أمريكا من السقوط إلى الهزيمة النهائية
د. مهيوب الحسام
هذه هي أمريكا منذ النشأة، وهذا هو النظامُ الأمريكي الذي عاش بلا قِيَمٍ ولا أخلاق ولا إنسانية ولا وفاء بعهد ولا ميثاق، وهذه هي القيم الأمريكية والغربية.
إنها الحقيقةُ الأمريكيةُ التي تجلّت بكل وضوح في كابول دون مساحيق تجميل ولا أقنعة، تتنكر لعملائها وتتعامل معهم بكل حقارة وانحطاط، تتخلص من بعضهم بالقتل وترمي البعض من طائراتها، وتدهسهم بعجلاتها دون رحمة ولا إنسانية ولا وازع من ضمير.
إن مشاهدَ تخلي أمريكا عن عملائها ومرتزِقتها ورميهم من طائراتها في كابل ليس غريباً، فقد حدث نفس الفعل سابقًا لعملائها في فيتنام، في وقت لم تكُ وسائل الإعلام متطورةً ومنتشرةً كما هي عليه الآن، وتكرّرت في بلدان ودول أُخرى شنت عليها أمريكا حروباً واعتداءات، حَيثُ خاضت أكثرَ من 90 حرباً عدوانية ضد كثيرٍ من الدول والشعوب الأُخرى في تاريخها.
لم يكن لأمريكا أخلاقٌ ولا قيمٌ منذ النشأة؛ كي نتحدث عن سقوطها الأخلاقي والقيمي، فقد قامت على جثث الملايين من مواطني أمريكا الأصليين “الهنود الحمر” بإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية غير مسبوقة في التاريخ، وما يحصل الآن ليس سوى انكشاف لخدعة القوة والقيم الأمريكية عبّر عنها هذا السقوط العسكري المريع في أفغانستان بعد 21 سنة من الاحتلال وإنفاق أكثر من تريليونَي دولار، انكشافٌ وسقوطٌ عجرت امبراطورياتها الإعلامية عن تفاديه.
لقد سقطت أمريكا سقوطاً لا يمكن تلافيه، وكسراً لا يمكن جبره، وفضيحة لا يمكن مواراتها، وانهياراً لا يمكن إيقافُه، وانكشافاً لا يمكن سترُه، وبداية هزيمة لا يمكن الحد منها، سقوط له ما بعده.
ولن يتوقفَ تأثيراتُه عند حدود أمريكا، بل سينسحب على أدواتها الأُورُوبية والعربية والأعرابية وغيرها في العالم، لم يأتِ هذا السقوط الأمريكي من فراغٍ، ولم يأتِ ليتوقف حالها عنده، وإنما جاء بعدَ ما أنجزت كُـلّ موجبات هزيمتها النهائية الناجزة بما ارتكبته من جرائمَ فظيعة بحق الشعوب المستضعفة في العالم.
ولولا صمودُ محور المقاومة بوجه أمريكا لَمَا انكشفت عورتُها هذا الانكشافَ المخزيَ ولَمَا انكسر ذراعُها في أفغانستان وقبلها في العراق بعدما تم لها الغزوُ والاحتلالُ في أَيَّـام وأشهر، ولقد كان ولا يزال الشعب اليمني العظيم بقيادة أنصار الله يمثل مدرسةً للشعوب الحرة في العالم، وسيكون بعون الله وفضله لصمود وثبات وانتصارات هذا الشعب ومعه محور المقاومة بترُ بقية أذرعها في المنطقة وفضلُ تشييعِها ودفنها ومواراتها الثرى في اليمن.
يبدو أن أمريكا لم تقبَلْ بالهزيمة؛ لذا بات لزاماً عليها القيامُ بحرب ثأرية تحاولُ من خلالها أن تثأرَ لكرامةٍ سُفحت وكبرياء امبراطورية هُدرت..
فهل تغامِرُ بالقضاء على ما تبقى بحربٍ مع دولة كالصين وإيران؟ أم تتخيَّرُ لحربها دولةً ضعيفةً، حسب اعتقادها? وهل تتمكّن من ذلك بعد هذا الانكشاف وفَقْدِ الهيبة، والحد الأدنى من الاحترام?
هذه المرة لا نووي سينقذُها كما في اليابان ولا قواعد محصنة تنقل إليها قواتها كـ “قاعدة العند” اليمنية ستحميها من هزيمتها النهائية الناجزة المحقّقة بعون الله في اليمن.