إلخ.. وهذا أحد المصادر التي تهدّد البيئة. ثانياً: سفينة صافر هذه أَيْـضاً لو انفجرت، فستهدّد البيئة البحرية بشكل كامل، وَأَيْـضاً السفن المتهالكة الموجودة في عدن، وربما في المكلا، وَأعدادُها كبيرة، وقد وصلت إلى مرحلة التهالك، والإمارات التي تسيطر على الموانئ والسواحل لا تقوم بصيانتها، أَو أي دور يُذكر، إضافة إلى تلك السفينة المتهالكة الخَاصَّة بالعِيسي، والتي غرقت في عدن تسببت في تسريب الكثير من الزيوت التي كانت عليها والآثار المترتبة عليها هي خطيرة جِـدًّا، وهذا الآثار المترتبة ليست مؤثرة على اليمن فقط، وإنما على ساحل البحر الأحمر، وبالنسبة لصافر فَـإنَّها إذَا أغرقت، وأنا أقول أغرقت؛ لأَنَّها لن تغرق إلَّا بسَببِ فاعل، حَيثُ إني أعتقد أن هذه الدول تسعى لإغراقها، وستصل تبعاتها وتأثيرها، ليس فقط على باب المندب، أَو السواحل، وإنما على كُـلّ الدول المطلة على البحر الأحمر، والتي تصل إلى خارج باب المندب، ولها تأثيرات كبيرة جِـدًّا، أولاً نفاد الكثير من الأسماك ونحن قد وجدناها في أبين وفي عدن كُـلّ فترة وفترة تنفد هذه الأسماك ووجدنا موتَ الكثير من الأحياء البحرية. وهناك مسألة أخطر من هذه، فكل السواحل تتأثر بهذا التسرب من الزيوت، فلن تكون السواحل قابلة للسياحة، والأسماك التي تعرضت للزيت لا يمكن للمواطن أن يأكلها؛ لأَنَّ في هذه الأسماك مادة سرطانية. إذاً الآثار ليست بسيطة، وإنما كارثية كبيرة، ونحن نحاول بقدر الإمْكَان أن نحافظ على الثروة السمكية الموجودة في البحر الأحمر؛ لأَنَّها تعزز الدخل القومي بشكل كبير جِـدًّا، وهذا الاستخدام غير الأمثل يعمل مشكلةً في المياه ويقتل البيئة التي تتغذّى منها الأسماك، ولهذا يمكن القول بأن الانخفاض الحاصل في البحر هو بسَببِ النهب وسبب تسرب الزيوت إلى البحار.
– كان لكم لقاءٌ مؤخّراً مع السفير الإيراني بصنعاء لتعزيز التعاون بين البلدين في المجال السمكي.. ما أبرز ما دار بينكما خلال هذا اللقاء؟
التجربةُ الإيرانيةُ في مجال الثروة السمكية كبيرةٌ جِـدًّا، سواء بالاصطياد، أَو التسويق، أَو التصدير، ولديهم صناعاتٌ سمكية غذائية متكاملة، ونحن طرحنا على الأخ السفير نقاطاً محدّدةً متعلقةً بكيف يمكن مساعدتنا في البِناء التحتي للقطاع السمكي بشكل كامل، ووجدنا تجاوباً كَبيراً بهذا الجانب، ولكن العدوان لا يزال يمنعُ الإخوةَ في إيران عن تقديم ذلك، واتفقنا على إنشاء بعض المصانع المتعلقة بالثروة السمكية المحلية، كما اتفقنا على التعاوُنِ في مسألة التسويق والتصدير للخارج، واتفقنا على القيامِ بتدريب القطاعات السمكية في اليمن، وإنشاء بعض المعاهد المتخصصة في الثروة السمكية، وهم أبدوا استعدادَهم في هذه المسألة، لكن كلها مرتبطة بتوقف العدوان، ونحن نأمل توقف العدوان، وأن تعود اليمن لحضارتها، وتتمكّن الجمهورية الإيرانية من تقديم دعمها، كما عهدناها من قبلُ.
