العدوان الأمريكي السعوديّ استخدم الجانب الاقتصادي كأدَاة من أدوات الحرب ودمّـر عدداً من المنشآت الاقتصادية والمراكز الجمركية
حصار العدوان تسبب في عدم السماح بانسياب السلع الاستهلاكية والأدوية مباشرة إلى الموانئ اليمنية ونتيجة التأخير تتلف السلع وترتفع أسعارها
قرار رفع سعر الدولار الجمركي خاطئ واتُّخذ دون دراسة للآثار التي ستلحق بالمستهلكين في عموم محافظات اليمن
برنامج الغذاء العالمي يتعاقد على شراء مواد غذائية أَو أدوية قريبة الانتهاء ونتيجة التأخير في الموانئ والمنافذ الجمركية تصبح منتهية
الجمعية كان له دور بارز في الكشف عن الكثير من قضايا الغش والتقليد والتطفيف وهي قضايا تُلحِقُ باقتصاد وصحة المستهلك الضرر الكبير
رئيس جمعية حماية المستهلك فضل منصور لـ “المسيرة”:
المسيرة- حاوره محمد الكامل
قال رئيسُ جمعية حماية المستهلك، فضل منصور: إن العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن وحصاره الشامل أثّر كَثيراً على السلع الاستهلاكية، من حَيثُ عدم السماح لانسياب السلع الاستهلاكية والأدوية مباشرة للموانئ اليمنية وتأخير البواخر المحملة بها.
وأوضح في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة” أن المنظمات الدولية وخَاصَّة برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية تلجأ للتعاقد على شراء مواد غذائية أَو أدوية قريبة الانتهاء ونتيجة التأخير في الموانئ والمنافذ الجمركية تنتهي.
وتحدث رئيس الجمعية عن بعض العراقيل والصعوبات، ومواضيع أُخرى متعددة.
إلى نص الحوار:
– بدايةً أُستاذ فضل يتعرّض اليمنُ لعدوان وحصار غاشم للعام السابع على التوالي، ومن ضمن ذلك استهداف بعض المراكز الجمركية.. ما تعليقُكم على ذلك؟
نعم، نحن الآن في العام السابع للحرب والعدوان والحصار المتعدد الأوجه، ولا يزال مُستمرّاً، وهذا أثّر تأثيراً مباشراً على الوضع الاقتصادي للبلاد بشكل عام؛ نتيجةَ توقف الصادرات النفطية والصناعية والزراعية، وكذلك توقف عجلة الاقتصاد وتوقف الاستثمارات العربية والأجنبية في كافة المجالات، وأدى إلى تدهور قيمة العُملة الوطنية الريال أمام الدولار، والعُملات الأجنبية ووصلت إلى 300 %، وانعكس ذلك على مستوى المعيشة للسكان، وزيادة مساحة الفقر، وانتشار البطالة وتوقف صرف المرتبات للقطاعين المدني والعسكري بشقَّيه القوات المسلحة والأمن، وارتفاع الأسعار للسلع المستوردة، أَو المنتجة محلياً، وكانت مناشدةُ القطاع الخاص الوطني للأمم المتحدة بتحييد الاقتصاد وإبعاده عن الحرب، لما سيلحق ذلك من ضرر بالمواطن، خَاصَّة وأن اليمن يعتمد كليًّا على الاستيراد من الخارج، وبما يساوي 85 % لتغطية احتياجاتها من الغذاء والدواء والمواد الخام والسلع الاستهلاكية، ومع الأسف استخدم الجانب الاقتصادي كأدَاة من أدوات الحرب ودمّـرت الكثير من المنشآت الاقتصادية والطرق والجسور والمدارس، وكانت المراكز الجمركية التي استحدثت من قبل حكومة الإنقاذ الوطني ضمن أهداف الحرب والتي تم استهدافها، وأصدرت الجمعية بيان ادانه وأرسلته إلى الأمم المتحدة.
– برأيكم أُستاذ فضل.. ما الأثر الذي أحدثه العدوان والحصار الأمريكي السعوديّ على المواد الاستهلاكية في بلادنا؟
هناك آثارٌ كبيرةٌ وكثيرةٌ من الحصار، تمثلت بعدم السماح لانسياب السلع الاستهلاكية والأدوية مباشرة للموانئ اليمنية، بل أخضعت لتصاريح من دول تحالف العدوان، وهذا أَدَّى إلى تأخير الإجراءات، وانتظار البواخر المحملة بالسلع لأشهر، وتعرضها للخسائر المادية نتيجة التأخير، وكذلك التلف والسلع الصالحة ارتفعت أسعارها؛ بسَببِ التكاليف الإضافية نتيجة طول الإجراءات وتأخير دخول البواخر، أضف إلى ذلك حصر منافذ الدخول بميناء عدن، أَو البر بمنفذ الوديعة أَو شحن، وتوقيف نقل السلع والأدوية التي كانت تنقل عبر الجو إلى المطارات بما فيها الأدوية، وهذه كلها أثّرت على سلامة السلع الاستهلاكية، وارتفاع تكاليفها، وميناء الحديدة حُوِّلَ له جزءٌ من المساعدات وسلع القمح نتيجة وجود صوامع الغلال، وكان اضطرارياً هذا التحويل.
