العودةُ الأمريكية لـ “النقطة الرابعة”..!
د. مهيوب الحسام
بعدَ ما غادرت أمريكا مقرَّ إدارة التحكُّم والسيطرة على النظام الوصائي في حي الشيراتون في صنعاءَ في العام 2015م، وخرجت من اليمن عقبَ ثورة الحرية والاستقلال 21 سبتمبر 2014م وبعد مرور سبع سنوات على رحيلها وسقوط معظم خلاياها وشبكاتها وأذرعها الإجرامية التدميرية، وبعد فشلها في العودة على ظهور دباباتها وطائراتها وهزائمها الميدانية وأدواتها التنفيذية وتحالفها في كُـلّ جبهات المواجَهة، وبعد انقطاع وشلل لمعظمِ أنشطتها التخريبية الإجرامية في المناطق الحرة.
وبعد غيابِ وانقطاع تلك الأنشطة التي مارستها في أوساط الشعب اليمني ومن الشيراتون في صنعاء غطت بها كُـلَّ المناطق اليمنية، لم تجد من بُــدٍّ سوى عودتها من النقطة التي بدأت منها ممارسةَ أنشطتها القذرة في تدمير الشعب اليمني في العام 1958م في عهد الرئيس الأمريكي، جون كيندي، وما سميت بالنقطة الرابعة في مدينة تعز، لتنطلق هذه المرة ليس من النقطة الرابعة ولكن من مساحة أوسعَ، وهي جامعة تعز.
ولمَن لا يعلم مَـا هِي النقطة الرابعة التي أسّستها أمريكا عام 1958م في تعز? فالنقطة الرابعة الأمريكية Four point ليست مقتصرةً على اليمن وإنما هي عبارة عن مشروع أمريكي أطلقه الرئيسُ الأمريكي الـ 33 هاري ترومان في 20 يناير1949م في خطاب تنصيبِه الثاني والذي أعلن فيه أربعَ نقاط لسياسته الخارجية، وكانت أبرزها وأهمها النقطة الرابعة التي في ظاهرها برنامج مساعدات تقنية أمريكية مخصَّصة للدول المتخلفة في آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية، وفي باطنها مشروع استعماري للسيطرة على تلك الدول ونهب ثرواتها.
إن هذا المشروعَ الأمريكي القديم الجديد الذي أطلقته الآن والذي افتتحته القائمةُ بأعمال السفارة الأمريكية لدى اليمن، كاتي ويستلي، في جامعة تعز، يوم الأربعاء الماضي 8 سبتمبر2021م، وتحت مسمى مشروع برنامج ماب بوينت MAP point))، والذي تعني النقطةَ الآمنة والتي تستهدف من خلاله 30 ألفَ شاب وشابة من أبناء تعز بهذا البرنامج وبكلفة 24 ألف دولا فقط، والهادف إلى تدمير القيم والأخلاق لدى المجتمعات، وبالأخص الشباب، من خلال التواصل بينهم والانفتاح والاختلاط الحلال وبشكل آمن غير مكشوف، ومن ثَــمَّ التواصُلُ مع الشباب اليمني في الداخل والخارج.
إن من أسباب إطلاق هذا البرنامج الآن وفي هدا التوقيت بالذات هو:
1)- فشل سياسة العدوان في إخضاع الشباب من أبناء المناطق المحتلّة والسيطرة على الشباب الغاضب الذي بدأ يخرُجُ في مظاهرات غاضبة ضد الشرعية ودول تحالف العدوان؛ بسَببِ الانفلات الأمني والانهيار الاقتصادي.
2)- فشل مرتزِقة العدوان في إنجاز المهام الموكلة إليهم.
3)- الاعتقاد أمريكا أن هزيمتَها في أفغانستان مَــرَدُّها عدمُ الاهتمام بالسيطرة على قلوب وعقول الشعب الأفغاني.
ومن أهداف البرنامج:
1)- مسخُ الشباب وتدميرُ المجتمع من الداخل أخلاقيًّا وقيميًّا، وربطُهم بالثقافة والقِيَمِ الأمريكية الغربية المنحلَّة والمجتمع الأمريكي.
2)- الاستقطابُ والتجنيدُ المُستمرّ.
إن العودةَ الأمريكيةَ في اليمن من السيطرة والهيمنة إلى نقطة البداية التي هي النقطة الرابعة هي عبارةٌ عن إعلان العجز والفشل وضياع وفقد معظم ما قامت به وعملت عليه خلالَ العهد الوصائي، والعودة إلى تعز لوجودِ كُتلةٍ ديموغرافيةٍ كبيرةٍ يمكنُها استثمارُها وباسم الثقافة، ومن تعز الثقافة يتمُّ نشرُها في أوساط الشعب اليمني كافةً.