– ما أبرزُ التحديات والصعوبات التي تواجهكم بعد مرور 7 سنوات من العدوان؟ وما خططكم للنهوض بالقطاع السمكي؟
التحدياتُ كبيرةٌ، فسواحلُ اليمن طولُها 2500 كم، وهذه المساحة تجوب فيها سفن العالم، وأكبرُ تَــحَــدٍّ هو وجودُ هذه السفن، إضافة إلى أن هناك صراعاً دوليًّا على ممرات دولية، منها بابُ المندب، وهذا الصراع لا ينهب البحر فقط، وإنما سينال تأثيره الشجر والبحار، وكل شيء، وبالتالي لا بُـدَّ للممر هذا أن يكون آمناً، وتنزع هذه الصراعات؛ لأَنَّه من وجه نظرنا كسياسة أن هناك إعادةَ تموضع لدول العالم وكل دولة تحاول تموضعها في هذا البحر؛ لكون باب المندب من أهم الممرات، بالإضافة أن لدينا أكثر من 150 جزيرةً، وهذه الجزر يشتد التنافُسُ لإقامة القواعد العسكرية عليها، لذلك فَـإنَّ أكبر تَــحَــدٍّ هو أن نتمكّنَ من إيقاف هذه السفن وهذا العدوان، والطرق والسبل كثيرة، يمكن معالجة هذا الوضع باتّفاقيات وهناك اتّفاقيات كثيرة لتنظيم هذه المسألة، ولكن الدولة ستكونُ أمام تحديات كبيرة؛ لأَنَّه لا بُـدَّ لها أن تدخُلَ في تفاوضات مع هذه الدول حتى يكونَ البحر الأحمر آمناً. أما فيما يتعلق بالخطط المستقبلية لتطوير القطاع السمكي، فنحن نعمل وفق خطة الرؤية الوطنية وهي محدّدة بسنوات من 21 إلى 30، ولكن أولوياتها وفق الظروف المتاحة، وَمشكلتنا هي في التموين، ففي ظل الوضع الحالي نحن مخطِّطون على أَسَاس إعادة البنى التحتية الأَسَاسية الضرورية التي لا بُـدَّ منها، لا نقول إعادة البنى كلها، وإنما ما هو ضروري لصالح الصياد، وبالتالي نتجه لتوفير الخدمات الأَسَاسية الضرورية المتعلقة بتوفير البترول في مراكز الإنزال، وتوفير مصانع للثلج، وخدمات أُخرى ضرورية، كما نحاولُ أن نقدمَ محركات وقوارب للصيادين المتضررين. الجانب الثاني، نحن نركز على كيف نغطي الفجوةَ الغذائية في اليمن، واليوم الاستهلاك للدجاج موجود في كُـلّ منطقة، وله تبعاتٌ ولكن نحن نحاول تغطية هذه الفجوة الغذائية بعملية الاستزراع، والاستزراع عندنا أربعة أنواع، فهناك استزراع في البحر، وهناك استزراع على السدود، وهناك استزراع أَيْـضاً في مزارعَ لتربية الأسماك، ولدينا ثلاث أَو أربع وخمس مزارع في عدن والحديدة، ولدينا أَيْـضاً الاستزراع على السطوح، وهذا مِن أجلِ توفير المادة الغذائية للمواطنين. والواقع أننا عملنا تجربةً في سد مَقْوَلَة، وسد سَيَّان وسيد كمران وسدود في ذمار وفي إب، وعملنا هذه التجربة، وأنزلنا فريقاً قبل العيد وتمكّنا من خلال الاستزراع في السدود أن نوفر مواداً غذائية، واليوم السمك صار بحجم كبير مما زرعنا، وهذا مما شجّعنا على القيام بالمرحلة الثانية من الاستزراع في المحافظات الشمالية بشكل كامل، ثم ننتقل إلى المحافظات الجنوبية، وهذا الاستزراع في السدود الهدفُ الأَسَاسي منه هو تربيةُ الأسماك وسد فجوة غذائية من المواطنين من الأسماك لتكون متواجدةً في أي وقت. كما أن لدينا مشاريعَ متعلقةً بالتدريب، ونحن نبحث على الأمور التي تكلفتها زهيدة؛ لأَنَّ الممولين اليوم غير موجودين وظروف البلد صعبة، وهناك عمل تدريبي، سنقوم بتدريب نساء صيادات في الحديدة على الصناعات الصغيرة مثل الشباك والهدايا وغيرها، ونسعى إلى تدريب المرأة وتأهيلها؛ لكي تستطيع أن توفر سُبُلَ العيش، وفي الوقت نفسه لتستطيع أن تبيع للسياح ما أمكن من هذه الصناعات وهي موجودة في الكثير من البلدان. كما أن عندنا من الأمور الاستراتيجية، هو بناء الأسواق في محافظات الجمهورية بشكل كامل، بحيث تكون أسواقاً نموذجية وفقاً للمعايير الدولية، وقد بدأناها في إب وفي تعز، وربما خلال الأسابيع القادمة سنفتتح سوقاً في صنعاءَ كبيراً مُهَيئاً لأن يكون نموذجياً لكل الأسواق، وقد تخاطبنا مع كُـلّ المحافظات؛ مِن أجلِ توفير الأرضية المناسبة لفتح هذه الأسواق، فهدفُنا الاستراتيجي من هذه الأسواق أن نوصلَ الموادَّ الغذائية من الأسماك إلى كُـلّ المحافظات في الجمهورية، بحيث لا تقتصرُ التغذيةُ فقط على الدواجن أَو اللحوم.