تحقيق للمسيرة يكشف نهب الإخوان لـ4.375 برميلاً من مادة C5 يوميًّا ومصادرة 267 ملياراً في آخر عامين : نهب نفط اليمنيين وتجويعهم بالأرقام.. أكبر مصادرة حقوق في التاريخ
المسيرة: نوح جلاس
يواصل تحالُفُ العدوان الأمريكي السعوديُّ نهبَ الثروات النفطية المملوكة لليمنيين، في الوقت الذي يعمل على حصار الشعب اليمني وخنقه، ويحرمه من الحصول على المشتقات النفطية، علاوة على نهبه للمرتبات وعكوفه على طباعة الأوراق النقدية غير القانونية، وفي جديد أعمال النهب العدوانية التجويعية أفادت مصادر خَاصَّة للمسيرة بوصول ناقلة نفط عملاقة خلال الأيّام القادمة إلى حضرموت لنهب ما يزيد عن مليونَي برميل من النفط الخام.
المصادر أكّـدت أن الناقلة العملاقة التي ستقدم إلى حضرموت لنهب نفط اليمنيين، ستسرق نحو مليوني ونصف المليون برميل من النفط الخام عبر ميناء الضبة في الشحر بحضرموت.
ونوّهت المصادر إلى أن تكلفة الكميات التي ستنهبها الناقلة العملاقة خلال الأيّام القادمة تصل إلى 165 مليون دولار، أي ما يعادل 99 مليار ريال يمني، وهو ما يكفي لصرف راتب ونصف لجميع موظفي الدولة.
ويأتي الإعلان عن نهب هذه الكمية بعد أقل من عشرة أَيَّـام على وصول ناقلة كورية عملاقة إلى شبوة نهبت 106 آلاف طن من النفط الخام قيمته 69 مليار ريال، فيما سبقتها بأيام قليلة ناقلة عملاقة قدمت من ميناء الفجيرة الإماراتي لنهب أكثر من مليون برميل، وهو ما يؤكّـد ضلوع العدوان بشكل مباشر في نهب ثروات اليمنيين، في حين تتمنن على مرتزِقتها وعلى المواطنين في المحافظات المحتلّة بالفتات من “المساعدات السياسية” الاستعمارية.
وتتواصل أعمال النهب بشكل مُستمرّ، غير أن الناقلات المعلن عنها تنتشر أخبارها عند تشاجر فصائل المرتزِقة وأقطاب العدوان على تقاسم الكعكة، حَيثُ أفادت مصادر خَاصَّة في السادس والعشرين من إبريل المنصرم بقيام ناقلة عملاقة على نهب مليونَي برميل من النفط الخام بقيمة نحو 130 مليون دولار، بعد أقل من أسبوعين على قيام ناقلتين على نهب 3 ملايين و250 ألف برميل نفط خام بقيمة 241 مليون دولار، من مينائي الضبة بحضرموت وبير علي بشبوة في الحادي عشر والثاني عشر من ذات الشهر، وهو مبلغ يعادل 144 مليار ريال، أي ما يكفي لصرف راتبين ونصف راتب لجميع موظفي اليمن.
تحقيق.. نهب عائدات ما بعد النفط:
وفي ذات الصدد، حقّقت شبكة المسيرة في مِلف نهب قوى العدوان ومرتزِقتها لعائدات مادة C5، المستخرَجة من النفط، وهي مادة تدخل في صناعة العديد من المواد الكيميائية ذات الأسعار المرتفعة.
وبحسب المعلومات الخَاصَّة التي حصلت عليها المسيرة، فَـإنَّ تحالف العدوان وأدواته ينهبون عائدات مادة C5 بواقع إنتاج يومي يبلغ 4.375 برميلاً، ناتجة عن عمليات التكرير بمصفاة صافر بمأرب.
وفي الإطار، أفاد مجاهد الصوفي -مدير مكتب المدير العام التنفيذي للشركة اليمنية لتكرير النفط- بأن إجمالي الإيرادات المنهوبة من عائدات مادة C5 تزيد عن 267 مليار ريال خلال عامين ونصف عام.
وأوضح مجاهد الصوفي أن مادة C5 إحدى الغازات الناتجة عن عمليات التكرير بمصفاة مأرب برقم أُكتيني هابط ويجري خلطُها ببنزين عالي الجودة وتباع محلياً كبنزين.
وبيّن أن كمية الإنتاج من مادة C5 خلال عامين ونصف عام تبلغ 3 ملايين و937 ألفاً و500 برميل بعائدات تزيد عن 200 وَ67 مليار ريال.