– ما الدور الذي تقدمه الجمعية في الرقابة على الأغذية والأدوية الفاسدة ومنتهية الصلاحية لا سِـيَّـما ونحن في ظل عدوان وحصار؟
الجمعية تقوم بدور بارز في هذا الجانب والمتمثل بالتوعية عبر وسائل الإعلام، كما أنها تتلقى البلاغاتِ والشكاوَى من المستهلكين وتقوم بمتابعتها لدى الجهات الحكومية المختصة، استناداً للقوانين النافذة، رغم انعدام أوجه الدعم الحكومي، وتوقفه نهائياً منذ العام 2014، كما تنفذ الجمعية الندوات وورشَ العمل المتعلقة بالغذاء والدواء، وتشارك فيها جميع الجهات المختصة وتتابع التوصيات للتنفيذ.
– لأكثرَ من مرة يعمد برنامج الغذاء العالمي لإدخَال مواد منتهية الصلاحية إلى بلادنا.. كيف تتعاملون مع هذه المواد؟
مع الأسف الشديد المنظمات الدولية وخَاصَّة برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية تقوم بالتعاقد على شراء مواد غذائية، أَو أدوية قريبة الانتهاء، ونتيجة التأخير في الموانئ والمنافذ الجمركية تنتهي، أَو أن وسائلَ النقل مخالفة للمواصفات الدولية للنقل البحري، وقد تم التخاطُبُ مع المنظمات الدولية بهذا الشأن، كما أُبلغوا رسميًّا من المنظمة الدولية للمستهلك، بأن يلتزموا بالمواصفات والمقاييس الدولية عند الشراء للسلع الغذائية والدوائية، بناءً على مذكرات من الجمعية وكانت الجمعية أول جهة تقوم بفضح وكشف السلع المنتهية التي توزع من قبل هذه المنظمات، والآن الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس تقوم بدورها وفقاً لإمْكَانياتها الفنية بمراقبة وفحص السلع التي تصل عبر هذه المنظمات، وتعيد أَو تتلف المنتهي الصلاحية والمخالف للمواصفات، وهناك إشكالية داخلية تتعلق بإجراءات التخزين للسلع الغذائية التابعة لبرنامج الغذاء فيتم تخزينها بمخازن غير مهيأة لتخزين المواد الغذائية ولا تتوفر فيها الاشتراطات الفنية لتخزين وسلامة الغذاء وهذا يعرض هذه السلع الاستهلاكية الغذائية أَو الدوائية للتلف.
– جمعية حماية المستهلك أكّـدت في بيان سابق تأييدَها لمواقف الغُرَف التجارية ضد قرار رفع سعر الدولار الجمركي.. كيف تنظرون إلى هذا القرار وتأثيراته على المستهلك اليمني في الشمال والجنوب؟
لقد اتُّخذ القرار بدون دراسة للآثار التي ستلحق بالمستهلكين في جنوب وشمال الوطن، نتيجةَ هذا القرار الخاطئ والذي لم يراعِ الوضعَ الاقتصادي والاجتماعي والقدرة الشرائية للمستهلكين، حَيثُ سيضيف عبئاً جديدًا على أسعار السلع والخدمات في عموم اليمن، والتي هي مرتفعة أصلاً نتيجة تدهور قيمة الريال أمام الدولار والعملات الأجنبية والتي تجاوز 300 % في المحافظات التي تحت إدارة حكومة الإنقاذ الوطني و500 % في المحافظات المحتلّة الجنوبية والشرقية، والجمعية أمام هذا الوضع الذي سيؤثر على المستهلك أصدرت بياناً بالمطالبة بإلغاء القرار، وَأَيْـضاً تأييداً لبيان غرفة تجارة وصناعة عدن وكذلك بقية الغرف التجارية والاتّحاد العام.
