من كربٍ وبلاء.. إلى كرٍّ ووَلاء
احترام المُشرّف
من كربلاء الحسين بدأت أول صرخة ضد الظلم وضد الجور، وَضد كُـلّ متكبر قد أخذته العزة بالإثم، وكانت كربلاء ودخل الكرب والبلاء، على أعظم وأطهر بيت طلعت عليه الشمس على بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الوحى.
كانت كربلاء وحل الكرب والبلاء، على آل بيت محمد من صلى عليه الله وأمر كُـلّ مؤمن بالصلاة والسلام عليه، (إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) من سورة الأحزاب- آية (56)
نزل الكرب والبلاء بعترة محمد المحمود بسبط المصطفى، ورابع أهل الكساء، بمن أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) من سورة الأحزاب- آية (33)
وكان حقاً ولزاماً أن يدخل الحزن على ماحل بآل البيت عليهم السلام كُـلّ قلب تشرب نور الإيمان، وحب محمد وأهل بيته المطهرين الأخيار نجوم الأرض، (وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُون) من سورة النحل- آية (16)
وكان حقا ولزاما أن ينقلب الكرب، إلى كر وجهاد وإلى وقوف في وجه كُـلّ المستكبرين الظالمين، وكان حقا ولزاما أن يتحول البلاء الذي حَـلّ بالعترة الطاهرة إلى ولاء لهم، ولمن والاهم ونهج نهجهم إلى ولاء ترخص أمامه الأرواح، وتبذل دونه المُهَجُ إلى ولاء لا ينتهى، لمن بذلوا أرواحهم في سبيل هذه الأُمَّــة إلى ولاء لا يزول ولا يحول للحسين ابن بنت الرسول.
الحسين أول من رفع راية المظلومين، وصرخ في وجه الظالمين، وقال هيهات منا الذلة، الحسين الذي جاد بروحه الشريفة ليؤسس لنا مبدأ ويعلمنا منهجاً أَسَاسه ومحتواه ألا نخضع ولا نركع إلا لله، ولولا الحسين لما عرفنا مَـا هِي الحرية وكيف تكون الكرامة، ولولا الحسين وما قام به في كربلاء لما كنا اليوم في هذا العز والإباء وهذا الشموخ والكبرياء، إذ إن كُـلّ ما نرى من حركات المقاومة في العالم أجمع، وكل ما يثمر عنها من انتصارات وتحرير للأوطان ما هو إلا من ثمار ما زرعه الحسين في كربلاء، وما نرى من أبطال يسطرون الملاحم ضد المعتدين، ما هم إلا تلاميذ للحسين.
حيث تلقوا تعليمهم في مدرسة كربلاء الاستشهادية، وكان الحسين معلمهم ومرشدهم، الإمام الحسين بن علي عليه وعلى أبيه السلام، هو من له الفضل لكل ما يحصده المجاهدون من انتصار ودحر للعدوان، وكان حقاً ولزاماً أن نحيي كربلاء وأن نقيم مراسيم العزاء.
كانت كرب وبلاء وصارت حبا وولاء، وهذه هي كربلاء لمن يجهل ما تعني كربلاء، وهذا هو الحسين لمن طمس على قلبه ولم يعرف من هو الحسين، السلام عليك يا أبا عبدالله الحسين وعلى الأرواح التي حلت بفنائك، السلام عليك ما تعاقب الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد منا.