(جنيف2) على طريق الفشل، و”القواهر” تستعد للحوار ( تحليل )
صدى المسيرة/ حسين الجنيد
كل التفاؤلات التي نسجتها أمنيات الشعب اليمني بشأن مؤتمر (جنيف2)، بددتها غارات تحالف العدوان على اليمن، ولم يكد يمضي على إعلان وقف إطلاق النار سوى ساعات، وكأنّ هذا المؤتمر لم يكن سوى محض خديعةٍ خطط لها دول العدوان، وتواطأت فيها المؤسسة الدولية ومبعوثها الدمية ولد الشيخ. في الوقت الذي يحاول فيه وفدي أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام إنقاذ هذا المؤتمر من الغرق، والخروج باتفاقٍ سياسيٍ، يضمن إنهاء العدوان ويدعم العملية السياسية، مؤكدين بأنهم يمتلكون القدرة على قلب الطاولة في حال استمر أعداء اليمن بالرهان على الميدان.
حسين الجنيد
على الرغم من استمرار مفاوضات (جنيف2)، إلا أن قوى العدوان ومرتزقتهم ماضون في تصعيدهم العسكري على كافة الجبهات والمحاور، ضاربين بقرار وقف إطلاق النار عرض الحائط، مما لا يدع مجالاً للشك بأن هذا التصعيد لم يكن مجرد خروقات، بل هجوم شامل ومتعمد على كافة الجبهات لتحقيق انتصاراتٍ خاطفةٍ في الميدان، وذلك باستغلال توقف تقدم الجيش اليمني واللجان الشعبية والتزامهم بقرار وقف إطلاق النار، حيث أكد الأستاذ صالح الصماد رئيس المجلس السياسي لأنصار الله في منشورٍ له بصفحته على موقع الفيس بوك “أن العدوان يستغل هذه المحطات لتنفيذ مخططاته لتحقيق مكاسب ميدانية عجز عن تحقيقها إلا تحت عناوين كهذه كما فعل في عدن وغيرها”، وأضاف “بأن المواجهات لا زالت مستمرة حتى اللحظة، وهذا يدل على تخطيط مسبق وبتواطؤٍ واضحٍ من بعض القوى والمنظمات الدولية”، في إشارةٍ منه إلى الدور السلبي الذي يلعبه مبعوث الأمم المتحدة “إسماعيل ولد الشيخ”، وصمته إزاء ذلك التصعيد الذي تقوم به قوى العدوان.
“سقوط الرهان على مؤتمر (جنيف2)”
في حين تؤكد العديد من المصادر بأن مرور اليوم الخامس على انعقاد مؤتمر (جنيف2)، مع استمرارية المواجهات في الميدان، دليلٌ على أن الرياض ليس لها أي نيةٍ في إيقاف الحرب. وبعد لقائه بالمبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ قبل ظهر أمس عوضاً عن حضور الجلسة العامة، استأنف وفد “أنصار الله” و”المؤتمر الشعبي العام” المشاركة في جلسات التفاوض بعد ظهر أمس، حيث أعلن رئيس وفد “أنصار الله”، الأستاذ محمد عبد السلام، الاستمرار في جلسات التشاور، وذلك بعد تقديم الوفد للأمم المتحدة ورقة احتجاجٍ بسبب الخروقات التي تحولت إلى الهجوم العسكري. وبعد اجتماعاتٍ مكثفةٍ مع المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ تناولت مطلب “أنصار الله” و”المؤتمر الشعبي العام” بوقف الحرب وليس ترحيل الأمر، والتي على ما يبدو أنها وصلت لبابٍ مسدود، سجل عبد السلام اعتراض وفد صنعاء على بيان الأمم المتحدة الخاص بالجانب الإنساني، والذي تضمن بند إيصال قوافل المساعدات الإنسانية إلى تعز، حيث جاء البيان الصادر عن ولد الشيخ منذ يومين، مخالفاً لما تم التوافق عليه بشأن رفعٍ شاملٍ للحصار وإيصال المساعدات الإنسانية إلى كل المناطق المتضررة وليس تعز فقط. ويشير هذا الاعتراض بأن وفد الرياض يريد تأطير الجانب الإنساني بمحدداتٍ مناطقيةٍ، وبأن المبعوث الأممي لبى رغبة وفد الرياض بتضمين رفع الحصار عن تعز فقط في بيانه، وهذا يعد انحيازاً مطلقاً للمبعوث الأممي وخروجاً واضحاً عن الدور الحيادي الذي ينبغي عليه أن يلعبه في هذا المؤتمر.