– كيف أسهمت الجمعيةُ في رفع مستوى الوعي لدى المستهلكين اليمنيين، ولا سيما في مسألة الفوائد الصحية للخبز المركب مقارنة بالخبز الأبيض؟
لا يزالُ دورُ الجمعية محدوداً جِـدًّا؛ لعدم تفاعل الجهات المختصة بتمويل البرامج التوعوية التي قدمتها الجمعية لتوعية المستهلكين في الإقبال على شراء الخبز الأسمر الذي يتكون من دقيق القمح الكامل، أما الخبزُ المركَّبُ من مجموعة من المدخلات فهو محدود جداً؛ لأَنَّ هذا يتطلب وضع خطة شاملة بتوفير مدخلات الإنتاج للمخابز والأفران التي سيتم تحديدُها لإنتاج الخبز المركب من مجموعة من الحبوب مثل القمح الشعير الدخن الذرة وهي غير موجودة حتى الآن، كما أن حَثَّ المستهلك يتطلب برامجَ توعوية مكثّـفة لإقناعه باستهلاك مثل هذه المنتجات لفوائدها الصحية المتعددة.
– ما هي الصعوبات التي تواجهُ الجمعية في أداء مهامها التوعوية والرقابية؟
هناك العديدُ من الصعوبات يأتي في مقدمتها عدمُ توفر الموارد المالية والدعم الحكومي لبرامج وأنشطة الجمعية وكذلك المصاريف التشغيلية.
الجانب الثاني عدمُ تعاون الأجهزة الإعلامية الرسمية على نشر وبث التوعية التي تقوم الجمعية بإعدادها، وعدم تفاعلها الكامل مع ما تطرحُه الجمعية، وتعتبر أن الجمعية تقوم بدورها وهذا غير صحيح، فالجمعية مكملةٌ لدور الدولة وهي تتواجد بقوة عندما تغيب الأجهزة الحكومية عن أداءِ دورها بحماية المواطن.
– قضيةُ التلاعب بالأسعار، قضية الغش، قضية الاحتكار ماذا عملت الجمعية بهذا الخصوص من ضبط المخالفين وتوعية المستهلكين؟
الغِشُّ والاحتكارُ والتلاعُبُ بالأسعار والوزان من القضايا التي وُجدت مع وجود الإنسان عبر الأزمنة، ولكنها تختلف من مرحلة لمرحلة، وتتطور مع تطور العلم وتزدهر عند انكماش الدور الرسمي الرقابي المتعدد والذي لم يطور نفسه مع تطور وسائل الغش والتقليد والتطفيف.
وكان للجمعية دورٌ بارزٌ في الكشف عن الكثير من قضايا الغش والتقليد والتطفيف كما نظمت العديد من الندوات وورش العمل منذ تأسست الجمعية، واعتبرت هذه القضية من أهم القضايا التي تتابعها الجمعيةُ وتنسق مع الجهات المختلفة للحد منها، والتي تتوسع وتنتشر كالسرطان في الاقتصاد الوطني وضررها يلحق باقتصاد وصحة المستهلك الضرر الكبير.
– مَـا هِي برامجُ الجمعية التوعوية؟ وما مدى التنسيق بينكم والجهات المختصة فيما يتصل بتوحيد الرسائل التوعوية، وكذلك ضبط سلامة وصحة ما ظهر في السوق؟
الجمعية نوعت وسائلَ وقضايا التوعية ولم تقتصر على الجانب الغذائي؛ لأَنَّ هناك قضايا مهمةً جِـدًّا ولم تتطرق إليها أيةُ جهة مثل التوعية الرقمية، والجرائم الإلكترونية، والاستخدام الأمثل للإنترنت وغيرها من القضايا الجديدة التي انتشرت وتوسعت في إطار التكنولوجيا الرقمية، وكذلك الغش والتقليد في التجارة الإلكترونية والتي أصبحت تشكل رقماً كَبيراً في التجارة العالمية، أضف إلى ذلك السلع الاستهلاكية الأُخرى كمواد البناء وغيرها، إضافة إلى الخدمات المالية الإلكترونية، وهناك تنسيقٌ مع بعض الجهات المهتمة وهي تقوم بتغطية تكاليف البرامج التوعوية التي تعدها الجمعية ولكن هناك صعوبة في التمويل الكامل لمثل هذه البرامج، كما أن عدمَ تفاعل وسائل الإعلام، ونشر هذه البرامج يشكل عائقاً لتوعية المجتمع، وإيصال الرسالة الإعلامية لكافة المستهلكين في عموم اليمن رغم وجود قانون حماية المستهلك، ويلزم هذه الجهات الإعلامية الرسمية بنشر البرامج التوعوية مجاناً، إلَّا أن التفاعُلَ غيرُ موجود.
– كلمة أخيرة؟
أرجو من وسائل الإعلام التعاوُنَ مع الجمعية، ونشرَ وبَثَّ البرامج التوعوية التي تعدها الجمعية؛ بهَدفِ تعزيز ورفع مستوى وعي وثقافة المواطن الاستهلاكية؛ ليتمكّن من المساهمة في حماية نفسه من الانتهاكات التي يتعرض لها في كافة المجالات المختلفة.