من جهته، قال محمد الصديعي -مدير الدائرة المالية والإدارية بالشركة اليمنية لتكرير النفط- للمسيرة: إن إيرادات مادة C5 ليست إلا نسبة بسيطة من إجمالي الإيرادات الوطنية التي تنهب يوميًّا.
وَأَضَـافَ الصديعي: “الفاسدون والخونة ينهبون الإيرادات الوطنية المختلفة لحساباتهم الحزبية والشخصية وبما يصب في مصلحة قوى العدوان ويخدم مشاريعها التآمرية”.
إلى ذلك، أكّـد ناصر أحمد العجي، وكيل وزارة النفط والمعادن، أن الإيرادات الوطنية تتعرض لعمليات نهب مُنظمة في مختلف القطاعات الحيوية وعلى رأسها القطاع النفطي.
وأشَارَ العجي في حديثه للمسيرة إلى أن “الخونة يصرون على نهب إيرادات الدولة المختلفة دون اكتراث للصالح العام ومعاناة المواطنين في مختلف المحافظات”.
وقال العجي: إن هذه الإيرادات التي تنهب يوميًّا من ثروة أبناء الشعب اليمني، تغذي أرصدة الخونة وكياناتهم الحزبية العميلة.
ويستمر النهب.. شفط باقي الدم بعد الذبح:
وكانت مصادر سياسية وميدانية مطلعة أبلغت صحيفة المسيرة بأن العديد من قيادات حزب الإصلاح الذين يشكلون “مافيا” النفط والغاز في محافظة مأرب، ومعظمهم تابعون للفارّ “علي محسن الأحمر”، بدأوا بسرقة “الاحتياطي النفطي” الموجود داخل المحافظة، وتهريبه إلى خارجها لبيعه ونهب ثمنه لصالحهم.
وأوضحت المصادر أن كمياتٍ كبيرةً من الاحتياطي تم نقلها مؤخّراً، مشيرة إلى أن هذا يأتي بالتزامن مع قيام العديد من “هوامير” المرتزِقة هناك بنقل أموالهم وثرواتهم إلى خارج المحافظة، مع اقتراب أبطال الجيش واللجان الشعبيّة من المدينة وتوغلهم في عدة مديريات أُخرى، الأمر الذي بات يشكل تهديداً متصاعداً للمرتزِقة الذين كانوا قد اتخذوا من المحافظة مقراً لصنع وتنمية ثرواتهم الشخصية من خلال نهب موارد النفط والغاز الهائلة التي تنتجها مأرب، والتي لا يتم توريدها إلى أية حسابات رسمية ولا يستفيد منها المواطنين.
ويأتي هذا كإجراء استباقي من قبل قيادات حزب الإصلاح؛ تحسباً لخسارة المعركة في المحافظة والفرار منها، حَيثُ يخشى الحزب من خسارة الأموال المتدفقة إلى خزائن قياداته من موارد النفط والغاز، ويسعى لنهب أكبر ما يمكن نهبه قبل المغادرة، خَاصَّةً وقد فشل في جميع محاولاته للاستعانة بتحالف العدوان والأمم المتحدة والمجتمع الدولي؛ مِن أجلِ توفير ضغط يوقف تقدم قوات الجيش واللجان هناك.
وتأتي جريمة نهب الاحتياطي النفطي في مأرب في إطار عملية نهب مُستمرّة للموارد، هي الأكبر في تاريخ البلاد، حَيثُ تقومُ حكومةُ المرتزِقة منذ بدء العدوان بتحويل هذه الموارد إلى مكاسبَ وثروات شخصية تتقاسمها قيادات الخونة، بدون أن يكلفوا أنفسَهم حتى عناءَ تمريرها، شكليًّا، عبر حسابات رسمية.
وقد تعامل حزب الإصلاح مع محافظة مأرب بالذات، طيلة هذه السنوات، كمملكة شخصية تابعة له، ولا ينازعه أحد في ثرواتها، حتى إنه امتنع -وباعتراف من حكومة الفارّ هادي نفسها- عن ربط المحافظة بالبنك المركزي في عدن، وامتنع عن توريد أية أموال إليه، بما في ذلك طبعاً إيرادات النفط والغاز.
وفي منتصف العام الماضي، كشف الناشط اليمني المقيم في الولايات المتحدة، “جلال الصلاحي” عن جانب من تفاصيل الفساد الذي تمارسه قيادات حزب الإصلاح في ما يخص موارد النفط والغاز في مأرب، حَيثُ أوضح أن شركة نفطية تابعة للمرتزِق الفارّ “علي محسن الأحمر” قامت بتهريب 25 ألف برميل مؤخّراً، من صافر إلى منقطة شرق عياذ خارج المحافظة، وأوضح أنه وبتوجيهات من “علي محسن” تم إنشاءُ عدة خزانات أرضية عملاقة، بالقرب من آبار النفط في مأرب، حَيثُ تقوم قاطرات بنقل النفط إليها بشكل متواصل، ليتم بيعه بشكل غير رسمي.