وفي حال عدم التوصل إلى اتفاقٍ واضحٍ يضمن الإيقاف الشامل والفعلي للحرب قال عبد السلام في أحد تصريحاته لوسائل الإعلام “لا يوجد لدينا مشكلة في استمرار الحرب، فنحن سندافع عن أنفسنا بكل كرامة”، مجدداً تأكيد “أنصار الله” على أنه في حال فشل المفاوضات فالحسم سيعود إلى الميدان، موضحاً على أن وفده سيتابع الجلسات بهدف تثبيت وقف إطلاق النار الذي لم تستطع الأمم المتحدة تقديم رؤيةٍ واضحةٍ بشأنه أو حتى إصدار بيان استنكار لخرقه من قبل قوى العدوان.
“إصرارٌ وجدّية لإيجاد الحل”
ورغم سيناريو الفشل الذي يلوح في الأفق، يؤكد بعض المحللين والمراقبين بأن قنوات الاتصال بين الأطراف المشاركة في (جنيف2) لن تغلق، سواء إذا استمرت الحرب أو توقفت. وحتى في حال فشل التوصل إلى حل، سيتم ترحيل الحوار لأجلٍ مسمى لمتابعة فصوله، مع ترجيح التوصل إلى تفاهمٍ حول بعض النقاط في الحدّ الأدنى.
حيث تفيد مصادر مطلعةٍ ومقربةٍ من وفد صنعاء، بأن الوفد لمس رغبةً في وقف الحرب لدى الأطراف الدولية أكثر من الرغبة نفسها لدى الطرف اليمني الأخر والخاضع للإرادة السعودية. كما حازت أطروحات وفد صنعاء وما يقدمونه من أفكار اهتمام الدول الراعية للمؤتمر، واعتبرها سفراءٌ لدولٍ دائمة العضوية في مجلس الأمن ذات إيجابية كبيرة، إلى جانب سفراءٍ للعديد من الدول، منها دول خليجية، ومجلس الأمن.
كما أشار الصماد في منشوره على الفيس بوك حرصهم الكبير على إنجاح هذا المؤتمر حيث قال: “نصيحتنا لهم أن يظهروا حسن نواياهم ويكفوا عدوانهم ويسهموا بدور إيجابي في دعم العملية السياسية، والشعب اليمني سيكون بمستوى المسئولية فكما كان أهلاً للدفاع عن نفسه وكرامته واستقلاله فسيكون أهلاً في السلام والعفو والصفح بما يحفظ له الحد الأدنى من كرامته وحريته واستقلاله”.
“تداعيات انهيار (جنيف2)”
أما في حال تعنت قوى العدوان وعملائهم بالمراوغة والتحايل على مجريات مباحثات هذا المؤتمر، وجعلها غطاءً لصنع أشراكٍ متمثلةٍ في هدنٍ لمباغتة الجيش اليمني واللجان الشعبية لإحراز تقدمٍ على الأرض وتحقيق انتصاراتٍ قد تغير من المعادلة العسكرية في الميدان لتوظيفها في الملف السياسي، يؤكد بعض الخبراء العسكريين بأن هذا سيدفع الجيش اليمني واللجان الشعبية لرفع وتيرة التصعيد من جهتهم، وإدخال المزيد من عناصر القوة في المعركة والتي قد ترفع المواجهات إلى مستوياتٍ جحيميةٍ لم يكن ليتصورها الأعداء، فما كان إدخال منظومة “قاهر1” إلا مثالاً بسيطاً لما يمتلكه الجيش واللجان الشعبية من عناصر قوةٍ تستطيع بها الحسم العسكري في الميدان.
وهذا ما أكدّه الأستاذ صالح الصماد في منشوره حيث قال: “وفي حال استمر العدوان بهمجيته، فإن خيارات الشعب لا تزال مطروحة وهي خياراتٌ مدروسةٌ, والخطوات القادمة ستكون خطوات كبيرة ويصعب التراجع بعدها, وما كان سيصل إليه العدوان ومرتزقته قبل الدخول فيها، سيصعب عليه الوصول إليها في حال استمر العدوان وأقدم الجيش واللجان الشعبية على تنفيذها”، في إشارةٍ منه إلى مدى قوة تلك الخيارات والتي سيكون لها تأثيراً وتداعياتٍ على المستوى الإقليمي محملاً المسئولية لما ستئول إلية الأمور، المجتمع الدولي الذي وقف عاجزاً عن إيقاف العدوان على اليمن وظل في صمتٍ يتفرج على إبادة الشعب اليمني، وبأن هذه الخيارات تعد دفاعاً عن النفس وهو حقٌ مكفول في كل الشرائع السماوية والقوانين الدولية، خصوصاً وقد تم سد باب كل الذرائع الواهية التي بررت استمرار العدوان، بالجلوس إلى كل طاولات الحوار والاعتراف بقرار مجلس الأمن (2216)، داعياً الشعب اليمني للاستمرار في جهوزيته ومضاعفة صموده وثباته حتى يقضى الله أمراً كان مفعولاً.