أمريكا هُزمت ــ لا لم تهزَم!
د. مهيوب الحسام
خرجت أمريكا بجيشها وقواتها من أفغانستان وتركت مرتزِقتها في كابل، فمنهم من رمت به عجلاتُ طائراتها في المطار، ومنهم من فر، ومنهم من ينتظر، وهذه هي الحقيقة التي لا يستطيع أحدٌ إنكارها أَو التغطية عليها، ومنهم من تم نقلُه لطاجيكستان، ومنهم من نقل إلى الأردن والسعوديّة ودول عربية أُخرى، والبعض إلى كندا وغيرها، ورفضت أمريكا استقبالهم، واعتبرت التخلي عنهم أفضلَ مكافأةً منها لهم على نهاية الخدمة وهذه حقيقة أُخرى.
ومن شدة هلع أمريكا أنها أخذت كبارَ ضباطها وخبرائها وقادة جيشها كدفعة أولى وتركت بقية جنودها وطاقم سفارتها الأقل أهميّةً لنقلهم لاحقاً، وخلفت وراءَها معداتٍ عسكريةً وعدداً كبيراً من دباباتها ومدرعاتها وطائرات حربية وقطعاً من الأسلحة تكفي لهزيمتها مرتين لو عادت وخلال أشهر، وفقدت أمريكا هيبتها وسمعة جيشها وأسلحتها وانتهت قوتها، أقلها في أفغانستان، وبثوانٍ معدودة ذاب جيش قوامه 400 ألف تقريبًا أعدته أمريكا خلال20 عاماً وهربت سلطتها، وما حصل لأمريكا من انهيار وهزيمة بهذه السرعة في هذا البلد لم يحصل للاتّحاد السوفيتي.
هذه حقائق حدثت واقعًا وتعترف بها أمريكا وتأتي أدواتُ أمريكا وكياناتُها العربية والأعرابية ومن قلق تعيشُه لتنكرها أَو تقلل منها ومن وَقْعِها وأثرها، أَو تشكك فيها أَو تذهب لتبريرها وردِّها لاتّفاق الدوحة، أَو محاولة قلب الهزيمة لنصر أمريكي، والأحداث وسيرها واضحة يدركها كُـلُّ حر لا يتبع أمريكا، وفيها يتجلى الحقُّ بكل وضوح والباطل بكل وضوح، وَإذَا ما سألت: هل ما حدث نصرٌ لأمريكا أم هزيمة? وباستبعاد المحايدين ستجد فئتين بإجابتين فقط هما:
الإجَابَة الأولى: لا لم تهزم، وهذه تجدها عند من يؤمن بأمريكا ويظنها رباً وإلهاً من دون الله وأنها قوةٌ وقدرٌ محتومٌ على كُـلّ الشعوب، تأمر فتطاع، وأنها على كُـلّ شيء قدير، وأن كُـلّ من يخالفُها أَو يقرّر مواجهتها فهو هالك، وهؤلاء لا يقرون بهزيمتها في أفغانستان ولا في غيرها “دي أمريكا يا وله”، وهذا الفريق له أسبابُه التي تعود لثقافة سادت وأفكار تم تسويقُها تستندُ معظمُها لثقافة اللا وعي متأثرة بثقافة أفلام هوليود وإعلام أمريكا الذي يتحدث عن قوتها دون وعي ولا إدراك.
وهؤلاء هم من يسوِّقون بأن إيران أشدُّ خطراً من أمريكا وإسرائيل على الإسلام والمسلمين، وهي مسلمة والداعم الأول للمقاومة الإسلامية في وجه الاحتلال.
يقولونها وهم يقفون بصفِّ أمريكا وإسرائيل في عدوانهم على الأُمَّــة، ويعتدون على الشعب اليمني ويقتلونه؛ بذريعة وجود إيران في اليمن.
أما الإجَابَة الثانية: نعم هزمت أمريكا، وهذه تجدها عند كُـلّ إنسان حر شريف في هذه الأُمَّــة، يؤمن بالله رباً ويكفر بأمريكا وإسرائيل ولا يتولاهما، يقولها كحقيقة واقعة، نعم هُزمت أمريكا في أفغانستان وهي في طريقها للهزيمة في كُـلّ أقطار الأُمَّــة التي دخلتها من العراق إلى سوريا واليمن… إلخ، يقولها وهو مستعينٌ بالله يواجهُ أمريكا ويحقّقُ الانتصاراتِ عليها وعلى كياناتها وأدواتها التنفيذية، ويعي جيِّدًا أن أمريكا لم تحقّقْ أياً من أهداف عدوانها وغزوها واحتلالها لأفغانستان.