وأكّـد الصلاحي أن عائدات شركة صافر تودع في حسابات خارج البنك المركزي، ويتم تقاسمها بين قيادات حزب الإصلاح، حَيثُ كشف عن مبالغ وزعت عبر حسابات في البنك العربي وبنك التضامن، منها (7 ملايين و600 ألف دولار) للمرتزِق “سلطان العرادة” محافظ مأرب المعيَّن من العدوان، وَ(6 ملايين دولار) للمرتزِق محسن بن وهيط، وَ(750 ألف دولار) للمرتزِق خالد يسلم، وَ(350 ألف دولار) للمرتزِق المقدشي، وَ(400 ألف دولار) للمرتزِق عبد الله العليمي، مدير مكتب الفارّ هادي، والذي يرد اسمه دائماً في تقارير تجارة المشتقات النفطية التي يحتكرها التاجر المرتزِق أحمد العِيسي.
نهب وحرمان:
وتأتي عمليات النهب الممنهجة واليومية في ظل تشديد تحالف العدوان لقبضة الخناق على الشعب اليمني ومصادرة مرتباته وحقوقه، فيما لم يكتف العدوّ بهذا الحد، بل يسعى باستمرار إلى طباعة العملة بدون غطاء لتوجيه المزيد من الضربات على الشعب اليمني.
وفي هذا السياق، يقول حسين عامر -المدير العام التنفيذي لصندوق دعم المعلم والتعليم- إنه “بمقدور نسبة معينة من إيرادات القطاع النفطي تغطية القوى العاملة في القطاع التربوي”.
وَأَضَـافَ “يحتاج تغطية مرتبات المعلمين والمعلمات إلى عشرين مليار ريال شهرياً بمعزل عن بقية الكوادر العاملة في التربية والتعليم ووفقاً لكشوفات العام 2014م”.
واختتم حديثه بالقول: من المؤسف جِـدًّا تجاهل وضع هذه الشريحة المهمة في الوقت الذي كان بالإمْكَان تغطية مستحقاتهم من عائدات مادة C5 المنتجة بمصفاة مأرب ناهيك عن الإيرادات الأُخرى.
بالأرقام.. إحصائيات نهب ثروات اليمنيين:
يشار إلى أن وزير النفط والمعادن، أحمد عبدالله دارس، أكّـد في مقابلة سابقة أن الخسائر المباشرة وغير المباشرة التي تعرض لها قطاع النفط والغاز والمعادن، نتيجة العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ تجاوزت 45 ملياراً و483 مليون دولار.
وأوضح وزير النفط أن سيطرة تحالف العدوان على قطاع النفط حرم الدولة من 75 بالمِئة من الموارد التي كانت ترفد الخزينة العامة بالعُملات الصعبة.
وذكر أن إنتاجَ اليمن من النفط الخام في العام 2018م تجاوز الـ 18 مليون برميل، وبما قيمته مليار دولار، مبينًا أن إجمالي سرقات التحالف للنفط الخام اليمني بلغت في العام 2019م 29 مليوناً و692 ألف برميل بإجمالي مليارين و300 مليون دولار.
وفي العام 2020م، بلغت سرقاتُ التحالف من النفط الخام اليمني 31 مليوناً و620 ألف برميل بإجمالي مليارين و24 مليون دولار.
وأفَاد الوزير دارس بأن إجمالي قيمة النفط اليمني الخام المسروق من قبل تحالف العدوان خلال الأعوام 2018م ـ 2020م وصل إلى خمسة مليارات و620 ألف دولار، وهي مبالغُ ضخمةٌ كانت كافيةً لتغطية مرتبات موظفي الدولة، حَيثُ تم توريد تلك المبالغ إلى البنك الأهلي في السعوديّة وتحت تصرفات تحالف العدوان الذي يستخدمها في حصار الشعب اليمني.
وأكّـد أن نهبَ ثروات اليمن من النفط والغاز من قبل دول تحالف العدوان لا يزال قائماً حتى اللحظة، وأن العدوان يمارس الابتزاز السياسي عبر احتجاز سفن المشتقات النفطية والذي يضاعفُ معاناة المواطنين؛ بسَببِ استمرار العدوان والحصار.